- الشطي: من دون الشراكة المجتمعية الدولة عاجزة عن تحقيق النجاحات والخطط الإستراتيجية
- الحيدر: على المهتمين بالعمل التطوعي الاستشارة من أهل الخبرة من الجمعيات أوالمؤسسات
- الخالدي: العمل التطوعي يظهر قوة المجتمع وتماسكه كثمرة من ثمرات الأخوة الإسلامية
- خالد: 15 ألف متطوع و50 ألفاَ سجلوا على روابط الدفاع المدني والحملة الوطنية لفزعة الكويت
- الكندري: مساندة مؤسسات الدولة في مكافحة «كورونا» بطريقة منظمة تدل على الترابط في مواجهة الكوارث
- العصيمي: يجب ألّا يراد بالعمل التطوعي السمعة والمدح والوجاهة لأنه عمل عبادي
ليلى الشافعي
فعل الخيرات وقت الأزمات أعظم القربات الى الله تعالى، والعمل التطوعي اغاثة انسانية مجانية تقدم لوجه الله، وهو مظهر للتكافل الاجتماعي الذي حث عليه الاسلام، وقد جُبل اهل الكويت على عمل الخير في كل وقت والتطوع في كل مجال يخدم الوطن، واعتبروه دينا للوطن في رقاب الجميع يسترده في اوقات الأزمات والمحن، وكانت جائحة فيروس كورونا اكبر دليل في مسارعة الشباب والرجال والنساء للمشاركة في التطوع ومساعدة المحتاجين بالتكاتف مع رجال الأمن والشؤون والجمعيات الخيرية.. حول اهمية العمل التطوعي الذي ابرز لنا معدن الشعب الكويتي، كان لنا هذا الاستطلاع: في البداية، يقول المدير التنفيذي لاتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية عبدالله الحيدر ان العمل التطوعي حث عليه كتاب الله العزيز وسُنة الحبيب صلى الله عليه وسلم بالتعاون والتكاتف، وكثير من الآيات ترشد للخير والتعاون على البر والتقوى، قال صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد»، لهذا فإن التعاون والتكاتف وخدمة الناس وتفريج الهموم والسعي على الارملة والمسكين دون مقابل فرصة ثمينة اذا صلحت النية وطلب الأجر من الله سبحانه وتعالى، وهذا جانب، اما الجانب الآخر فهو موضوع التطوع، وهو تسليط الضوء على واقع العمل التطوعي في الكويت منذ السبعينيات الى اليوم، فهو بالفعل في نمو وتنام، وتشهد الجهات الخيرية تسجيل الفرق التطوعية وكذلك انشاء مركز العمل التطوعي وتنظيم الفرق التطوعية عبر وزارة الشؤون، ولا أبالغ ان قلت إن اعداد الفرق التطوعية وصلت الى نحو 15 الف فرقة تطوعية، سواء من الرجال او النساء او الشباب او الكبار او حتى الصغار، وهذا يدل على تأصل فعل الخير في نفوس الشعب الكويتي، بل شاهدنا جاليات ومقيمين شرفاء شاركوا في اعمال التطوع عبر الأزمة التي نعيشها اليوم من فيروس كورونا.
وطالب الحيدر كل من يهتم بالعمل التطوعي تأكيد أهمية التدريب والاستشارة المباشرة من اهل الخبرة من جمعيات قديمة او مؤسسات غير ربحية لأجل احتضان العمل التطوعي وترشيده والاستفادة المثلى من هذه الفرق.
أجلّ الأعمال
ويضيف د.محمد الشطي: العمل التطوعي عبادة عظمى ومن القربات الجميلة التي يدخل فيها المسلم السرور على أخيه المسلم، بل شجع عليها الإسلام وحث عليها وهي من شكر النعمة التي أوجب الإسلام شكرها وبذلها لأصحابها وهي من أجل زكاة البدن والشكر الحقيقي هو ما اجتمع فيه قول اللسان وعمل الجوارح بكفها عن معصية الله وبذلها في طاعته (اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور) ومن أبرز الأعمال التي ينبغي ان يبذلها المسلم وقت نزول الأمراض وانتشار الأوبئة هو العمل التطوعي، لما فيه من بذل الخير للمحتاجين وإعطاء زكاة الجسد من أصحاب القوة للضعفاء وتقديم المعروف للمساكين والإحسان للأرملة واليتيم، وقد اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بالأعمال التطوعية، ومن تلك الصور العمل التطوعي الذي رغب به الإسلام في الأحاديث الشريفة وحث عليه ورفع شأنه ولو كان في أعين الناس حقيرا.
وبين الشطي ان الإسلام نظر للعمل التطوعي على انه من أجل الأعمال التي يتقرب بها المسلم الى الله تعالى لأنه يبتغي بها وجهه تعالى لا يطلب عليها أجرا ولا مالا، قال تعالى: (وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين)، بل هي من المقومات الأساسية لنجاح أي عمل في المجتمعات الإسلامية وهو ما يتميز بها الإسلام عن غيره من الديانات التي تعودت على طلب الحياة المادية، ولذا تجد المؤسسة الناجحة اليوم هي التي تربي أعضاءها على خلق العمل التطوعي وهذا لا يمنع من تكريم أصحابها بعد انتهاء العمل. ولذا ينبغي على الدول ان تشجع مواطنيها ومقيميها على العمل التطوعي لأن من أسباب نجاح الدولة هي الشراكة المجتمعية وبدونها تكون عاجزة عن تحقيق النجاحات والطموحات والخطط الاستراتيجية التي ترسمها الدول المتقدمة.
صمام أمان
ويرى المتحدث الإعلامي للحملة الوطنية للجمعيات الخيرية ـ فزعة الكويت ورئيس مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني فنار، د.خالد الشطي ان العمل التطوعي ظاهرة ايجابية برزت بشكل واضح وكبير في مكافحة فيروس كورونا، وقدم المتطوعون الكثير من المقترحات والمبادرات والمساهمات من خلال مشاركتهم في العمل مع الفرق التطوعية والجمعيات والمبرات بما يقارب الـ15000 متطوع، كما تم تسجيل ما يقارب الـ 50 ألف راغب في التطوع على روابط إلكترونية للدفاع المدني والحملة الوطنية لفزعة الكويت.
مؤكدا ان العمل التطوعي صمام امان للمجتمعات، وقد شكر سمو الأمير المتطوعين في خطاباته الثلاثة أثناء أزمة كورونا وأثنى على جهودهم. وأشار د.الشطي الى ان الإسلام دين البذل والتطوع يدعو المسلمين للتطوع في كل مجالات العطاء، من خلال آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وقد كانت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مليئة بالتطوع، وقد تبعه الصحابة الكرام ومن تبعهم الى يومنا هذا، كما ان تاريخ المسلمين مليء بالتطوع والعطاء.
قال تعالى: (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم)، وأشار الشطي الى ان المتطوعين يقومون بتجهيز السلات الغذائية وتوصيلها للأسر المحتاجة والعمالة المتضررة، وكذلك على المراكز والمحاجر والمستشفيات والمراكز لتقديم الخدمة للمرضى.
قيمة الإيثار
ويقول رئيس مجلس إدارة مبرة الكنادرة الخيرية ابراهيم محمد الكندري: كما تعلمون لقد ساند العمل التطوعي بقوة مؤسسات الدولة في مكافحة جائحة كورونا بطريقة منظمة تدل على الترابط والاستجابة السريعة في مواجهة الكوارث، وكما ان الإنجازات التي قدمها القائمون بالعمل التطوعي سريعة والسبب في ذلك لأنهم يملكون القرار السريع في تقديم الدعم المناسب لعدم وجود التعقيد الروتيني والضوابط التي تحكم المؤسسات الحكومية، والإصابات التي حدثت في صفوف المتطوعين من خلال الاعمال التي كانوا يشاركون بها لم تثن من عزائم الآخرين، بل زادتهم اصرارا على تقديم اقصى ما يمكنهم في مكافحة جائحة كورونا.
ولفت الى ان العمل التطوعي عمق وأكد لدى الجميع تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وهذا ما يؤكد النظرة الاسلامية من خلال قوله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). وأكد الكندري أن العمل التطوعي عزز من قيمة الإيثار في نفوس الجميع.
تظهر فيه ثمرات الأخوة
وعن نظرة الشرع للعمل التطوعي، يقول الشيخ خالد الخالدي: رسخ ديننا الحنيف مبدأ الاخوة الاسلامية في مواضع كثيرة من نصوص الوحيين كتابا وسنة منها قوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) وأمر بتقوية أواصر هذه الرابطة فقال نبينا صلى الله عليه وسلم: «وكونوا عباد الله إخوانا».
ولا شك ان من اعظم حقوق هذه الاخوة ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، ولعل من أبرز تجليات هذا التواد والتراحم والتعاطف العمل التطوعي، تلكم الصورة المشرفة التي حثّ عليها ديننا الحنيف في قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) وفي قول نبينا صلى الله عليه وسلم «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة».
ففي هذين النصين وغيرهما من نصوص الوحيين حث على فعل الخير والمشاركة فيه، من خلال صوره الكثيرة التي جاءت الشريعة الإسلامية ببيانها مرتبة لفاعلها الاجر العظيم والثواب الجزيل من المولى تبارك وتعالى.
وطالب الخالدي المتلبس بهذه الطاعة العظيمة ان يخلص عمله لله تبارك وتعالى وأن يحتسب الاجر منه عزّ وجلّ، وأن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» فمن قصد بعمله وجه الله وقع أجره على الله ومن قصد الدنيا فهي حظه. وأكد أن في العمل التطوعي تبرز استفادة كل فرد من خبرات الآخرين وتجاربهم في مجالات الحياة المختلفة وتظهر قوة المجتمع وتماسكه كثمرة من ثمرات الاخوة الاسلامية، فما احوجنا اليوم لمعرفة قيمة العمل التطوعي والقيام به على الوجه الذي ارادته منا الشريعة الغراء حتى تتحقق السعادة والسكينة والطمأنينة للفرد والمجتمع.
من أبواب الخير
ويضيف د.محمد ضاوي العصيمي مؤكدا ان العمل التطوعي من توفيق الله عزّ وجلّ للإنسان أن يختاره ويصطفيه لنفع إخوانه يقول النبي صلى الله عليه وسلم «من استطاع منكم ان ينفع اخاه فليفعل»، وكان بعض السلف يقولون «ان فضل الله عليك حاجة الناس إليك»، ولذلك الإنسان يستطيع أن يعيش في هذه الدنيا على هامش الحياة لا يقدم ولا يؤخر ولكن الإنسان صاحب الهمة لا يقبل لنفسه ان يكون كذلك، بل نجده على ابواب الخير شافعا لمن اراد الشفاعة منفعا لمن كان محتاجا، معينا لإخوانه بالمشورة بوضع يده في ايديهم ببذل وقته في سبيل نفع الناس، ولا شك ان هذا داخل في النفع المتعدي وبين د.العصيمي ان الاعمال الصالحة تنقسم الى قسمين: قسم نفعه قاصر على الانسان، مثل الانسان الذي يصلي ويصوم ويقرأ القرآن وهذا مندوب، وقسم النفع المتعدي اي نفعه يعم الناس جميعا ولا يكتفي بنفسه فقط، وهذا افضل من القسم الأول، وهذا يدخل في العمل التطوعي.
أمور مهمة
وأشار د.العصيمي الى امور يجب ان ينتبه إليها من اراد ان يعمل في العمل التطوعي وهي: الامر الأول الاخلاص لله عز وجل ولا يريد به الوجاهة والسمعة والمدح لأنها عبادة.
والأمر الثاني: ان يتحمل ما قد يجده من اذى الناس فقد يسمع كلمة هنا او يختلط بمن عشرته صعبة او تصرفه فيه قسوة، وعلى الانسان ألا يضع امام عينيه رضا الآخرين، وإنما يريد رضا الله سبحانه وتعالى وهذا يجعله يتحمل اي صعاب. أما الامر الثاني فهو إتقان العمل، وهذا من الامور المهمة التي يجب ان يحرص الانسان عليها «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه».