آلاء خليفة
اكد استاذ القانون العام بكلية الحقوق د.محمد الفيلي ان هناك امورا يجب ان تناقش في قانون المرئي والمسموع حتى لا نقع في فخ الشجرة التي تخفي الغاب، مؤكدا ان الديموقراطية لا تعني فقط مجلسا منتخبا وانما سيادة الامة تكون بالتعبير عنها من خلال المشاركة الشعبية واداتها الاولى هي حرية التعبير ومقوماتها مثل الحصول على المعلومة. جاء كلام د.الفيلي خلال ندوة «الخطاب السياسي في ظل قانون المرئي والمسموع» التي نظمها قسم العلوم السياسية كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت تحت رعاية عميد الكلية د.عبدالرضا اسيري وادارتها استاذة العلوم السياسية د.هيلة المكيمي بالقاعة الدولية ظهر امس. وقال د.الفيلي: ان الدستور الكويتي يقرر في المادتين 36 و37 ان حرية التعبير قابلة للتنظيم بل لا يمكن للحرية ان توجد دون ان تكون هناك قابلية لتنظيمها فان لم تنظم سنقع في المحظور موضحا ان الهدف من التنظيم هو ممارسة الحرية باقل الخسائر الممكنة.
واضاف ان قانون المرئي والمسموع حديث نسبيا وقد وضع بعد قانون المطبوعات ويقوم على فكرة الترخيص الاداري المسبق مشيرا الى ان هذا النظام مستخدم في عدة دول للتعامل مع بعض الحريات التي لها اثار لا يمكن اصلاحها. وأوضح د.الفيلي ان الحريات العامة في بلاد العالم الثالث ينظر لها على انها تؤدي لاخطار صعب اصلاحها وبالتالي يستخدم نظام الترخيص المسبق.
ومن جانب آخر اشار الى ان المشرع اخذ بفكرة شفافية المؤسسة الاعلامية سواء الصحافة او المرئي او المسموع امام جهة الادارة فالادارة تملك الرقابة على تمويل المؤسسة وعلى اسلوب أدائها، موضحا ان الرقابة على الجانب المالي لم تطبق حتى الآن. وشدد على ان الشفافية المالية والادارية يجب ان تكون لمصلحة الجمهور لافتا الى ان المؤسسات الاعلامية حتى الان تعتبر اقل شفافية امام الجمهور. كما اوضح د.الفيلي ان المشرع حدد مسائل يعتبر النشر فيها خروجا عن اطار الحرية الى اطار الجريمة، لافتا الى ان المسائل التي حددها المشرع في المادة 11 ليست قليلة وتجعلنا نتساءل هل المشرع يبالغ؟ ولفت د.الفيلي الى ان المشرع وضع جزاءات بعضها مقر في قانون المرئي والمسموع وبعضها مقر في قوانين اخرى، مؤكدا ان قانون المرئي والمسموع يضع عقوبات ليست هينة بالاضافة الى الحق في التعويض المدني والسجن لمدة سنة وتعطيل الترخيص لمدة لا تزيد على عام بحكم قضائي او إلغاء الترخيص.
ومن ناحيته تساءل المحامي والناشط السياسي محمد الدلال عن الدراسات العلمية التي تتحدث عن طبيعة المجتمع والمتغيرات التي حدثت فيه والظروف والعوامل التي تؤثر به فالمجتمع تحول من مجتمع مغلق لمتفتح وعدد السكان زاد بشكل ملحوظ وهناك حالة من عدم الاستقرار السياسي وحريات اعلامية اكبر موضحا ان هناك تراجعا في الذوق العام في المجتمع. واكد الدلال ان الخطاب السياسي الحالي يفتقر الى العقلانية نتيجة القذف العشوائي والجرعة الزائدة في الحياة السياسية. ولفت الدلال الى انه قبل صدور قانون المرئي والمسموع عام 2007 كان هناك حظر للاعلام وكان تفكير الدولة حينها هو المنع لتلك الحريات تخوفا من المشاكل وانتشار فساد لا يمكن السيطرة عليه ولكن القانون جاء واعطى مساحة من الحرية. لافتا الى ان قيمة الحرية حاليا في حياتنا متراجعة بشكل كبير وعلى عدة مستويات.
واختصر الدلال الازمات التي تواجه قانون المرئي والمسموع حاليا في 4 ازمات، وهما ازمة ضبط النصوص القانونية الموجودة في القانون والاشكالية في عمومية العبارات فهناك عبارات تحتاج الى تفسير وتوضيح والى اجتهاد قانوني ودستوري وقضائي وتشريعي موضحا ان هناك بعض التلميحات التي خرجت من مسؤولين في بداية دور انعقاد مجلس الامة الحالي التي تؤكد احتمالية اجراء تعديلات على القانون. وازمة استغلال خاطئ لمفهوم الحرية والتي توجد بالجانب السياسي اكثر من القانوني وحالة عدم استقرار سياسي ادت لحالة توظيف سلبي للوسائل الاعلامية بما خلق مشكلة اساءت لمجتمعاتنا ولتجربتنا الديموقراطية.
بالاضافة الى ازمة ادارة، قائلا: فنحن لدينا قانون ولكن لا توجد ادارة سليمة قادرة على تطبيق القانون بالشكل الامثل بالاضافة الى مشكلة الانتقائية في الوقت والتغاضي عن سلبيات كثيرة.
واشار الدلال الى ازمة القيم موضحا ان هناك ازمة قيم بالمجتمع تتعلق بالخلافات السياسية وهناك تراجع في القيام.
ومن ناحيتها اكدت استاذة العلوم السياسية ومقررة اللجنة الثقافية في قسم العلوم السياسية د.هيلة المكيمي على ان موضوع الحريات اثار الكثير من التساؤلات لاسيما ونحن في مستهل دور الانعقاد لمجلس الامة وشاهدنا في اولى الجلسات حالة من التراشق الاعلامي الذي يفرض علينا جملة من الاسئلة حول ماهية الحرية وهي الحرية تعني تبادل السب والقذف ام ان يكون النقد في الاطار المقبول البعيد عن التجريح وحفظ كرامة وحقوق الآخرين.