سعد العجمي
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح ان المحبة لا تتأصل بين الشعوب الا بالانفتاح على ثقافة الآخرين وتوفير فرص ومجالات التعامل معهم. جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الدولي تحت عنوان «التواصل الحضاري العالمي الهند وايران نموذج»، الذي نظمته كلية الآداب بجامعة الكويت بحضور مدير الجامعة د.عبدالله الفهيد وعميدة كلية الآداب د.ميمونة الصباح، ورئيسة لجنة الام المثالية الشيخة فريحة الاحمد ومحافظ حولي عبدالله الفارس وعبدالعزيز البابطين، وعدد كبير من الباحثين والمفكرين من الهند وايران ومصر وعمان ولبنان.
وقال الشيخ د.محمد الصباح في كلمته موجها حديثه الى الحضور من الباحثين والعلماء:
ان عيون العالم تتطلع اليكم وتستمع بتقدير واهتمام الى ابحاثكم ودراساتكم واستشرافكم لطلائع مستقبل يحتم على سكان هذا الكوكب أن يدركوا انهم رفقاء سفينة واحدة لا سبيل لنجاة من فيها الا بالمحبة، والتعاون، والجهد المشترك في مواجهة نذر تغيرات كبرى يتعرض لها كوكبنا، والمحبة لا تتأصل بين الشعوب الا بالانفتاح على ثقافة الآخرين وتوفير فرص ومجالات التعامل معهم، وتقبل التنوع والتماس الجسور المشتركة للحياة في عالم تتكامل قدراته وامكاناته مؤمنين بأن التعاون الحق لا يستمر الا اذا حمل أهل الفكر والثقافة مشاعل تضيء للاجيال جوانب الخير في حياة الآخرين وثقافتهم، ونمط حياتهم.
واضاف: أنتم ايها الباحثون المتخصصون حملة هذه المشاعل أضيئوا بالمعرفة والبحث مواطن الالتقاء وسبل العمل المشترك امام عالم جديد يؤمن ان نجاته في تواصله، وتقدمه في تعاونه، وازدهاره في تلاحم قدرات سكانه وجهودهم. وأولى هؤلاء جميعا باللقاء من جمع بيننا وبينهم تاريخ ممتد وفي طليعتهم جمهورية الهند والجمهورية الايرانية الاسلامية.
وأكد الشيخ د.محمد الصباح ان الكويت تؤمن بأنها تدين فيما منحه الله اياها من خير لحرص اهلها على التواصل مع عالمها، فقد سعى ابناؤها منذ بواكير نشأة هذا الوطن واستقراره بالسفر والتجارة الى التفاعل مع العالم من حولها، فكانت رحلاتهم الى الهند وشرقي افريقيا، وانفتاحهم على جيرانهم في ايران والخليج، وانطلقت القوافل من ارض الكويت تقطع الجزيرة تضم القافلة الواحدة كما وصفها الطبيب البريطاني ادوارد ايفز الذي زار الكويت عام 1758، خمسة آلاف جمل محملة بالتجارة يحرسها ألف رجل تقطع الجزيرة في أمان وتبادل تجاري حتى تصل الى حلب.
وانعكس هذا النهج على حياة أهل الكويت ومجتمعهم، ففتحت ابواب الكويت للجميع على امتداد تاريخها، اذ يعيش على ارضها اليوم ابناء مئات من الجنسيات في سلام ووئام وحرية واطمئنان يضمهم مجتمع آمن بالسلام والتعاون، وعاشوا بالانفتاح والتفاعل مع الجميع، وقدمت الكويت بذلك تجربة حية متواضعة لثمار هذا النهج وأثره على تقدم المجتمع وازدهاره.
ومن ثم ألقى مدير جامعة الكويت د.عبدالله الفهيد كلمته على الحضور قال فيها: ان الجامعات التي اسندت اليها الامة مهمة اعداد الاجيال ليصنعوا لامتهم غدا خيرا من يومهم، وفرصا اكبر لحياة كريمة، وتواصلا رائدا مع حركة البحث العلمي ونتائجه ليقودوا حركة التجديد والتطوير في مجتمعاتهم، تتطلع بأمل واثق الى اجتماعكم وما تحملون من خبرات رائدة في شتى فروع المعرفة الانسانية لتكون لنا وقفة تحليل ودراسة لواقع الجامعات ومشكلاتها وسبل النهوض بمهمتها الحقيقية في اعداد انسان الابداع والتطوير والنهوض بمجتمعه ومواكبة عالمية وأولا واخيرا ايقاظ روح الخدمة العامة والتطوع في اجيال تعاني اليوم من الانعزال والعزوف عن العطاء، وقفة تدرس الحاضر وتستشرف المستقبل، وتحدد ادوار الجامعة، وتقدم من خلال تبادل الخبرات مخطط التحرك للتطوير والتجديد وسبل تحقيق التوزان بين بناء الفكر الاكاديمي الباحث المتسائل والروح الاجتماعية المقبلة على المشاركة والعطاء، ذلك التوازن الذي يحقق النهضة فيجدد الحاضر ويمد الجسور الى مستقبل افضل. ونحن اذ نتطلع الى حواركم حول هذه التساؤلات يذكر بعضنا بعضا ان الحاضر والمستقبل لا ينطلقان في رشد وسداد الا اذا منحا تراث الامة وقيمها واصالتها مكانها في كل حركة تجديد.
وقال الفهيد: تساؤلات كثيرة تنتظر حواركم وتتطلع الى مساهماتكم في ثقة ويقين ان هذه النخبة الرائدة قادرة باذن الله على ان تنير سبل التجديد وتدعم نهج التواصل، وتيسر انتقال الخبرات، وترسم مجالات التعاون المشترك وفق خطة مدروسة تضمن ان يكون هذا اللقاء بداية تقدم نموذجا رائدا للتعاون ينطلق من المجتمع وواقعه وحركته ويدور اولا وابدا حول الانسان في فكره، ومواهبه وقدراته وسبل اذكاء عطائه.
وليكن النموذج الذي اختاره هذا اللقاء والذي يركز على دولة الهند التي تواصلت الكويت معها عبر القرون ونهلت من خيرها وخبراتها، وسعدت على ارضها بأبنائها، ومع الجمهورية الايرانية الاسلامية الجارة الكريمة التي تربطها مع الكويت في ماضينا وحاضرنا اوثق الصلات والروابط، في علاقة حية نابضة بالخير والنفع المشترك، ليكن هذا النموذج بداية ومحورا لسعي يمتد بالخير الى سائر الدول في الطريق الى عالم يجمع بين سكانه ايمان بالتواصل والعمل المشترك وتبادل الخبرات ودعم جهود التنمية وسبيل اثرائها.
من جانبها، أكدت عميدة كلية الآداب د.ميمونة الصباح ان فكرة اللقاء نبعت من ايمان عميق بأن المعرفة الاساسية والخبرة وحصاد التقدم الفكري والاجتماعي والاقتصادي في كل موقع وقطر في عالما انما هو نتاج انساني ملك للبشرية كلها التي وهبها الله من تميزوا بهذه الرؤية الثاقبة للحاضر ومشكلاته والمستقبل وارهاصاته ومنحوا القدرة على التماس الحلول الفاعلة للمشكلات وابتكار السبل لبناء غد افضل.
صفحات الجامعة والتطبيقي في ملف ( pdf )