الملا: الشباب قادر على فعل المستحيل والكويت تنتظر منهم الكثير
دارين العلي
اكد مدير المعهد الديبلوماسي د.عبدالعزيز الشارخ ان الكويت تتوافر لها فرص غير مسبوقة لاطلاق مشروع تنموي شامل ينتقل بها الى عالم التقدم والازدهار على النحو الذي تطمح اليه قيادتها ويستحقه شعبها ولكنها في الوقت نفسه تواجه من التحديات الداخلية والخارجية ما يجعلها في حاجة ماسة لكل العطاء من قبل كل ابنائها، مستشهدا بما تضمنه الخطاب الأخير الذي وجهه صاحب السمو الامير الشيخ صباح الأحمد الى الشعب الكويتي بمناسبة العشر الأواخر من رمضان الذي يقدم تشخيصا عميقا للتحديات الداخلية التي تواجهها الكويت في الوقت الحاضر ومسؤولية جميع ابنائها في التصدي لها.
ولفت خلال حضوره في حفل تخرج 46 طالبا من قسم العلوم السياسية 2008/2009 مساء امس الاول بحضور عميد كلية العلوم الاجتماعية د.عبدالرضا اسيري والنائب صالح الملا واولياء الأمور واعضاء الهيئة التعليمية الى ان تحقيق الازدهار يتم عبر تحقيق النهوض بكل مناحي الحياة الوطنية، وبحيث تتحول الكويت مع هذا المشروع الى قيمة حضارية واقتصادية واخلاقية في هذه المنطقة، الأمر الذي سيؤدي الى تكريس كيانها وتعزيز منعتها، وسيكون لأي منكم ان يفاخر الاجيال القادمة اذا تمكن ان يقوم بدوره المرتقب في نهضة الكويت المنشودة.
واضاف: لقد ميز الوفاق الوطني العام تجربة الشعب الكويتي عبر القرون، ولقد اثبتت وقفة جميع ابناء الكويت صفا واحدا خلف قيادتهم الشرعية في مواجهة العدوان والاحتلال ان الوفاق الوطني هو ارث متجذر وخالد لدى هذا الشعب، وانه لواجب وطني على كل منا ان يصون هذا الارث النفيس، والا يفرط فيه ابدا، واذا كان التوافق الوطني يقتضي التمسك باساسيات الوحدة الوطنية فانه لا يحول دون وجود بعض التباين في الآراء والمواقف بين ابناء الوطن في ظل الديموقراطية وتوازن الحقوق، مشيرا الى انه يمكن لأي كان ان يختار اصدقاءه في الجامعة فانه لن يستطيع اختيار زملاء العمل، والذين هم في النهاية اخوانه وشركاؤه في شرف الانتماء لهذا الوطن، وعلى هذا الأساس لابد لكل منكم ان يتعامل مع زملاء العمل ومنذ اللحظة الأولى للقائه بهم في مكان العمل، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية التي يأتون منها، وبهذا فقط يتمكن كل منكم من المساهمة في تكريس اللحمة الوطنية، وافشال اي جهد شاذ يبذل من قبل اي كان للعبث بهذا الارث الثمين الذي خلفه لنا الآباء والاجداد.
وقال: أيها الأبناء، ليس من المبكر لاحد من الشباب ان يباشر في التفكر في الاوضاع والتحديات الخارجية التي تؤثر على الامن والاستقرار في المنطقة، وبالتالي على الأمن الوطني لبلادنا، فلا شك في ان ادراك المواطن لما يحيط ببلاده من تحديات تجعله اكثر احساسا باهمية وحدة الصف الوطني وضرورة حشد امكانيات البلاد وطاقات الشعب لدرء المخاطر عنها.
واشار الى بعض تلك الاوضاع والتحديات الخارجية المحيطة مثل الوضع في العراق حيث لم يتحقق له بعد الاستقرار التام الذي ينشده ونتمناه نحن له، والمواجهة بين ايران والمجتمع الدولي حول الملف النووي الايراني وامور اخرى، كالاخطار البيئية التي قد تترتب على بعض جوانب البرنامج النووي الايراني، والخلاف بين دولة الامارات وايران حول الجزر الاماراتية والارهاب الدولي وسعيه لزعزعة امن دول المنطقة والاضرار بمصالحها الحيوية، وامكانية حدوث تدهور خطير في اسعار النفط، الأمر الذي قد يفضي الى تصدع اقتصادي خطير، بكل تداعياته الاجتماعية والسياسية وبالتالي الامنية في مختلف دول المنطقة.
وتنامي حدة التنافس على مصادر الطاقة في حال استمرار تزايد الطلب على النفط مما قد يؤدي الى ان تصبح المنطقة بمخزونها النفطي الهائل بؤرة توتر دولي حول مصادر الطاقة وامنها، واستمرار الخلل في التركيبة السكانية في عموم دول مجلس التعاون بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والامنية وتفاقم الاخطار البيئية في المنطقة، والازمة المالية العالمية وتداعياتها المختلفة في العالم ودول المنطقة وقضية الشرق الاوسط وافغانستان والصومال وغيرها بتداعياتها الفعلية والكامنة بالنسبة لكل دول المنطقة.
ولفت الى ان الكويت تبذل كل جهد ممكن للمساهمة مع المجتمع الدولي لانتزاع فتيل هذه الازمات والعمل على حلها، فلقد آمنت الكويت ان امنها انما هو جزء من امن الاقليم المحيط بها، كما ادركت الكويت ان امنها الوطني يتأثر سلبا وايجابا بأمنها، واستقرارها الداخليين، ولقد مثلت هذه القناعات الأسس الراسخة التي استندت اليها سياسة الكويت الخارجية وبرامجها الداخلية.
واشار الى انه من الاسس التي تستند اليها سياسة الكويت الخارجية كذلك القناعة بأن السلام هو ليس غياب الحرب في منطقة ما فقط، انما هو الحالة التي تسود فيها القيم الشرعية الدولية والتعاون وحسن الجوار والتبادل الطبيعي للمصالح والتفاعل الايجابي بين شعوب المنطقة في مختلف المجالات.
ووضع امام الطلبة بعض العبر والملاحظات التي تكرست عبر تجربته العملية في الداخل والخارج قائلا: ان حب الكويت ليس فقط بالتغني بها والتمتع بخيراتها لكن بالعمل من اجلها، كما قال الرئيس الاميركي جون كينيدي «لا تسأل ماذا فعل بلدك من اجلك، لكن اسأل ماذا فعلت انت من اجله»، وان التمسك بمكارم الاخلاق هو واجب مستقر في اساس العقيدة الاسلامية، كما انه امر مفترض من ضمن الصفات التي تميز بها مجتمعنا عبر اجياله المتعاقبة، وما اود ان اضيفه هنا هو ان الالتزام بمكارم الاخلاق في مجال العمل هو بالتأكيد الخيار الاذكى الذي يقيك من مزالق السوء ويحفظ لك كرامتك وسلامك مع نفسك ومع الآخرين، ولا ننسى ابدا ان الله سبحانه وتعالى اكرم سيد البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالاضافة الى تحميله الرسالة الغراء ان وصفه بأنه (لعلى خلق عظيم).
وقال ان التفوق الحقيقي في العمل يأتي عن طريق التميز، والتميز يتطلب مواصلة العمل على تطوير الذات وتحصيل المهارات وتوسيع الثقافة العامة ومن ضمنها القدرات اللغوية، كما ان عنصري المبادرة المدروسة والمتابعة الحريصة في مجال العمل لأدق التفاصيل هي الطريق الامثل لاداء ما يوكل اليك من مهام في مجال عملك، وان الصبر وسعة الصدر والتمسك بالود والهدوء في تعاملك مع رفاق العمل والقبول بهم كما هم وليس كما تريدهم ان يكونوا عليه هي امور مطلوبة لعلاقة سليمة ومثمرة لك اولا ولبيئة العمل ثانيا.
واشار الى ان اقصر طريق للترقي (وفي منأى عن استخدام فساد الواسطة)، هو ان تحرص على ان تجعل نفسك مفيدا للمؤسسة التي تعمل بها ومقنعا لرؤسائك بالعمل الفعال والمتجرد، اضافة الى تجنب في كل الاحوال التذرع بأخطاء الآخرين لتبرر تقصيرك واخطاءك، ومن الواضح ان محاربة الفساد تتم بتجنبه لا بتكرار ممارسته، ان الشباب هم رمز البراءة والنقاء فلا تنضموا الى طوابير الفساد بل اعينوا بحسن سلوككم قيادة البلاد على اجتثاث الفساد اينما وجد والحذر من الكبر والغرور فهي اقصر الطرق الى الفشل، وعليكم ان تبرأوا من ثقافة الكره والانغلاق ومعاداة الآخر لمجرد انه آخر.
بدوره، هنأ النائب صالح الملا الخريجين شاكرا دعوته لحفل التخرج لكوكبة من الشباب الذين استطاعوا ان يفعلوا ما لم يفعله البرلمانيون في تغيير الخارطة الانتخابية وحجم الدوائر، متمنيا ان يصبح الشباب الخريجون من زملائه في العمل السياسي سواء في الحكومة أو مجلس الامة، وذلك لخدمة الوطن الواحد الكويت.
ولفت الى ان الشباب قادر على فعل المستحيل، مستشهدا بثورات الشباب في الصين وأوكرانيا وبولونيا ولبنان، مشددا على انه من الضروري ان نضع اليوم نصب أعيننا خدمة الكويت لأنها تتوقع منا الكثير وبأهلها فقط الكويت دائما اجمل.
من جانبه، وجه عميد الكلية د.عبدالرضا اسيري رسائل الى الخريجين الذين كانوا بالامس طلبة تؤرقهم الهموم الدراسية والحوادث اليومية داخل الجامعة ولكنهم اليوم باتوا على ابواب سوق العمل قائلا ان حب الوطن امانة، فالكويت اعطت لأبنائها الكثير وحب الوطن لن يقتصر على الشعارات والمناسبات الوطنية، وانما العمل الجاد والجهد الكبير ومسؤولية الشباب دعم هذا التوجه وهذه الرؤية.
وحض الشباب على المواطنة الصالحة لأن الانسان لا يحب وطنه فقط، بل يجب ان يقرن ذلك بالسلوك الحسن والتصرف السليم والاحترام للقوانين والنظم والالتزام باللوائح، وتوجه للخريجين قائلا: أنتم اصحاب رسالة وأنتم في تخصص متميز، فطلاب العلوم السياسية هم النخبة في كل مجال ولا تعني دراسة العلوم السياسية ان يكون جميع خريجها من السفراء أو الساسة، وانما تمكنهم من التكيف مع واقعهم في اي مكان حلوا، موجها التهنئة للطلبة وأولياء امورهم على الجهد المبذول لتحقيق النتائج الطيبة.
وألقت الخريجة افراح النويس كلمة شكر الى الاساتذة الذين لم يبخلوا بأي جهد لإنجاح الطلبة، وكذلك الشكر والامتنان الى من كانوا خير عون لجميع الطلبة وهم اولياء الامور، وكذلك ادارة الجامعة واعضاء هيئة التدريس.
كلمة الخريجين ألقتها الخريجة فاطمة الهاجري مرحبة بالجميع، معربة عن سرورها بتكليفها بالقاء الكلمة عن كوكبة من الخريجين، مشيرة الى ان المشاعر لا يمكن ان توصف، حيث تمر بلحظات ليست عادية، بل تتزاحم فيها المشاعر وتتشابك التعابير، حيث فرحة التخرج ودموع الفراق بعد سنوات مليئة بالذكريات التي ستبقى عالقة في الاذهان لأيام هي أجمل ايام الحياة.
وفي ختام الحفل تم توزيع الدروع التكريمية على اعضاء الهيئة التدريسية والشهادات على الخريجين.