- نناشد القضاة مراعاة المتغيرات الاجتماعية أثناء الفصل في قضايا الأحوال الشخصية
- أُفضِّل القضايـا الجزائية لأنهـا تتميز عـن غيرها بوجـوب المرافعـة الشفويـة
- أتمنى أن يكون لدى أبنائي الطموح الكافي لإكمال مسيرتي
- الإبعـاد الإداري عقوبة رادعـة لكل وافد تسوّل له نفسه ارتكاب جريمـة
- المحامي شاهين الشاهين له دور كبير في استمراري بالمهنة
- من ينجح في مهنة المحاماة فقد حقق إنجاز اً يفتخر بـه
- المحـامـي عليـه بــذل الجهد والعنايـة بالموكل وليس أن يأتي بحكم لصالحه
هو محام شاب ولكنك عندما تتحدث معه تراك أمام محام مخضرم من العهد القديم. فعلمه بالقانون ينم عن اطلاع واسع في هذا المجال، تراه يترافع فتتخيل أنك أمام واحد من أبرع المحامين في القضايا الجزائية والمدنية والإدارية، كما أن له باعا طويلا في القضايا التجارية. إننا اليوم نحاور من خلال هذا اللقاء المحامي الشاب عبدالعزيز الياقوت الذي أثرى المهنة بعلمه وثقافته القانونية الواسعة، فهو الذي يأخذ بالعقول عندما يتحدث عن القانون ويجعلك تعشق القانون والمحاماة عندما يتكلم عن المهنة، وأترك للقارئ الحكم عليه من خلال هذا اللقاء:
أرجو تعريف القارئ بالمحامي عبدالعزيز الياقوت؟
عبدالعزيز علي الياقوت خريج كلية الحقوق جامعة الكويت عام 2006 وأنا الآن أحضر رسالة الماجستير بجمهورية مصر العربية ـ جامعة طنطا، عضو جمعية المحامين الكويتية وعضو اتحاد المحامين العرب.
لا غنى عنها
كيف كان مشوارك مع المحاماة منذ التخرج حتى الآن؟
بعد حصولي على الإجازة الجامعية من كلية الحقوق توجهت إلى جمعية المحامين الكويتية للتسجيل فيها لممارسة المهنة حيث ان هذا القرار اتخذته مع نفسي لمزاولة المهنة حبا فيها ولكي أستمر فيها وليس كما يفعل البعض أن يقوم بالتسجيل بصفة مؤقتة حتى يبحث عن الوظيفة التي تناسبه.
وبدايات العمل كانت بمكتب الأستاذ شاهين الشاهين المحامي فهو من الناس الذين لهم دور كبير في استمراري بالمهنة وحبي لها فقد كنت أتدرب عنده في فترة الصيف عندما كنت طالبا بالكلية وهو من علمني فنون هذه المهنة وخطواتها الأساسية وكان معي بالمكتب زميلي بالكلية الأستاذ عبدالله العبيدلي فعملنا معا بمكتب الشاهين للمحاماة إلى أن جاء الوقت الذي اتخذنا فيه أنا وزميلي العبيدلي قرارا بأن نستقل معا ونفتح مكتبا خاصا بنا لمزاولة المهنة وهذا القرار كان قرارا صائبا.
ماذا تعني لك مهنة المحاماة؟
إن مهنة المحاماة تعني لي الكثير، فلا أستطيع الاستغناء عنها ولا أقارنها بأي مهنة أخرى في مجال القانون فهي تناسبني لأنها من أصعب المهن ولاسيما في وقتنا الحالي الذي برز فيه الكثير من الزملاء المحامين ومن ينجح فيها يعتبر قد حقق إنجازا يفتخر به، كما أن للمحاماة طابعا آخر فهي تختلف عن المهن الأخرى حيث انها تعتبر من المهن الحرة.
مصلحة الموكلين أولاً
حدثنا عن هموم المهنة وأبرز مشكلاتها؟
إن أصعب ما يعانيه المحامي هو أن وقته ليس ملكه وإنما هو ملك لغيره والهم الأكبر في هذه المهنة ان المحامي يقع على عاتقه مصلحة الموكل ويكون شغله الشاغل بذل قصارى جهده للحصول على نتيجة أفضل لموكله. وتنحصر مشكلات مهنة المحاماة في أن بعض الموكلين إرضاؤهم غاية لا تدرك بمعنى أن المحامي كل ما عليه هو بذل الجهد والعناية بالموكل وليس أن يأتي المحامي بحكم لصالحه فإن المحامي يبذل جهده والقضاء هو من يفصل في الدعوى وليس المحامي. وبعض الناس ينظرون لمهنة المحاماة على أنها مهنة يسعى من ورائها المحامي لكسب المال فقط ولا تهمه النتيجة وهذا غير صحيح فإن المحامي يهمه في المقام الأول تحقيق النتيجة وليس المادة، كما يظن البعض. ومن أبرز مشكلات المحاماة أن بعض المحامين قاموا ببيع هذه المهنة والإساءة لها عن طريق قيامهم بتضمين مكاتبهم لبعض الوافدين الذين يستغلون اسم المحامي لمزاولة المهنة داخل البلد، والغرض من وراء ذلك هو التجارة فقط وكسب المال حيث انهم لا يبذلون الجهد ولا يهتمون بمصلحة الموكل ويتفقون مع الموكلين على القضايا بأقل الأتعاب، والمجني عليه في النهاية هو الموكل.
وهناك مشاكل عديدة في وزارات ومؤسسات الدولة من الناحية الإدارية يجب إيجاد حلول لها لأنها تسبب عرقلة في العمل وتعطيل المصالح.
الإعلانات والتنفيذ
ما أبرز مشكلات التقاضي والمتقاضين؟
لا توجد مشكلات محددة للتقاضي. ويتضح من خلال الممارسة العملية أن أحد أهم هذه المشاكل البطء في الفصل في الدعاوى لاسيما بعض أنواع القضايا التي يحتاج أصحابها إلى سرعة الفصل فيها ومنها على سبيل المثال لا الحصر دعاوى الرؤية في قانون الأحوال الشخصية.
ومن أبرز مشاكل التقاضي وجود تقصير من الأجهزة المعاونة للقضاء ويبرز هذا بالنسبة لقسم الإعلانات حيث ان البطء في الإعلان يؤثر على سرعة الفصل في الدعاوى. وهناك أيضا مشكلة في تنفيذ الأحكام حيث ان بعض الموكلين يشكون دائما من البطء في إجراءات تنفيذ بعض الأحكام.
ما نوع القضايا التي تحب أن توكل إليك؟
ليس لدي أي نوع مفضل من القضايا لأن أي قضية تأتي إليّ أبذل فيها كل الجهد، ولا أفرق بين القضايا الصغيرة والكبيرة فالكل عندي سواء، ولا أميز أيضا بين موكل وآخر فإنهم عندي سواء، ولكن أحب أن أترافع في القضايا الجنائية لما فيها من تميز عن غيرها من القضايا في الحضور ولأنها تتطلب مرافعة شفوية، وهذه تميز المحامي المجتهد عن غيره.
الدفاع حق أصيل للمتهم
هل يمكن أن تترافع عن متهم وأنت تعلم أنه مرتكب للجريمة؟
إن مهنة المحاماة في الواقع يحق فيها للمحامي أن يدافع عن المتهمين في جميع أنواع القضايا لأن الدفاع حق أصيل للمتهم في القضايا الجزائية بالذات لأن المهنة قائمة على الدفاع عن الناس سواء كانوا جناة أو مجني عليهم. فالمحامي يمثل هذا الشخص أمام المحاكم لأنه من أهل الخبرة، ولكن يجب أن نفرق بين أمرين:
الأول: أنه يجب أن ننظر إلى ظروف المتهم وقت ارتكاب الجريمة والدوافع التي دفعته لارتكاب مثل هذا الجرم، ومثال على ذلك أن يكون المتهم قتل شخصا عن طريق الخطأ أو دفاعا عن النفس أو أن يكون الشخص مظلوما فإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة. فلا يجب أن ننظر إلى المتهم على أنه مجرم في كل الأحوال.
الثاني: قد يكون من ارتكب الجريمة في سن المراهقة أو أنه ارتكب فعلا ولم يدرك عواقبه ولكنه ندم على هذا الفعل وقرر الابتعاد عن هذا الطريق الخاطئ، ومثال ذلك تعاطي المخدرات والخمور، فيجب التفريق بين المتعاطي الذي يعتبر مريضا يحتاج إلى من يعالجه، والتاجر الذي يفسد المجتمع بكل أطيافه من أجل الحصول على المال الحرام.
فالمحامي في نهاية الأمر مخير في أن يتبنى القضية التي تعرض عليه ويدافع عن المتهم أو يرفضها لمبدأ شخصي أو ديني، كما أن المحكمة في القضايا الجزائية تنتدب للمتهم محاميا للدفاع عنه إذا لم يكن لديه محام.
ظاهرة إيجابية
هناك تزايد كبير في أعداد المحامين، فهل هذه ظاهرة إيجابية أم سلبية؟
هذا التزايد يعتبر طبيعيا لأن نسبة قبول طلبة كلية الحقوق بجامعة الكويت قد زادت في السنوات الأخيرة عما كانت في السابق، بالإضافة إلى أن هناك طلبة يتوجهون إلى بعض الدول العربية لدراسة الحقوق.
فكثير من هؤلاء الطلبة عند التخرج يقومون بالتسجيل في جمعية المحامين الكويتية لممارسة المهنة مؤقتا إلى أن يحصلوا على شهاداتهم لممارسة المهنة التي يطمحون إليها، ولكن قليلا منهم من يستمر في مهنة المحاماة لأنها تعتبر من المهن الشاقة ولا تناسب الكثيرين، وبالتالي تعتبر هذه الظاهرة إيجابية لأننا لو نظرنا إلى عدد المحامين الممارسين للمهنة في الكويت نجد أن النسبة لا تذكر بالمقارنة بعدد المواطنين والمقيمين وحجم القضايا الموجودة في البلد وبالتالي فهي نسبة وتناسب.
هل ترشح أبناءك لممارسة مهنة المحاماة؟
أتمنى أن يكون لدى أبنائي الطموح لأن يكملوا مسيرتي في هذه المهنة، لكن الذكور فقط منهم، أما الإناث فلا أنصح لهن بها لأنها تعتبر مهنة شاقة ومرهقة، ومن وجهة نظري لا تصلح للإناث مع أن هناك كثيرا من الزميلات في المهنة قد أثبتن جدارتهن فيها، وفى نهاية الأمر أنا لا أحب أن أتدخل في مستقبل أبنائي بل أسعى لأن يختار كل واحد منهم مستقبله بنفسه بشرط أن يكون طموحا كما فعل والدي رحمة الله عليه.
كثير من القصور
ما رأيك في قانون المحاماة الحالي؟
قانون المحاماة الحالي يعاني الكثير من التقصير في حق المهنة وممتهنيها، لذا أرى أنه يجب تعديل هذا القانون ولكن بعد دراسة وافية وأخذ رأي جميع الفئات العمرية التي تمارس مهنة المحاماة فعليا حتى نستطيع أن نخرج بأفضل تصور لقانون يحقق حماية المهنة وممتهنيها ويساعد المجتمع على تحقيق العدالة.
هل لديك تحفظات على قانون الأحوال الشخصية؟
أغلب نصوص قانون الأحوال الشخصية مستمد من الشريعة الإسلامية، لذا لا توجد تحفظات كثيرة إلا ما ترك منه لسلطة المحكمة التقديرية، وهنا نناشد القضاة مراعاة التغيرات الاجتماعية حولهم وضرورة الأخذ بعين الاعتبار بهذه التغيرات حال الفصل في مثل هذه الأمور.
ما رأيك في قانون المرافعات؟
قانون المرافعات الحالي جيد، وهناك دائما تعديلات تتواكب مع المتغيرات وتتناسب مع التطورات الحديثة وكلما وجد المشرع عيوبا في القوانين يجب أن يتصدى لها ويقوم بمعالجتها.
ذات طبيعة خاصة
ما تقييمك للدعاوى الإدارية بالكويت؟
الدعاوى الإدارية لها طبيعة خاصة، ومن وقت لآخر يظهر لنا نوع من الدعاوى يكون هو المسيطر على نوعية الدعاوى الإدارية، ولتمتع القضاة في الكويت بالحس القضائي العالي نجد أن هذا النوع من الدعاوى تحديدا يعد من أفضل أنواع الدعاوى التي يتم نظرها.
ما سلبيات وعيوب قانون المرئي والمسموع الجديد؟
إن سلبيات وعيوب هذا القانون تتمثل في تقييد حرية الرأي لأنها وضعت قيودا على حرية الإعلام بفرض عقوبات مادية كبيرة، وهذه العقوبات أدت إلى تحجيم الرأي خوفا من العقوبة وهذا أمر خطير يجب على الدولة أن تتداركه لأن حرية التعبير من مظاهر الديموقراطية التي تتمتع بها دولتنا الحبيبة.
مخالفة للشريعة
ما ملاحظاتك على قانون الجزاء الكويتي؟
قانون الجزاء الكويتي فيه قصور كبير في بعض مواده تحتاج إلى تعديلات مثل قانون المخدرات، والمادة الخاصة بقضايا الزنا والتي تقرر أنه في حال تنازل أحد المتهمين في قضية زنا، سواء كان الزوج أو الزوجة، تسقط الدعوى الجزائية في حق الطرف الآخر حتى وإن كان الزوج أو الزوجة الأخرى لم تتنازل عن الدعوى، وهذا مخالف للشريعة الإسلامية.
ماذا ترى في الإبعاد الإداري؟
الإبعاد الإداري يعتبر عقوبة رادعة لكل من تسول له نفسه من المقيمين لارتكاب جريمة، لأن وجوده في البلد يعتبر مصدر رزق له، كما أنه في بعض الحالات قد يدفع هذا الشخص الكثير من المال للدخول إلى البلاد ولكن هناك من يستخدم هذا الإجراء استخداما خاطئا للضغط على بعض العمال الضعفاء الذين وضعوا اقاماتهم في أيادي أناس لا يعرفون الرحمة، فيقومون بتهديدهم وابتزازهم ماديا وإلا سيقومون بتحريك شكوى كيدية كما يحدث في شكاوى التغيب أو خيانة الأمانة.
هناك من يستحقها
ما رأيك في قضية البدون وكيف ترى الحل الأمثل لها؟
بالنسبة لقضية البدون أعتقد أنها مأساة ويجب على الحكومة الكويتية إيجاد حل لها لأن هذه القضية أخذت بعدا إعلاميا كبيرا، ولكن لم تصل إلى حل إلى الآن وأغلب الاقتراحات التي اقترحها بعض أعضاء مجلس الأمة غير ملائمة، ولا يجب الأخذ بها.
أما بالنسبة للحل فهذا الموضوع يحتاج إلى دراسة، فنحن لا نستطيع تجنيس كل البدون لأنه يوجد منهم من يحمل جوازات دول أخرى ويخفيها طمعا في الحصول على الجنسية الكويتية لاسيما أنك تتحدث عن الكويت وموقعها الجغرافي. فنحن لن ننسى الاحتلال العراقي على دولتنا الحبيبة وأنه كان يوجد عدد كبير من المتعاونين مع النظام العراقي البائد في ذلك الوقت، فمن وجهة نظري أرى أنه يجب التحري من قبل السلطات المختصة عن جنسيات هؤلاء الأشخاص بالكشوف الموجودة لديهم لتحديد من يستحق الجنسية الكويتية ومن لا يستحقها، لأنه يوجد بينهم من يستحق الحصول على الجنسية ويجب على الجهات المختصة الإسراع في وضع قانون ينظم مشكلة البدون بالنسبة للباقين.
ماذا ترى في التحكيم؟
التحكيم إجراء قانوني يلجأ إليه بعض التجار عندما تنشأ بينهم منازعات تجارية أو غيرها لأن المحاكم التقليدية تكون إجراءاتها روتينية وبطيئة في الفصل في هذه النزاعات. أما التحكيم فهو وسيلة أسرع في حسم النزعات خاصة التجارية، وكثير من المحامين يلجأون إلى مركز التحكيم بجمعية المحامين الكويتية للحصول على أتعابهم في حالة نشوب نزاع بين المحامي والموكل على الأتعاب.
ما أهم القضايا العامة التي تهم المواطن الكويتي؟
أهم ما يشغل المواطن الكويتي في الوقت الراهن هو قضية إسقاط القروض لأن أغلب المواطنين مدينون لشركات التمويل أو البنوك وأغلبهم متعثر عن السداد.
الصبر وعدم التسرع
ما الدرس الذي تعلمته من مهنة المحاماة؟
تعلمت من هذه المهنة عدة دروس منها الصبر، وعدم التسرع في اتخاذ قرار قد تندم عليه، وكيفية الاعتماد على النفس.