- نظام المرابحة استثماري شرعي يعطي الجميع احتياجاته بشروط وضعها الشرع
اكد الباحث الاقتصادي د.جلوي الجميعة ان سبب الازمة الاقتصادية يعود الى التعامل الربوي المحرم بالكتاب والسنة.
واشار الى ديون الغرب التي افقدت الاسرة استقرارها وأدى ذلك الى التفكك والانحراف، مؤكدا ان الحل المناسب للأزمة الاقتصادية هو وقف التعامل بالربا بكل أشكاله وإبدال العقود الربوية بعقود شرعية لافتا الى ان البنوك الاسلامية لها مجال واسع ورحب في تعاملها وتطرق الى عدة قضايا اقتصادية تهم المجتمعات الاسلامية والى نص الحوار:
كيف ترى السبيل إلى حل المشكلة الاقتصادية؟
بوقف الربا نهائيا (فأذنوا بحرب من الله) فعلى الدول العربية والاسلامية ان تنشئ هيئة عامة للاقتصاد الاسلامي تضم باحثين في الاقتصاد الاسلامي وبمشاركة المصارف والمؤسسات وتضم بيوت الزكاة في العالم الاسلامي والعربي والمؤسسات المالية الشرعية بهدف وضع استراتيجيات عامة مستمدة من اقتصادنا الاسلامي لإرشاد العالم إلى علاج المشكلات الاقتصادية ووضع الخطوط العريضة لجميع المؤسسات العالمية لعدم تكرار الوقوع في المشكلة، وأحب ان اشير الى انه اثناء انعقاد مؤتمر اقتصادي بحضور علماء مسلمين من العالم في احدى الدول الغربية اعلن رئيس المؤتمر ان الحل الحقيقي في تجاوز الازمات الاقتصادية في العالم هو اتخاذ منهج الشريعة الاسلامية في تدويل المال وجعله استراتيجية لاقتصاد العالم، وبمجرد اعلانهم ذلك هو اعتراف بما اقرته الشريعة الاسلامية، لذلك ارى ان علاج المشكلة في السعي في الارض كما امر الله تعالى (هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) فالموارد في صورتها الأولية في الطبيعة لا يمكن ان تحقق الاستهلاك المباشر للإنسان وهي لذلك تحتاج الى استخراج وتحويل ونقل لمكان آخر في فترات زمنية، وهذا يتطلب الى جانب العلم العمل والجهد وعن طريق اداء ما افترضه الله عز وجل للفقراء (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) وقوله تعالى (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) فلابد من إنشاء مؤسسة خاصة لجمع الزكاة واستثمارها وتوزيع هذه الأموال على الفقراء.
سياسات خاطئة
هل معنى ذلك كما يقال إن السبب الرئيسي للأزمة المالية الاقتصادية الاخيرة هو التعامل الربوي فهل تؤيد ذلك؟
نعم بلا شك، فالتعامل الربوي الفاحش وفوائد التأخير والفوائد التراكمية والمتحركة والتي ادت الى رهن العقارات سواء التجارية او السكنية والأسهم التي تلحق بالعقارات، فالديون الربوية مثل الطوفان لا تنتهي، بل تزيد باستمرار وهي التي ادت الى العجز عن السداد الذي ادى الى وقف الدائرة الاقتصادية.
وأرى ان اسباب المشكلة الاقتصادية، كذلك ان الموارد في صورتها الأولية في الطبيعة لا يمكن ان تحقق الاستهلاك المباشر للإنسان، بل لابد من بذل الجهد والعمل على الاستفادة منها، وكذلك السياسات الاقتصادية التي تنتهجها بعض الدول في اتلاف الفائض من محاصيلها الزراعية بغية البقاء على أسعار معينة كما تفعل اميركا في القمح وتقوم بإتلافه عن طريق إلقاء الفائض في المحيط للمحافظة على سعر القمح في الأسواق العالمية، وايضا من اسباب المشكلة عدم قيام كثير من الدول بمسؤوليتها نحو زيادة الإنتاج وتنظيم الاستهلاك وخاصة في ظل حكومات تسعى إلى تحقيق مكاسب شخصية على حساب شعوبها المطحونة، وايضا مبالغة البشر في حاجاتهم المادية وعدم وجود ترشيد كاف في الاستهلاك سواء في المستوى الفردي او الجماعي حيث تستهلك الوحدات الاقتصادية بناء قدرتها الشرائية دون النظر الى الحاجات الفعلية.
ربا الفضل والنسيئة
ما المعاملات المالية المحرمة في الاسلام؟
هناك صور كثيرة للمال المحرم الذي يبين الاسلام تحريمه وهو الربا لقوله تعالى: (وما آتيتم من ربا ليربو في اموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون).
والربا نوعان: ربا النسيئة وربا الفضل، وربا النسيئة اكثر النوعين شهرة وشيوعا والذي يقوم على زيادة في مقدار الالتزام نظير الزيادة في الاجل (يا ايها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون) وغيرها من الآيات التي تبين تحريم النسيئة، اما ربا الفضل فهوتحريم الزيادة في المقدار او الاجل في مبادلة اصناف معينة بينها الشرع.
التفكك الأسري
كيف ترون تأثير الربا على الاسرة بشكل عام؟
نجد في دول الغرب ان ثلث الشعب الاميركي مهدد بأن يخرج من بيته بسبب تراكم الديون ورهن العقار وهو ما يفقد الاسرة شعورها بالاستقرار والامان والذي يؤدي بها في المحصلة الى التفكك والتشرد والانحراف وفي اقل تقدير انعدام او ضعف الناتج الايجابي لها في بناء المجتمع.
ظاهرة صحية
هل يؤثر تحول البنوك الربوية في الكويت الى بنوك اسلامية على الاقتصاد القومي؟
بالعكس هذا التحول يدل على نجاح المصارف الاسلامية في اكتساب ثقة العميل في الكويت خاصة وفي الوطن العربي عامة، ونشهد الآن تحول بنوك اوروبية واميركية الى تعاملات اسلامية سواء بشكل كامل او بشكل جزئي وهذا يدل على النجاح الاقتصادي الاسلامي الذي ينهض باقتصادنا القومي الاسلامي.
البطالة
هل البنوك لها علاقة بالبطالة؟
لا شك ان عملية تدوير المال من خلال البنوك الربوية بين مقرض ومقترض وفائدة ربوية وجعل الفوائد لصاحب رأس المال محددة فقط من خلال الفوائد الربوية الناتجة عن البنك الربوي او المؤسسة الربوية بشكل عام تمنع صاحب رأس المال من المتاجرة في ماله خوفا على رأسماله من الخسارة وهذا من عدم التوكل على الله سبحانه وتعالى حق التوكل. وعدم تدوير المال في الاسواق ومن خلال عمل المصانع او الشركات الاستثمارية او غيرها من الاعمال يغلق الباب امام توظيف الايدي العاملة الوطنية وهذا هو احد اسباب تحريم الربا والذي يعتبر ربحا سهلا يقوم فيه المرابي بزيادة ارباحه وغناه على حساب حاجات الانسان الفقير بزيادة فقره بدلا من سد حاجته بالقرض الحسن او الصدقة.
صور مختلفة
ما صور المعاملات الشرعية التي تقوم بها البنوك الاسلامية؟
ادخلت البنوك الاسلامية المعاملات الشرعية في معاملتها في عدة صور منها المشاركة كشركة العنان والبيع المؤجل وبيع المرابحة والاجارة والسلم وغير ذلك من المعاملات التي تتفق مع الشرع.
مشاركة في الإثم
هل الدول العربية والاسلامية التي ترعى البنوك الربوية آثمة؟
نعم هي مشاركة في الاثم بإيقاع الناس ببراثن ووحل الخطيئة الناتجة عن التعامل بالربا لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لعن الله الرابي والمرابي» وفي حديث آخر «آكل الربا كناكح أمه» وهذه الامور استسهلها البعض وفي حديث اخر ما معناه انه في آخر الزمان لا يبقى احد الا ويأكل الربا قيل الكل يا رسول الله؟ قال من لم يأكله ناله من غباره، وهذه اشارة الى استفحال الربا وانتشاره الا من رحم الله ومن يتق الشبهات فإنه يستبرئ لدينه وعرضه.
عين الربا
يقال ان التعاملات في البنوك الاسلامية محدودة.. فما ردك؟
البنوك الاسلامية لها مجال واسع ورحب في التعامل فهي تعطي جميع حاجات التاجر والعميل من خلال نظام المرابحة فهو نظام استثماري وله عائد شبه مضمون واعلى من العائد الربوي، وقد وضع العلماء شروطا لجواز بيع المرابحة بأن يكون الثمن الاول معلوما للمشتري الثاني في مجلس العقد فإذا افترقا وهو لا يعلم بطلان البيع، وان يكون الربح معلوما وبالعلم بالثمن شرط صحة البيع، وأن يكون رأس المال من ذوات الأمثال لأن المرابحة بيع بمثل الثمن الأول وزيادة فيقتضي أن يكون الثمن الأول مما له مثل، وأن يكون العقد الأول صحيحا فإن كان فاسدا لم يجز بيع المرابحة، وايضا هناك نظام ودائع التوفير والادخار وهو طريقة القرض النقدي عن طريق التورق ومن المعروف ان الحركة المصرفية التقليدية تقوم على اعطاء القروض مع دفع فائدة أعلى عند تسديد الفائدة الربوية للعميل المودع ويأخذ البنك الربوي الزيادة له، والبنوك الاسلامية لا تستطيع ان تسلك هذا المسلك لأن إقراض المال بفائدة هو عين الربا.
الاعتمادات المصرفية
أما فتح الاعتمادات المصرفية فهو فتح حساب للعميل ووضع مقدار معين من المال يكون تحت تصرفه بحيث يستطيع ان يأخذ من هذا المقدار حسب احتياجاته على أن يتعهد العميل في هذا العقد برد قيمة الاعتماد للبنك في الأجل المحدد له، وهذه الاعتمادات لها صور مختلفة من أهمها الاعتمادات النقدية واعتماد الخصم المتعلق بالاوراق التجارية واعتماد القبول والاعتماد المستندي وايضا نظام الشيكات كباقي البنوك الأخرى، ويقوم البنك الاسلامي ايضا ببيع وشراء العملات وبيع الاسهم والسندات.
الشيكات
الا تعتبر الشيكات فيها شبهة الربا؟
من الخدمات المصرفية للبنوك الاسلامية صرف الشيكات لأمر الغير إذا كان له حساب جار بالبنك لشخص آخر وهذا النوع لا غبار عليه من الناحية الشرعية لخلوه من الربا، وكذا ان كان الشيك سياحيا وصورته أن العميل يدفع مبلغا من المال للبنك وهو قيمة هذا الشيك السياحي فيصدر له البنك صكا بعد ان يوقع العميل أمام موظف البنك المكلف بإصداره فإذا أراد العميل أخذ قيمته من أي مكان به فرع من فروع هذا البنك وقع ثانيا أمام الموظف المختص بالصرف الذي يسلمه القيمة عند اطمئنانه الى صحة التوقيع الثاني بمطابقته بالتوقيع الأول، وهذه المعاملة إذا كان هناك اتقان مسبق بين المصرف الاسلامي والبنوك التي تصدر هذه الشيكات السياحية يجوز للبنك الاسلامي القيام بها وبعملية الصرف هذه لانه يعد وكيلا في هذه الحالة للبنك المصدر للشيك السياحي مقابل أخذ عمولة مالية.
ما الحلول المناسبة للأزمة الاقتصادية في نظركم؟
بداية لابد من وقف التعامل الربوي بكل اشكاله وابدال العقود الربوية بعقود شرعية في التعامل، ولابد من التعاون بين الدول عن طريق تبادل السلع والمنافع وخاصة الدول الاسلامية التي للأسف الشديد تفتح اسواقها للمنتجات الغربية عالية التكاليف ولا تفتح اسواقها للمنتجات الاسلامية الأخرى بل إن بعض الدول الإسلامية تقيم مشروعات صناعية ضخمة في الدول الغربية غير الإسلامية لتدعم اقتصادها وتضن بالقليل من هذه المشروعات على الدول الاسلامية الفقيرة وان فعلت ذلك فإنها اما على استحياء من الغرب او رياء وسمعة والعياذ بالله.
ايضا من الحلول توظيف عناصر الإنتاج البشرية التوظيف الصحيح وتوفير المناخ الآمن لممتلكاتهم وحقوقهم ومدهم بحوافز متجددة من خلال ما يطرح من مشروعات وما يوفر من طاقات وخدمات أساسية لتشجيع المؤسسات الخاصة على ارتياد مجالات انتاجية جديدة مع عدم ارهاق الطاقة البشرية بما يشق عليها من كثرة ساعات العمل التي تؤثر على انتاجها مع توجيه هذه الطاقات البشرية الى انتاج السلع المطلوبة الضرورية. كما ارى أن الأخذ بالوسائل العلمية المتقدمة التي تساعد على الإنتاج من أهم حلول الازمة الاقتصادية وايضا استخدام المورد الواحد في أكثر من مجال انتاجي بالاضافة الى اهمية استخدام الموارد في الزراعة والصناعة والبناء.
منظمة إسلامية
هل من كلمة أخيرة تود أن تقولها؟
نعم هناك مقترح لمشروع منظمة اقتصادية اسلامية عالمية اتمنى أن يرى النور من خلال التعاون المثمر والجاد بين علماء الشريعة في الكويت والخليج العربي ليقودوا زمام المبادرة لوضع الحلول والتصورات العلمية والعملية للأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها على الدول والمجتمعات وحرصا على عدم تكرارها مرة أخرى. وذلك من خلال وضع دراسات استشارية وتطبيقية وعملية لجميع البنوك والشركات الاستثمارية العالمية المتحكمة باقتصادات العالم من خلال عملاتها الرئيسية أو من خلال البورصات العالمية بما يضمن تطبيق الاقتصاد الاسلامي وانظمته في تعاملاتها وهو ما يعتبر كذلك بابا من ابواب الدعوة الاسلامية وفتحا من الفتوحات الحديثة لديننا الاسلامي من العالم اجمع وفرصة كبيرة لتبيان وتوضيح الرسالة المحمدية التي بينت وتأسست على الرحمة ومصداقا لقوله تعالى (وما أرسلناك الا رحمة للعاملين) وأشكركم لاهتمامكم بقضايا الاقتصاد والاسلامي بشكل خاص.