- اللوبي اليهودي بأميركا وراء اتهاماتها للعمل الخيري بدعم الإرهاب ومشاريعنا يستفيد منها المسلمون وغير المسلمين.. ونقدم الإغاثة لجميع المنكوبين دون النظر إلى الديانة
- نرفض التدخل في انتخابات الدول المنكوبة ونمنع موظفينا في الإغاثة من التدخل في الأمور السياسية.. فعملنا إغاثي إنساني فقط
حينما ينظر الانسان الى الاعمال الخيرية التي تقدمها «جمعية احياء التراث الاسلامي» بالكويت يشعر بالفخر والاعتزاز، فهي لم تكتف بما تقدمه داخل الكويت فقط من حلقات تحفيظ القرآن وطباعة مصاحف للمكفوفين ومساعدة الفقراء والمساكين والارامل والاهتمام بمشروعات انسانية تعمل على بر الوالدين، بل اهتمت «احياء التراث» بفقراء العالم، فلم نجد دولة من دول العالم الا و«احياء التراث» تعمل هناك. رئيس لجنة القارة الافريقية الداعية جاسم العيناتي من أبرز العاملين في المجال الخيري الاغاثي في الكويت، واللجنة التي يرأسها من أنشط اللجان الخيرية بجمعية احياء التراث الاسلامي، بل هي صرح خدمي اسلامي يقدم خدمات للفقراء والمحتاجين من أبناء قارة أفريقيا في جميع المجالات الدعوية والصحية والغذائية والتثقيفية، وذلك بعون الله تعالى ثم مساهمة أهل الاحسان بالكويت الغراء، الذين يعرفون حق اخوانهم من فقراء المسلمين والمحتاجين داخل الكويت وخارجها، ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، وامتثالا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة». العيناتي أوضح أن مشاريع اللجنة يستفيد منها المسلمون وغير المسلمين، فالمدارس النظامية والمستشفيات والآبار مفتوحة للجميع دون النظر الى الديانة والمذهب، مؤكدا أن عمل اللجنة انساني اغاثي فحسب، لا يقصد منه التدخل في شؤون الدول وسياساتها. «الأنباء» التقت العيناتي للحديث عن حقيقة اتهام العمل الخيري في الكويت بدعم الارهاب، ومن وراء هذا الاتهام الباطل، بالاضافة الى الحديث عن زياراته العديدة لافريقيا واطلاعه على العديد من مشاريع الكويت الخيرية هناك، وتسجيله التلفزيوني فيها عبر برنامج «رحال» على شاشة قناة المعالي الفضائية،
وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
متى بدأ نشاطكم في العمل الخيري في دول افريقيا؟ وكيف كان ذلك؟
بدأت عملي مع جمعية احياء التراث الاسلامي منذ تأسيسها عام 1981، عبر رئاستي لجنة القارة الافريقية التابعة للجمعية، وكانت الزيارة الاولى لنا في صيف عام 1982 الى غرب افريقيا، الى نيجيريا وساحل العاج وجمهورية مالي، وبحمد الله بدأت اللجنة تخطو خطواتها لتغطي مشاريعها الخيرية الى الآن 25 دولة في افريقيا.
28 دار أيتام
ماذا قدمت جمعية احياء التراث الاسلامي الى القارة الافريقية الى الآن؟
الدول الافريقية المحتاجة عديدة، وهي بلا شك تحتاج الى تضافر الجهود لاغاثتها، و«احياء التراث» قدمت الكثير من الانشطة خلال مشاريعها الخيرية هناك، فقامت ببناء أكثر من 1476 مسجدا، ما بين صغير وكبير، وأنشأت 147 مركزا اسلاميا، يعمل على التوعية والتثقيف الاسلامي الصحيح وأصول الدين وأمور العبادات، ويدعم اللغة العربية وتعليمها لشعوب الدول الافريقية لتأهيلهم لحفظ كتاب الله العزيز، وهذه المراكز غالبا ما تتضمن على الاقل مسجدا ومدرسة وبئر ماء، ومع هذا فهناك مراكز ضخمة تتضمن مرافق أخرى، كالمستوصف والدكاكين الوقفية، وبيوت الأئمة والمؤذنين وبيوت وقفية أخرى، وكذلك أنشأت 5 معاهد كبيرة، وهي ما يعرف بمعاهد تدريب الدعاة، و310 مدارس، ويتراوح عدد الفصول بين 5 فصول الى أكثر من 20 فصلا في بعض الاحيان، وبعض هذه المدارس يدرس فيها على نظام فترتين صباحية للتعليم النظامي، ومسائية للتعليم الشرعي الاسلامي وحفظ القرآن، وأحيانا تكون الدراسة فيها على ثلاث فترات نظامية، والفترة الثانية كحلقات قرآن، أما الفترة الثالثة المسائية فتكون لمحو الامية.
وقامت الجمعية أيضا ببناء أكثر من 30 مسكنا وقفيا، و37 دكانا وقفيا، 13 مطحنة، ليكون مردودها لصالح المدارس، وحول رعاية الايتام قامت «احياء التراث» بانشاء 28 دار أيتام، تقوم بكفالتهم وتربيتهم، فبعض الايتام الذين كفلناهم تخرجوا وصاروا أطباء يداوون الايتام في مراكزنا بالمجان، وبعضهم صار موظفا في مراكزنا نفسها.
90 بئراً ارتوازية
وماذا عن الجانب الغذائي ودوركم في المجاعات والكوارث؟
الماء عصب الحياة، فبعض الشعوب الافريقية ليست لديها مياه صالحة للشرب، انما هي برك ملوثة، وبقايا أمطار حيث الحشرات واليرقات المسببة لانتشار الامراض المعدية والوبائية، فقامت اللجنة القارة الافريقية بتوفير الماء الصحي، عبر حفر 90 من الآبار الارتوازية، والتي أنقذت أناسا من العطش ومن الضلال أيضا وكانت سببا في هدايتهم الى الاسلام حين رأوا سماحته وانسانيته، كما قامت اللجنة أيضا بحفر الآبار السطحية والتي بلغت 2914 بئرا سطحية، وبعض هذه الآبار موجودة على الحدود لحاجة اللاجئين والنازحين من المجاعات والحروب، ومازلنا نقوم بحفر المزيد منها حاليا بين الصومال وكينيا بسبب الاضطرابات الاخيرة.
وكذلك قدمت «احياء التراث» أكثر من مليون دينار كاغاثة في أماكن الحروب ومواطن الجفاف ونزوح المتضررين من الفيضانات ومن الحروب الاهلية، ومن جانب آخر أنشئت 700 مزرعة سواء لمساعدة الناس وتوفير الطعام أو لتخصيص ثمن محصولها كوقف على مدرسة أو مركز اسلامي، كما أنشئت أيضا 5 مزارع للابقار و8 مزارع للاغنام و8 مزارع للدواجن، 5 مزارع للاسماك.
وماذا عن العمل الخيري في الجانب الصحي؟
تم بناء 4 مستشفيات، بعضها يعتبر مستشفى متخصصاً كمستشفى الأبيض في شرق السودان، كما أنشأت 35 مركزا صحيا في دول افريقية مختلفة.
مفتوحة للجميع
من هو المستفيد من الإغاثة الخيرية التي تقدمها لجنة القارة الافريقية؟
يستفيد المسلمون وغير المسلمين من مشاريعنا، ودليل ذلك أننا لا نشترط في مدارسنا النظامية أن يكون الدارس فيها مسلما، وحتى الآبار ومشاريع الإغاثة، وعموما مشاريعنا الخيرية مفتوحة للجميع، باستثناء المساجد بالطبع.
هناك قسم من الزكاة وسهم للمؤلفة قلوبهم من غير المسلمين، فكيف تخرجون هذا السهم في مشاريعكم؟
يكون ذلك عبر الإغاثات، ففي الأزمات لا نحدد من يتسلم الإغاثة، أكان مسلما أو غير مسلم، فنقوم بالتنسيق مع حكومة الدولة المنكوبة، وتساعدنا في ذلك أيضا السفارة الكويتية مشكورة، وتتعاون في توصيل الأموال وتوزيعها على الفقراء دون النظر إلى الديانة، وإنما كعمل إنساني.
البعض يتساءل في المقابل، لماذا هذه المشاريع لا تكون في الكويت؟
هناك مشاريع محددة لا يمكن عملها في الكويت كحفر الآبار، كما لا يمكنك في الكويت أن تبني مسجدا بـ 3 آلاف دينار فقط، فالبناء في الكويت مكلف جدا مقارنة بدول افريقيا، علاوة على الحاجة الماسة هناك لبناء المساجد، نحن في الكويت لدينا نعمة السيارات وسهولة التنقل بين المناطق، بينما هناك ليس لديهم سوى أقدامهم، وقد يضطر كثير منهم الى أن يمشي على قدميه 3 أو 4 كيلوغرامات لبلوغ مسجد الجمعة، بل في أحيان كثيرة تتحول المساجد الصغيرة إلى جوامع يوم الجمعة.
اتهامات باطلة
ما حقيقة اتهامات العمل الخيري في الكويت وفي العالم الإسلامي عموما بدعم الإرهاب؟
بعد أحداث سبتمبر، بدأت بعض الدول تتهمنا بالإرهاب، أولهم أميركا، وبالطبع ليس منها الدول المتضررة والمنكوبة، فأطلقت اتهامات باطلة ليس لها أساس من الصحة، اتهامات مزيف من قبل اللوبي اليهودي بأميركا، الذي يرى في النشاط الإسلامي في دول افريقيا نشاطا ضد مخططاتهم على المدى البعيد، رغم أننا لا نفكر بهذه الطريقة، إنما القضية عندنا ببساطة «مسلم يريد مساعدة أخيه المسلم»، نحن نريد العمل الخيري، نريد بناء مسجد لوجه الله ولا نريد أن نعمل ضدهم، هذا اللوبي يرى أن رسوخ الإسلام في القارة الافريقية وكأنه مؤشر حرب عليهم، وهذا نتيجة الفهم الخاطئ والنظرة الدونية عندهم، حيث يعتبرون المسلمين حجر عثرة أمامهم، على الرغم من أن أعمالنا أمام أعمالهم لا تساوي شيئا، فهم يعملون بجد في عمليات التنصير، لكن بفضل الله ورغم قلة إمكاناتنا إلا أن القضية بيد الله، فما نقوم به يبارك الله فيه، فأحيانا نسمع عن قساوسة أسلموا ليس بسبب مساجدنا أو حفر بئر وإنما هداية محضة من الله، قد يكون تقابل مع مسلم وتناقش معه واقتنع بأخطاء معتقده السابق وحقيقة الإسلام الصافية.
كيف تعامل حكومات الدول الافريقية مع ما تقومون به من أعمال خيرية في بلادهم؟
الأفارقة أجناس مختلفة ولغات متباينة إلا أنهم يرحبون في كل عمل خيري، وهناك بعض النصارى العقلاء الفاهمين يقولون نحن لا نستطيع منع أي عمل خيري من اي جهة، أنت مسلم، وحين تساعد المسلمين نسر لأنهم مواطنون في بلدنا أيضا، بل مساعدتك لهم تعطينا صورة حسنة عندهم، بل إن الحكومات ترحب وتشكرنا على ما نقوم به، فهي ترى أننا نسهم في تأدية واجبات وقضاء حاجيات تعجز عن توفيرها كالإغاثة والتعليم.
وبعض تلك الحكومات ونتيجة ضغوطات قامت بالتحقق من أعمالنا، وبحمد الله صارت هذه التحقيقات شاهدا على براءة ساحة العمل الخيري لدينا، فليس لدينا أي ارتباط بالأعمال الإرهابية وأعمالنا في إطار إنساني فقط، فندرس أي طالب ونستقبل في مستشفياتنا أي مريض، وفي مقابلات مع بعض مسؤولي الدول أوضحوا فيها لنا أن لديهم صورا مسبقة مشوهة عن أعمالنا، حيث كانوا يظنون أن أعمالنا في إطار التدخل بالشؤون السياسية للآخرين وعمل الثورات، فنحن ليس لدينا دخل في الانتخابات، وتبين لهم ذلك بحمد الله، بل نرفض أن ندخل في السياسة، ونرفض تدخل أي عامل لدينا في السياسة رفضا تاما.
الحافظ هو الله
كيف تواجه المخاطر في بلاد افريقيا المعروفة؟
بداية الحافظ هو الله تعالى، ونحن لدينا عقيدة «احفظ الله يحفظك»، نعم هناك مناطق نائية وفيها وحوش وسباع، ودخلنا في بعض الأحيان في أثناء انقلابات وتوترات وحروب أهلية، لكن الله سبحانه وتعالى نجانا، والغالب أننا لا نتواجد في مثل هذه الظروف العصيبة، وفي المقابل بعضهم يذهب في رحلة سياحية إلى بلاد آمنة ويموت ويصير له حادث، إذن الحافظ هو الله.
كم هو معدل زياراتك لافريقيا في السنة الواحدة تقريبا؟
بعض الأحيان تصل زياراتي إلى 7 مرات، باستثناء زيارات الاخوة الآخرين، وتستغرق الرحلة بحسب المهمة، فأحيانا اسبوع، وقد تصل إلى 3 أسابيع.
حدثنا بإيجاز عن طبيعة رحلتك المصورة إلى افريقيا والتي عرضت على التلفاز؟
استغرقت الرحلة 15 يوما تقريبا إلى كينيا، واخترنا كينيا لأنها تعتبر نموذجا لافريقيا، والرحلة في أصلها رحلة إغاثية، ذهب معي مصور ومخرج لتوثيق عملية الإغاثة، كما زرنا وتفقدنا بعض المراكز والمساجد والآبار، وقمنا بجولة داخل الغابات الموحشة، في النهار وأحيانا ليلا كما ظهر في برنامج «رحال» على قناة المعالي الفضائية، وصورنا البيوت الخشبية، كل هذا لتوثيق مشاريع «إحياء التراث» هناك، والذي مولها أهل الخير من شعب الكويت، بالإضافة إلى نقل صورة مبسطة عن الشعوب الافريقية وطرق عيشها البسيط.
شكرا للكويت
كلمة شكر، لمن تقدمها؟
الحمد لله، المشاريع الخيرية ما زالت مستمرة رغم التضييقات على تحويل المبالغ من الكويت إلى مكاتبنا في الدول التي نساعدها، ولهذا فأشكر حكومة الكويت وعلى رأسها الأمير الشيخ صباح الأحمد، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، فهم متعاونون معنا، ويدافعون عن العمل الخيري، ويردون كل ما يطرأ عليه من شبهات دعم الإرهاب.