كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض الاسلام على القبائل التي تأتي الى مكة لزيارة الكعبة، وفي السنة الحادية عشرة من البعثة لقي صلى الله عليه وسلم رجالا من يثرب (المدينة المنورة) فدعاهم الى الاسلام فأسلموا وواعدوه ان يدعوا قومهم ويأتوه في العام القادم.
وفي السنة الثانية عشرة من البعثة جاء اثنا عشر رجلا وقابلوا النبي صلى الله عليه وسلم عند مكان بين منى ومكة اسمه العقبة، فأعلنوا اسلامهم ومبايعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم انصرفوا الى المدينة ومعهم مصعب بن عمير ليعلمهم القرآن وأركان الاسلام، وفي العام التالي جاءوا، وكان عددهم ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين، وبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم عند العقبة ثم اذن الرسول صلى الله عليه وسلم لاصحابه في الهجرة فهاجروا الى المدينة وانتظر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يأتيه الاذن من الله سبحانه وجاء الاذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة فاختار النبي صلى الله عليه وسلم ابا بكر الصديق ليرافقه في تلك الرحلة المباركة.
فلما علمت قريش بهجرة المسلمين تجمعوا وارادوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقفوا على باب داره ينتظرون خروجه، وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بينهم وقد القى الله تعالى النوم عليهم وانطلق النبي وصاحبه ابو بكر الى المدينة وفي الطريق مكثا في غار ثور ثلاثة ايام وخرج المشركون وراءهما يبحثون عنهما حتى وصلوا الى غار ثور، وسمع الرسول صلى الله عليه وسلم وابو بكر اقدام المشركين فخاف ابو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: لو نظر احدهم تحت قدميه لرآنا فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن ان الله معنا»، فأعمى الله سبحانه ابصار المشركين، ولم يظنوا ان بالغار احدا وذهبوا بعيدا عنه، ثم خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه ليواصلا الرحلة الى المدينة، قال تعالى: (الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم).