دانيا شومان
أعلن النائب حسين الحريتي رفضه التام للتعديلات على قانون المرئي والمسموع، مؤكدا عدم قبوله للتعديلات واصفا إياها بأنها عودة إلى للوراء، وانه مع الحرية المسؤولة ومع تطبيق القانون على من يخالف تلك الحرية المسؤولة في الإعلام أو غير الإعلام.
وأوضح خلال الحلقة النقاشية التي قام بتنظيمها اتحاد القنوات العربية الخاصة بمنطقة سلوى مساء أول من أمس تحت عنوان «قانون المرئي والمسموع 2007 والتعديل المقترح وميثاق الشرف الاعلامي الكويتي» أن العالم أصبح عالما صغيرا والتواصل فيه أصبح سهلا عن طريق الفضائيات وتطور وسائل الاعلام منذ التسعينيات. وقال الحريتي: «إن تجربتنا في الكويت ومنذ بدأت النهضة الاعلامية خاصة في العمل الصحافي من قبل سنتين فقط ومع قانون المطبوعات الجديد شهدت طفرة كبيرة وتميزا وارتفاع سقف الحرية، ولكن ومنذ الحديث عن التعديلات المقدمة على هذا القانون الجديد فاننا لا نعرف عنها اي شيء، ولكن بعض وسائل الإعلام نشرت مسودة تلك التعديلات المقترحة على قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع وهي تعديلات تعيدنا إلى الخلف».
وأكد الحريتي أن القانون المطبق حاليا شامل وعام فيه من الحرية المسؤولة قدر كاف، فضلا عن وجود الكثير من المواد التي تحمل عقوبات على من يخالف مواده، تلك العقوبات التي قد تصل الى السجن، مشددا على رفضه لأية تعديلات لتغليظ العقوبات خاصة ان جاءت كردة فعل على قضية معينة.
وأضاف: لا ننكر ان القانون الحالي فيه بعض القصور، أهمها انه يحمل مجمل العقوبة على مدير القناة ومنتج ومقدم البرنامج، ونسيان الضيف نفسه الذي له حق التحدث وقد يكون حديثه مخالفا للقوانين، فالقانون الحالي لم يشر من بعيد أو قريب بأية عقوبة على الضيف.
الديموقراطية المسؤولة
ولفت الحريتي الى الديموقراطية المسؤولة التي تتمتع بها الكويت منذ أيام صباح الأول الى ان جاء قانون المطبوعات عام 1961 واستمر العمل به الى ان تم التعديل عليه في 2007، مشيرا الى ان الدستور الكويتي يحمل الكثير من المواد التي تتحدث عن الحريات بمختلف أنواعها.
وتابع: في القديم كان العقاب بالحبس لكل من يعتدي على الذات الالهية، والذات الاميرية، ومن يخالف الاداب العامة ومن يتعرض لأي مسؤول، الا ان القانون تم تعديله نتيجة للوعي المجتمعي حيث الغيت عقوبة الحبس بتاتا عدا من يقوم بالاعتداءات على الذات الالهية أو القرآن الكريم او النبي صلى الله عليه وسلم أما غير ذلك فلا يتم حبسه. وهذا التطور يجعلنا نسعى الى التقدم للامام وليس الرجوع للخلف من خلال التعديلات المقدمة وتقليص الحريات التي تعد خطوة للخلف.
واوضح ان قانون 2007 المعمول به حاليا فصل كافة المخالفات تفصيلا كاملا ووضع العقوبات على تلك المخالفات، ووضع ما يقارب 14 بندا تتعلق بالمحظورات لعل أبرزها المساس بالذات الإلهية بأي شكل من أشكال التعبير وهذا القانون أعطى الحق لوزارة الاعلام في تعيين مندوب للرقابة الحسابية لها في القناة الفضائية على ميزانية المؤسسة وليس للتدخل في العمل، لتكون القناة بعيدة عن أية تدخل خارجي قد يأتي من خلال التمويل.
الممارسة والتعلم
أما رئيس تحرير جريدة الدار الزميل عبدالحسين السلطان فأشار الى أن الكويت نالت المركز الأولى على مستوى العالم العربي في حرية الصحافة من خلال تقييم «صحافيون بلا حدود لعام 2009» وقال السلطان: يرجع ذلك الى التطور الذي طرأ في المجال الاعلامي الكويتي من بداية الستينيات الى ما وصل عليه في 2006 بمرور 44 عاما على التجربة التي عبرت بها تحولات ومفترقات طرق ساعدت على كسر حاجز الاحتكار في عام 2006 في عهد د. أنس الرشيد الذي استطاع كسر هذا الاحتكار وطرح قانون المرئي والمسموع الذي خرج في عصر الوزير السابق محمد السنعوسي.
وقال السلطان: لم يمر على قانون المطبوعات الجديد سوى 3 سنوات ونحن بحاجة الى فترة زمنية كافية من الممارسة والتعلم من هذه القفزة التي شهدناها منذ انطلاقة العمل بالقانون، ومن الطبيعي ان تصاب مثل هذه التجربة في بعض الأخطاء التي لابد ان تعالج بشكل تدريجي، كما ان لها بكل تأكيد حسناتها كما لها سيئاتها، ومن الظلم الحكم على الصحافة الجديدة حكما قاطعا بعد تجربة 3 سنوات فقط، في حين ان التجربة السابقة استمرت لمدة 44 عاما. مضيفا أن الانفتاح واتساع مساحة الحرية وهي التي منحتها الفترة السابقة طوال ثلاث سنوات مساحة أكبر من الحرية، والدستور الكويتي يحتوي على 8 مواد تؤكد على حرية الصحافة والبيان والنشر، مما يعزز موقع الدستور في حياتنا الإعلامية والعادية».
وحول الحديث عن مقترحات وزير الإعلام للتعديل على قانون المطبوعات قال السلطان: إن هذا الاقتراح يعد انقلابا على حرية الصحافة، كما فيه تعد على حرية الرأي وتعسف في القانون الجزائي وجميع رؤساء تحرير الصحف بلا استثناء قدموا اعتراضهم بشكل شامل على تلك المقترحات خاصة على العقوبات خلال اجتماعهم في جمعية الصحافيين.
وتساءل السلطان: لماذا التعديلات وتغليظ العقوبات في أمور لم يصدر فيها حكم واحد طيلة ما يقارب 47 عاما ماضية منذ نشأة قانون المطبوعات، وقال: التغليظ في العقوبات قتل للحرية وتراجع وفيه ظلم لسمعة الكويت دوليا، لا ننكر أن هناك بنودا في القانون المعمول به بحاجة الى تعديلات لكن ليست بهذه الصورة والطريقة المجحفة.
رفض التعديلات
ومن جانبه قال ثالث المشاركين في الندوة المحامي مبارك الحريص: هناك إجماع من قبل كافة أطياف المجتمع على رفض تلك التعديلات، موضحا ان جمعية المحامين الكويتية رفضت اصدار قانون المرئي والمسموع لعام 2007 بالسرعة التي اصدر بها لما فيه من دور هام لتنظيم علاقة الناس، ومع ان القانون تم اصداره بصورة سريعة الا انه صدر بصورة جيدة.
وأعرب الحريص عن أسفه من ان تأتي تعديلات على قانون كردة فعل سريعة لواقعة، مشددا على ان التشريعات لا تصلح كردة فعل، فالقوانين الصادرة كردة فعل تخرج في شكل غير صحيح.
وقال: الواقعة التي حدثت تم التعامل معها قانونيا بطريقة سليمة، وقانون المرئي والمسموع لعام 2007 فيه من المواد ما ينظم مثل هذه الأمور.
واستطرد الحريص قائلا: هناك اختلاف داخل مجلس الوزراء حول التعديلات، وما يحدث الان من الشعب الكويتي يشكل ضغطا على الحكومة لرفض تلك التعديلات، ونثمن للشعب الكويتي هذه الوقفة لعدم الخضوع للتراجع للخلف نتيجة تعديلات أتت كردة فعل لقضية معينة، وأطالب بوقفة جادة من جميع النواب والكتاب والإعلاميين والنشطاء السياسيين بل وكافة الشعب بأن يقفوا صفا واحدا ضد تلك التعديلات لما فيها من تدمير وتراجع للخلف، موضحا أن الاعلام هو الجناح الرئيسي للديموقراطية وتطورها وعلينا تركه للعمل بحرية للإبداع ومن أجل مزيد من الحريات.
ومن جانبه قال رئيس اتحاد المحامين الكويتيين المحامي ناصر الهيفي: الحرية ليست مطلقة كما يدعي البعض انما هي حرية مقيدة بحدود حريات الآخرين، ونحن هنا نتحدث عن الحرية المسؤولة وليست المطلقة.
وأوضح الهيفي أن العقوبة نتيجة لفعل اجرامي، وما جاء في قانون المرئي والمسموع لعام 2007 من المساس بالذات الالهية أو المساس بالذات الاميرية أو الاشخاص العامين وأمورهم الشخصية والحياتية لا يختلف عليه اثنان.
وأبدى استغرابه من إعطاء الوزير في التعديلات المقدمة حق العقوبة، وقال: العقوبة فقط من حق القضاء الفاصل في مثل هذه القضايا.
أما المستشار د.سعد العنزي فرأى أن ما يحدث على الساحة جاء كردة فعل لسبب معروف، وقال: اننا لسنا بحاجة الى تشريع قوانين وتشريعات، فالقانون موجود.
لا ننكر ان هناك ما ينبغي مراجعته في قانون المرئي والمسموع لعام 2007 فهو ليس قرآنا منزلا، ونقولها: هناك في قانون 2007 بعض النقاط والمواد التي تحتاج الى تعديل وصياغة جديدة. وشدد العنزي على ان وضع العقوبات لابد ان يأتي من قبل أهل الاختصاص ويكون فيها دراسة وتأن، ولا تأتي مسببة وكردة فعل.
ورأى العنزي ان مراقبة الوزارة للقنوات الفضائية فيها تدخل في خصوصية عمل تلك القنوات، ومن الممكن للوزارة مراجعة المسائل الاعلامية مع مسؤولي القنوات وليست الأمور المالية.
وتابع العنزي قائلا: وحدة المجتمع خط أحمر لسلامة الأمم والشعوب، ولابد أن تتحقق الوحدة بانضباط من قبل قانون ينظم العمل، ولكن دون تغليظ العقوبات والحد من الحريات، مشيرا الى ان اتخاذ القرارات القانونية والجزائية ليس من سلطة الوزير المختص انما من سلطة القضاء، فالسلطة القانونية هي ولي الأمر والحاكم الحقيقي لضبط السلوكيات.
من جهته قال د.زهير العباد: إن الصحافة هي مرآة عاكسة للأحداث على الساحة من خلال منظومة النشر والبث، وأناشد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ايقاف التعديلات المقترحة على قانون المرئي والمسموع، وذلك لوجود تحفظات شديدة من قبل جميع المعنيين على قانون 2007 ومن أهم عيوب هذا القانون تعيين وزارة الاعلام مراقبا حسابيا للقناة او الصحيفة، مشيرا الى ان هذه المؤسسات كيان مستقل وذا شخصية اعتبارية لا يجوز التدخل في شؤونها الداخلية.
وقال العباد: خطأ شخص لا يتحمله الجميع، فكافة اطياف المجتمع الكويتي ترفض المساس بوحدتنا الوطنية، فالكويتيون مزيج متجانس جبلوا على الوحدة الوطنية والتجانس الاجتماعي والفكري من ابناء البدو والحضر، السنة والشيعة، ولعل تجربة الغزو أكبر دليل على ذلك.