- «تشجيع الاستثمار» نموذج يحتذى لجذب الاستثمارات الضخمة.. وثبت نجاحها للتوسع في التجربة
- المري: نحن أفضل من يضع الخطط لكننا أسوأ من ينفذها.. ويجب تحسن الإنفاق الحكومي
- رفع شعار التنويع الاقتصادي حاجة ملحّة وليس رفاهية.. والمواطن البسيط يدرك أهميته
- القطاع الخاص بحاجة للدعم الحكومي بدلاً من وضع العراقيل.. والكويتيون همهم الأول وطنهم
- المجمد: المنطقة الشمالية ستزيد الناتج المحلي للكويت وتخلق 200 ألف فرصة عمل
- جذب 450 مليار دولار استثمارات لمشروع الحرير.. تحدٍّ لتحقيق الاستقرار الاقتصادي
عقدت ضمن أعمال المؤتمر الـ 36 لاتحاد الطلبة في أميركا، ندوة اقتصادية بعنوان «النهوض الاقتصادي.. واقع أم حلم؟» برعاية بيت التمويل الكويتي، حيث شارك فيها رئيس التحرير الزميل يوسف خالد المرزوق، والمدير التنفيذي لقطاع الخدمات المصرفية الخاصة ـ مدير الثروات ومحافظ استثمارية معتمد ـ مؤسس tenderingcenter.com خميس المري، والمستشار السابق لوزارة التجارة د.هشام المجمد، إضافة إلى أستاذ قسم التمويل في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت د.عبدالرحمن الطويل، والذي أدار الحوار بادئا بعدد من الأسئلة كما يلي: متى سنتمكن من تحقيق التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط؟ وهل حققنا الشعارات المرفوعة بدعم القطاع الخاص وخلق الوظائف؟ وهل أصبحنا فعلا مركزا ماليا وتجاريا؟!
المواطن هو الحل
البداية، كانت مع الزميل يوسف المرزوق، الذي قال: «كمحبين لوطننا نأمل أن يكون هذا واقعا، لكننا بعيدون كل البعد عنه حتى الآن، وبوجهة نظري الشخصية يجب أن نبدأ من المواطن فهو من ينتخب ويفرض رأيه وبالتالي يغير المشهد، واليوم لا توجد صحوة تعطيهم النظرة بعيدة المدى، فالانتخاب في الغالب يقوم على أساس المصلحة الشخصية، وليس إيجاد واقع يغير النظرة للكويت، لذلك فإن الإصلاح برأيي يبدأ من البيت والمواطن».
وأضاف المرزوق: «الكويت منذ القدم تعتبر مركزا ماليا وتجاريا واقتصاديا غنيا بالمبادرات والمشاريع، فجميع المشاريع الخارجية بالمنطقة كانت تجد لبنتها في الكويت نظرا لموقعها الممتاز، وللوصول لهذه المرحلة من جديد والعودة لإقامة مشاريع جيدة بالكويت يجب تغيير القوانين، ولكن يجب هنا أن نشدد على وجود إصلاحيين يعملون بجد لتحقيق هذا الهدف «فالزين موجود»، ويجب أن نشد على أيديهم للوصول إلى هذا الهدف المنشود، فهناك شوط طويل من العمل والإنجاز للوصول إلى تلك الطموحات».
الدور الحكومي
من جهته، قال خميس المري إن الحكومة جزء مهم في منظومة الإصلاح الاقتصادي إلى جانب المواطن، لكن الحكومة لا تعمل إلا إذا كان «ظهرها مسنودا على الطوفة»، ولا نرى بوادر إيجابية إلا إذا تحسن الإنفاق الحكومي، ونحن أفضل من يضع الخطط لكننا أسوأ من ينفذها، ومع ذلك هناك مثالان على أمور إيجابية حتى لا نتهم بالتركيز على السلبيات فقط، فإنشاء هيئة أسواق المال وخصخصة بورصة الكويت، كان لهما انعكاس إيجابي على الوضع الاقتصادي، تظهر نتائجه الجيدة عندما يتعاون المجلس والحكومة معا لتكلل هذه الخطوات بالنجاح.
خطوات جيدة
بدوره، قال د. هشام المجمد: إن الاقتصاد والسياسة كلمة واحدة، والحركة السياسية في الفترة الماضية أثرها واضح على الاقتصاد، حيث لم يكن هناك استقرار سياسي إلا في السنين الأخيرة ومن يتابع التشريعات يجد إقرار قوانين مهمة في الكويت بعد 2010، مثل قانون الشركات وتعديلاته 2016 وهيئة أسواق المال 2010 وحوكمة الشركات، وتطبيق معايير المحاسبة الدولية، وإفصاحات الشركات المدرجة بالبورصة خاصة البنوك، وتخصيص البورصة والمنطقة الشمالية الاقتصادية، التي تعد من المشاريع الضخمة التي تعلق عليها آمال وطموحات.
وأضاف المجمد: «السؤال هنا: أين البنى التحتية لهذه المشاريع؟!، فالمنطقة الشمالية على سبيل المثال، تعد جزءا من «رؤية الكويت 2035» ومكونا أساسيا فيها، ولكن نحن لا نعلم هل سيقوم المشروع على أرض الواقع أم أنه مجرد كلام وخطط إنشائية؟!».
وقال انه يرى إن الدولة تناقض نفسها أحيانا، فهي تستهدف زيادة إنتاج النفط إلى 4 ملايين برميل يوميا في 2040 في الجنوب، وهو ما يعني المزيد من الاستثمار في النفط كمصدر رئيسي للدخل وبالمقابل تريد الاستثمار بـ 450 مليار دولار في الشمال.
المنطقة الشمالية
واستعرض المجمد معالم القانون الخاص بمشاريع المنطقة الشمالية الذي يسمح للكويتيين والأجانب بالاستثمار، إذ لا توجد ضرائب ورسوم ولا يجوز تأميمه ويخضع لسيادة الكويت مع مراعاة الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية، لافتا إلى أن إقامة المشروع هدفه تجاري ومالي، وأيضا أمني، إذ إن المشاركة العالمية فيه تجعله أكثر حماية، كما أنه يخدم كل شعوب المنطقة ونحو 200 مليون نسمة ومساحته 1700 كم2، ومن المتوقع أن يزيد الناتج المحلي بـ 5 إلى 7 مليارات دولار سنويا ويخلق 200 ألف فرصة عمل.
ولكن أشار المجمد الى أن التحدي يتمثل في جذب الاستثمارات بـ 450 مليار دولار من دول كبرى مثل الصين عبر مشروع الحرير أو أميركا عبر شركاتها وإشراكها لأن ذلك يحمي المنطقة، فالاستقرار الاقتصادي يؤدي لاستقرار جيوسياسي.
وبالعودة الى د.عبدالرحمن الطويل، قال إن الحساب الختامي لسنة 2019/2018، يظهر أن إيرادات الدولة 20 مليارا منها 19 مليارا إيرادات نفطية، وهذا يبدد الفكرة في وجود جدية في تنويع مصادر الدخل إلى الآن، فما الحل؟
التنويع الاقتصادي
في هذا السياق، أكد المري أن رفع شعار التنويع الاقتصادي حاجة ملحة وليس رفاهية وحتى المواطن البسيط يدرك أهميته.
لكنه تساءل: «هل توجد فعلا خطوات جادة للتنويع؟ وهل هناك بوادر جدية لإنشاء المنطقة الشمالية؟ وما آليات تمويلها؟ فأين كل هذه التفاصيل؟!»، مشيرا إلى انه لا يوجد حديث عن ربط مخرجات التعليم بهذه المشاريع التنموية.
وأضاف المري أن النوايا طيبة، ولكن ينقصها الكثير من الوضوح والجدية، مشيرا الى ان الجميع قبل عام 2015 قالوا انه لا يوجد إنفاق حكومي، وعندما تحركت الحكومة انعكس ذلك على الأوضاع في الاقتصاد.
وردا على ما طرحه المجمد عن المشاريع النفطية المستقبلية، قال المري إنه لا يوجد تناقض بين تعزيز القدرات الإنتاجية في المجال النفطي والاستثمار في الشمال، فالأموال النفطية ممكن استخدامها في إطار الاستثمار بتنويع الدخل اذا ما فكرنا في العائد على كل دينار نصرفه ووجهة استثماره.
الشركات العائلية
وردا على سؤال من الطويل عن الشركات العائلية ودورها أيضا في الاستثمار، قال المري: «لكل فعل رد فعل، فاذا نظرنا الى هيئة أسواق المال والبورصة، حيث تم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب نجد نتائج ايجابية».
وأشار أيضا الى تقبل مجتمع الأعمال الدولي خطوات تطوير البورصة بعد الترقية مرتين، فمع الترقية لمؤشر «فوتسي راسل» للأسواق الناشئة، دخل مليار دولار إلى السوق، والآن مع الترقية المرتقبة لمؤشر «MCI» للأسواق الناشئة، متوقع أن تبلغ الأموال التي سيجذبها سوق الكويت بين 3 إلى 4 مليارات دولار، وهم لا يأتون كمجاملة وإنما بسبب الخطوات التي اتخذت من الجهات الرقابية في الكويت لتحسين وضع السوق الكويتية ومدى جاذبية للاستثمارات الأجنبية.
وأوضح ان المستثمرين الأجانب مثلهم مثل جميع المستثمرين المحليين، يريدون أن يروا من الحكومة جدية في الممارسة، فاذا نظمنا عمليات المناقصات على سبيل المثال، سنشجع الشركات العائلية على الادراج والمساهمة في تنمية الاقتصاد.
جذب الاستثمارات
وعن القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية، قال المري: «لا ينقصنا شيء للمنافسة والكويتي يقدر، وأنا أقول ذلك بناء على تجربة العمل في مشاريع واستثمارات إقليمية ومع مؤسسات دولية، ولدينا في الكويت ميزات ونقاط قوة كثيرة أهمها نظامنا القضائي بما له من دور مهم، فهنا الكل يضمن حقه ويمكن لأي أحد أن يخاصم من يريد من أعلى الهرم، وإذا له حق فسيأخذه، كما لدينا الكفاءات ومؤسسات مهمة مثل البنك الوطني المصنف كأحد أكثر البنوك أمانا في العالم».
ولكن نبه المري الى أن ما نريد اجتذابه هو رؤوس الأموال الثقيلة والثابتة التي تحقق قيمة حقيقية.
وتحدث عن ميناء مبارك، قائلا: «العراق يبني أيضا ميناء في الفاو، وبدلا من الدخول في مواجهات، يمكن دمج المشروعين في إطار واحد وعرضه على شركات عالمية لإدارته، وهنا فعلا سيترجم ذلك كنجاح».
ضرورة ملحة
وعودة الى موضوع المنطقة الشمالية، قال الزميل يوسف خالد المرزوق انها تتضمن 164 مشروعا إلى جانب تعزيز الوضع الأمني، فنحن مواطنون بمنطقة غير مستقرة، وفي السابق «انقرصنا من الغزو العراقي»، لذلك فنحن بحاجة للتأمين».
وأضاف: «أعتبر مشروع المنطقة الشمالية ضرورة ملحة، وقد ناقشت الفريق الذي عمل عليها، حيث وضعوا الخطوط العامة والرؤية على غرار دول العالم، ثم نذهب للصين وأميركا والدول العظمى ونقول قدموا لنا دراسة جدوى بمشاركتكم وخلق الوظائف، والحكومة الكويتية متعهدة بالمواطن من المهد إلى اللحد، ولكن الآن يخرج الطالب وينتظر 4 الى 5 سنوات للحصول على وظيفة، لذلك فإن هذا النوع من المشاريع يمكن تطبيقه وادخار الأموال وخلق وظائف، ولكنه يبقى صعبا في ظل قوانينا الحالية».
وأضاف: «المنطقة ستتبع الكويت، ولكنها تحتاج تشريعات خاصة حرة على غرار المناطق الاقتصادية والتجارية الحرة، اقليميا وعالميا».
وأوضح المرزوق، قائلا: «في كل دول العالم القطاع الخاص يقوم بالمشروعات تحت إشراف الحكومة، ولكنه يحتاج دعم الحكومة بدلا من وضع العراقيل، وفي الكويت نجد ان المواطنين همهم الأول وطنهم ولكن عندما تقول لهم إن مشروعا في دولة أخرى ينجز في سنة ويحتاج في الكويت 50 سنة فلن يتمكنوا من القيام به».
وتابع: «أشجع الحكومة على الاستمرار في خطى مثل انشاء هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر «كاديبا» لجذب الاستثمارات الضخمة، فـ «كاديبا» تقول أنا أخلص لكم الاجراءات واستثمروا، وقد ثبت نجاحها ويمكن التوسع في هذه التجربة».
وفي الختام، شدد الزميل يوسف خالد المرزوق أيضا على ضرورة توفير فرص العمل «المناسبة» لأبنائنا، فلا نجد أحدا يتخرج مهندسا ويعرض عليه العمل في مستوصف، وذلك كله يكون بتشجيع الاستثمارات والاستفادة من إمكانات الكويت الضخمة والاستمرار في تغيير القوانين التي تكبل الاقتصاد.