تعرض في دار الاوبرا بدمشق مسرحية «ريتشارد الثالث: مأساة معربة» التي يحاول فيها المخرج الكويتي سليمان البسام اسقاط النص الشكسبيري على الواقع العربي، ليخلص الى تجسيد ازمته التاريخية والدموية مع الحاكم الطاغية.
ويقول البسام في حديث لوكالة فرانس برس: «المسرحية ارتكزت على نص شكسبير الاصلي، وكانت القضايا التي يطرحها نقطة الانطلاق لاعادة معالجتها في اطار عربي معاصر».
ويضيف: «النص الاصلي سياسي، ولكنه ايضا نص عائلي يدور في جو قبلي، من هنا جاءت نقطة الارتكاز لاعادة اكتشاف النص في سياق آخر» هو الواقع العربي.
تدور احداث مسرحية ريتشارد الثالث في بريطانيا في القرن الخامس عشر، حيث كانت تسود نزاعات دموية على عرش المملكة وصلت الى حرب اهلية، واستطاع ريتشارد الثالث انتزاع الحكم بعد سلسلة من الاغتيالات والمكائد التي دبرها مع اعوانه، منها قتل ابن اخيه الصغير الذي كان وارث العرش وتحت وصايته.
وتتمثل في شخصية ريتشارد الثالث كل قيمة ممكنة للشر، وتبدو مجردة من اي وازع انساني لمصلحة الهوس بالسلطة. واذا كانت قراءات كثيرة اعتبرت ان البسام يحاول تقديم الديكتاتور صدام حسين في نسخة معربة من ريتشارد الثالث، الا ان المخرج الكويتي ينفي ذلك، ويعزو تلك القراءات الى ان «سيرة صدام حسين هي النموذج الطاغي في عصرنا بالنسبة الى قراءات عن ريتشارد الثالث».
ويضيف: صدام نموذج موجود لا نستطيع الهروب منه اذا كنا نتعامل مع معطيات اقليمية، لكنه ليس الوحيد».
ويستطرد المخرج: «العرض يقول الكثير عن فترة تاريخية معاصرة، ويقدم نموذج البلطجية والعسكر في معرض الحديث عن السلطة وطبقاتها، وكيف يستولي عليها من كانوا مهمشين فيها».
وتركزت الاسقاطات على الواقع العربي على مستوى الديكور والملابس واللغة، فالازياء تنتمي الى منطقة الخليج العربي وكذلك اللغة التي تراوح بين الفصحى والمحكية الخليجية.
ويغدو القصر الملكي مزدانا بالنقوش العربية، اضافة الى تطعيم النص بالشعر وبعض النصوص القرآنية والاحاديث النبوية.
ويقول البسام «اننا امام تاريخ يدور على ذاته، في العرض والواقع»، ويضيف: «لا اعتقد ان العالم العربي استوعب العبرة من الطغيان في العراق وما بعده، من الاحتلال وما بعده».
ويقول: لم يستمر حكم ريتشارد الثالث سوى عامين بعدما غدر بأقرب حلفائه ومن أوصلوه الى العرش. ويقتل في معركة مع ريتشموند، المطالب بالعرش مع عائلة لانكستر، بعد تآمر اعدائه من عائلته.
ويقدم البسام صورة المعركة بين ريتشارد وريتشموند، مستخدما الاخير كشخصية سفير لأميركا في دولة عربية، ويصير غزوه صورة مشابهة لغزو العراق. ويقدم المشهد الاخير لريتشارد وحيدا مع حصان في المعركة، مع تحوير صغير اذ يسأل عن الحصان ويقال له انه «الأمة» قبل ان يقتل فوقه.
ويشارك في العمل ممثلون من الكويت وسورية والعراق ولبنان وبريطانيا، منهم أمل عمران، فايز قزق، جاسم النبهان، نقولا دانيال، بشار عبدالله، كارول عبود، فيصل العميري، ريمون الحصني، نادين جمعة، مناضل داود نايجل باريت.