اعداد: محمد ناصر
«ليس هو الرأس الذي يجب رفعه عاليا ولكنه القلب» قول قديم نسترجعه لكتابتنا عن طبيب رفع رأس الكويت وافرح قلبها بانجاز علمي ووطني تسابقت كبريات الدوريات والمجلات الطبية على تغطيته وإبرازه.
فكما تحتاج الأبدان اقواتها من الغذاء، تحتاج القلوب للمسات وإبداعات د.إبراهيم الرشدان الذي شغل عقله بكل جديد ليريح قلوب البشر فكان له ما أراد عبر إنجازه الأخير.
فمصر التي تفخر بطبيبها العالمي د.مجدي يعقوب ولبنان الذي يتباهى بفيليب سالم ومايكل دبغي والمملكة العربية السعودية التي تزهو بعبدالله الربيعة، تقف الكويت بين هؤلاء ايضا مزهوة ببصمات إبراهيم الرشدان على المستويين المحلي والعالمي مع فارق ان د.الرشدان اتخذ من الكويت منطلقا ومحطا لعطاءاته.
إنجاز عالمي
فبعد ست سنوات من المتابعة لـ 156 مريضا سجل استشاري قسطرة القلب ورئيس وحدة القسطرة في المستشفى الصدري د.إبراهيم الرشدان سبقا طبيا بابتكاره طريقة جديدة لعلاج تفرع شرايين القلب وخاصة شرايين الجذع الرئيسي عن طريق القسطرة ونقلت العملية التي تسمى «سي ام تي» مباشرة وللمرة الأولى في الشرق الأوسط من مختبر القسطرة في المستشفى الصدري عبر الاقمار الاصطناعية الى مدينة بالتيمور في ولاية ميرلاند الاميركية، حيث تعقد خلالها جمعية قسطرة القلب الاميركية انشطة مؤتمرها الدوري والعالمي الخاص بحالات القلب المعقدة والذي يحضره أطباء عالميون.
انجاز الرشدان تصدر صفحات الصحف الكويتية وكذلك الصحف العالمية،التي اشارت الى ان تقنية د.الرشدان ستسجل باسم الكويت من خلال مستشفى الامراض الصدرية.
المسيرة الطبية
بدأ د.الرشدان مسيرته الطبية عام 1989 عندما التحق للعمل في وزارة الصحة كطبيب مقيم في مستشفى الفروانية ثم ترقى الى مساعد مسجل عام 1990 في قسم الأمراض الباطنية. عام 1995 رقي الى مسجل أول ثم اختصاصي امراض باطنية وقلب في يناير عام 2000 ثم انتدب للعمل في مستشفى الأمراض الصدرية كاستشاري أمراض قلب وأوعية دموية وتخصص دقيق في المداخلات القلبية ليصبح رئيس وحدة القسطرة في المستشفى الصدري.
والرشدان المولود عام 1963 خريج بكالوريوس علوم طبية اساسية جامعة الكويت 1986، وبكالوريوس طب وجراحة جامعة الكويت 1989، وحائز على البورد الأميركي للأمراض الباطنية 1995، وزمالة الكلية الملكية الكندية للأمراض الباطنية 1996، والبورد الأميركي لأمراض القلب 1998، وزمالة الكلية الملكية الكندية لأمراض القلب 1998، والبورد الأميركي لتخصص المداخلات القلبية 1999.
كما التحق بالدراسات العليا في جامعة برتش كولومبيا الكندية في فانكوفر وتخرج سنة 1999 بعد التخصص في الباطنية ثم تخصص في طب القلب ثم طب القلب التداخلي.وشغل عضوية هيئة التدريس في جامعة الكويت ورابطة اطباء القلب.
جائزة عالمية
مفاخر وانجازات الرشدان الى جانب انجازه الجديد متعددة حيث حقق في يونيو 2004 نصرا علميا كبيرا بفوزه بالجائزة الثانية على مستوى العالم في مؤتمر باريس العالمي للمختصين في علم طب القلب التداخلي من ضمن 280 مشاركا من جميع أنحاء العالم عرضوا ابتكاراتهم في محاضرات دامت لمدة 3 أيام في باريس بحضور حكام عالميين من أطباء القلب الرواد في مجال قسطرة القلب ليكون بذلك أول طبيب كويتي وخليجي يفوز بالجائزة الثانية في العالم على مستوى جراحة قسطرة القلب. كما عمل أيضا على تسجيل براءة اختراع باسم الكويت في ابتكار أجهزة لحماية القلب من الصبغة التي تستخدم عند اجراء القسطرة، حيث كانت هذه الصبغة تؤثر على الكلى أحيانا، اضافة الى انجازات عديدة منها علاج شرايين القلب في موقع التفرع وعلاج أمراض القلب المصاب بانسداد كامل ووصول المستشفى الصدري ليكون من أوائل المستشفيات في العالم التي بدأت في إجراء عمليات القسطرة.
ولأن الوفاء من شيم الكرام يحرص د.الرشدان دائما على تسجيل النجاحات لفرق العمل المتكاملة فلا يبخس حق أحد من أطباء وممرضين وطاقم إداري، ويستذكر دائما الفضل في إنشاء وحدة القسطرة للأخوين د.عبدالمحسن العبدالرزاق ود.عبدالرزاق العبدالرزاق اللذين كان لهما الفضل بعد الله بحسب قوله في إنشاء وحدة القسطرة.
التقنيات الجديدة
عام 2002 أعلن الرشدان أيضاً عن استخدام تقنية جديدة لعلاج انسداد شرايين القلب، وأوضح انها ستقلل من اجراء العمليات الجراحية وهي عبارة عن دعامات مصنعة من مواد معدنية وأخرى ذكية تزرع داخل الشريان لتوسيع الضيق به وكذلك استخدام الاشعاع لإعادة فتح الدعامات التي تعرضت للتضيق، مبينا ان الكويت من أولى الدول التي استخدمت هذه التقنية على مستوى الشرق الأوسط.
واعلن حينها ان نجاح زراعة الدعامة في الشريان تصل الى 90% وانه اذا لم يحدث الضيق داخل الدعامة بعد مرور ستة أشهر فإنها ستظل مفتوحة الى الأبد، موضحا ان الدعامة الذكية التي بدأ المستشفى الصدري في تطبيقها على حالتين من المرضى لها مواصفات افضل من الدعامة العادية باعتبار انها تمنع اعادة الضيق لاحتواء جدارها على طبقة مغطاة بالأدوية تفرز على فترات مختلفة داخل الشريان.
محط الأنظار
فعمليات القسطرة في الكويت أصبحت محط انظار الزائرين من أكبر المراكز العالمية للقلب للتقنيات والنجاحات التي عمل د.الرشدان وفريق المستشفى الصدري على تدعيمها بالخبرات والآراء اذ لم يعد قدوم الأطباء الزائرين من خارج البلاد يهدف الى تعليم الأطباء المحليين بقدر ما يهدف الى اطلاعهم على المستوى التقني العالي في القطاع الصحي والتشاور والمشاركة في مناقشة العديد من القضايا الطبية.
العطاء المتواصل
العطاء سمة اساسية من سمات د.الرشدان الذي يحرص على تدريب العديد من الاطباء في العالم خلال مشاركته في المؤتمرات ما جعل للطبيب الكويتي مكانة مرموقة بين اقرانه اما الضلع الآخر من العطاء عنده فيتمثل في اخلاصه في التدريس لطلبته في كلية الطب جامعة الكويت التي تخرج فيها ليعمل على تزويد اطباء الاجيال القادمة بكل صغيرة وكبيرة في مجال الطب.
يرى د.الرشدان ان مستوى الطب في الكويت ممتاز جدا وفي تحسن دائم، وما تقوم به في مستشفى الأمراض الصدرية والمستشفيات الأخرى في الكويت يواكب جميع التطورات الطبية التي تحصل في الخارج.
الا انه يرى ان هناك مشكلة فقط في ثقة الناس بالنظام الصحي، وهي المشكلة التي تتلاشى شيئا فشيئا بعد بروز نتائج ما تقوم به من عمل، ففي السابق كان كل مرضى القلب يعالجون في الخارج، أما الآن فكلهم يعالجون في المستشفى الصدري.
ويعتبر د.الرشدان ان نسبة نجاح عمليات جراحات القلب وعلاج أمراض الشرايين عالية جدا لتضاهي الكويت بتلك النسبة أحسن المراكز الطبية في العالم من حيث النتيجة النهائية او التخفيف عن المريض وحماية قلبه من العطب الذي قد يحصل في عضلته جراء مضاعفات العملية.
نصائح وتحذيرات
غالبا ما يقدم نصائحه للكويتيين اذ ينادي دائما بإيقاف التدخين الذي له عامل كبير في إصابة القلب بالأمراض منها امراض الشرايين وامراض السرطان وامراض الرئة. كما ينصح الناس بالاعتناء بالأدوية التي تعطى لهم، لأن هناك الكثير من المرضى يتم علاجهم واعطاؤهم الأدوية إلا أنهم بمجرد الإحساس بالتعافي ينقطعون عن تناول الأدوية والكثير من ادوية القلب لابد للمريض ان يأخذها بشكل منتظم وللأبد ولابد من الالتزام عنده بالعلاج والاهتمام بالسكر لأن الكثير من الناس لا يتحكمون في ضبط نسبة السكر لديهم، وقد سبق له وقدم بحثا في أحد المؤتمرات بأميركا مفاده أنه كلما تم علاج السكر بشكل أكبر تم درء مخاطر امراض القلب عن الإنسان.
التجمع على الطعام
ينظر نظرة غضب الى بعض العادات الاجتماعية التي يصفها بالسيئة اذ انه عند ذهابك الى صديق أو قريب ولم تأكل عنده فإنه سيتخذ منك موقفا يصل لدرجة مقاطعتك ويأسف لأن الوجود الاجتماعي اصبح يرتكز في مجتمعاتنا على التجمع على الطعام ما يؤدي الى زيادة نسبة الكوليسترول والسمنة المركزية التي تتركز حول منطقة المعدة وهذا النوع من السمنة اضراره اكثر خطورة من السمنة المنتشرة في جميع الجسم.
3 أصناف
يصنف الأمراض التي تصيب القلب الى ثلاثة اصناف، أولها امراض تصيب شرايين القلب، وثانيها التي تصيب عضلة القلب، وثالثها الامراض التي تصيب صمامات القلب وهذه الاصناف تختلف من مكان لآخر، فالهند مثلا تشيع فيها امراض الروماتيزم التي تصيب صمامات القلب بالإضافة الى ضيق الشرايين التاجية اما في الكويت فإن النسبة الأعلى والأكثر شيوعا من امراض القلب تتعلق بشرايين القلب، التي يؤدي انسدادها أو إصابتها إلى عطب عضلة القلب وضعفها نتيجة عدم وصول الدم إليها وشيوع أمراض شرايين القلب في الكويت يرجعه الرشدان إلى أسباب كثيرة منها أسباب وراثية كأن ينحدر الإنسان من عائلة غالبية أفرادها مصابة بضيق أو انسداد متكرر في الشرايين او بالذبحة الصدرية ومنها ارتفاع نسبة مرض السكر في الكويت، ومنها ارتفاع ضغط الدم الذي يؤثر على شرايين القلب من حيث الترسبات والجلطات الدموية التي تؤدي غالبا الى انسداد هذه الشرايين ومن الأسباب كذلك ارتفاع نسبة المدخنين في الكويت بشكل كبير بين الصغار والكبار وهو ما يضر بشرايين وعضلة القلب ويجعل المدمن عليه اكثر عرضة من غيره للجلطات الدموية اضف الى ذلك ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم بالكويت مما يجعل الكثير من الناس عرضة للتجلط او الاصابة بأمراض القلب الى جانب عدم ممارسة الرياضة وافتقاد النظام الغذائي.
الرسم والرياضة
للرشدان طقوس معينة عند إجرائه العمليات الجراحية تنحصر جميعها في التركيز على المريض بغض النظر عن مركزالمريض وموقعه ولونه ودينه فالجميع عنده سواء ويشدد على ضرورة سماع صوت الإبرة عندما تسقط على الأرض في إشارة إلى مدى المتابعة الدقيقة والحرص على حالة المريض.
وبعيدا عن غرفة العمليات ومبضع الجراحين تستهوي د.الرشدان الإبداعات الفنية كالتصوير والنحت والرسم ويحرص على ممارسة الرياضة خاصة الجري، ويتابع كل جديد في المجالات الطبية عبر المواظبة على قراءة كل ما هو جديد.
أشهر أمراض القلب
يعدد د. الرشدان انواع أمراض القلب، لكنه يعتبر أن القاتل الأكبر هو الجلطة القلبية أو الذبحة، وتعتبر من أهم الأمراض وتحدث بسبب انسداد شرايين القلب نتيجة لترسب الكوليســـترول داخل الشريان وذلك بسبب عوامل كثيرها أهمها السمنة والسكر والتدخين وزيادة نسبة الكوليسترول ما يؤدي الى تجلط الدم داخل القلب وبالتالي يؤدي الى الذبحة الصدرية والجلطة والوفاة، والأعراض عبارة عن ألم شديد في الصدر مع غثيان، وللأسف هناك أعمار متفرقة قد تصاب بالجلطة نتيجة للأسباب الســـــابق ذكرها، وأهمها التدخين، وننصح بأن يتم الأخذ بالنصائح التي تمنع حدوث هذا المرض، أما بالنسبة لأمراض الصمامات فتعتبر من الأمراض التي لا تلازم أمراض السكر والسمنة والضغط وغيرها من الأمراض التي تؤدي الى أمراض القلب، وأغلب المصابين من الكبار، ويكون على هيئة تكلس الصمام بحيث يكون «يابسا» بسبب تزايد نسبة الكالسيوم، وتكون أعراضه احساسا بفقدان الوعي، وضيق في النــفس ما يحتاج الى فحوصات دقيقة، وأغلب الأحيان يتم اكتشافها عبر سماعات الأذن لدى الطـبيب ويمكن ان يلجأ للسونار، وعلاجـــها هو العمليات الجراحية.