إعداد محمد ناصر
«لقد فتح لنا العلم أبوابه على مصاريعها وأخضع كل الظواهر للدراسة، فأرضنا وبحرنا وجونا، ومن بعد انساننا، لابد ان تتوجه إليها الدراسات العلمية بالجد والعزم، والأخلاق الرحبة فذلك هو مستقبل الكويت الذي يحقق لنا امن البقاء وعزة الوجود».
بتلك الكلمات الموجزة والهادفة حدد سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد ـ رحمه الله ـ برنامج عمل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ليتابع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مسيرة دعم العلم والارتقاء به وليتكفل المدير العام د.علي الشملان بتطبيق افكار صاحب السمو وتوجيهاته وتنفيذها على ارض الواقع عبر انجازات وارقام تتكلم عن نفسها.
العين الصادقة
لا يطربه المديح لأن تأدية الواجب عنده لا تحتاج إلى شكر او ثناء، يستمع ويرحب بالنقد الموضوعي والبناء وبكل عين حريصة ترى وتكتب لأن المسؤول لديه عينان فقط ولنجاحه هو بحاجة لكل عين صادقة وغير متزلقة.
شخصيته واثقة وطبيعته هادئة وخزائنه الفكرية تفيض بعطاء العالم وبرؤية الإداري الذي تسلم مهامه كمدير عام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي منذ عام 1985.
رصيده في مجال البحث العلمي وافر ومميز اذ قدم العديد من الأبحاث عن الجيولوجيا أمام الكثير من المؤتمرات العربية والعالمية ومثل الكويت فيها.
الجيولوجي الأول
كان أول كويتي يحصل على شهادة الدكتوراه في الجيولوجيا عام 1973 من جامعة تكساس في الولايات المتحدة ونال البكالوريوس عام 1967 والماجستير 1971.
بدأ حياته الأكاديمية من مدرس في قسم الجيولوجيا في جامعة الكويت عام 1973 ثم رئيسا لقسم الجيولوجيا عام 1975 فمساعدا لعميد كلية العلوم عام 1978 فعميدا لكلية العلوم عام 1982، ووزيرا للتعليم العالي في الحكومة الـ 13 و14 و15، وكان د.علي الشملان اول من دعا الى تعديل قانون جامعة الكويت عام 1977، كما كان من ابرز الداعين لدى التحاقه كعضو هيئة تدريس في الجامعة إلى ضرورة ان يكون مجلس الجامعة من الأكاديميين لمعرفتهم الوثيقة والوطيدة بشؤون جامعتهم اكثر من غيرهم.
الدكتوراه الفخرية
فلسفته خلال توليه قيادة التعليم ارتكزت على اعتبار ان الانسان هو العنصر الاساسي في العملية التربوية، فعمل على التوازن بين الجانب النظري والجانب التطبيقي في خطة الوزارة التعليمية وعمل على الربط بين التعليم الجيد والخطة التنموية للدولة لتوظيف التعليم لخدمة التنمية الوطنية.
بصماته على الصرح التعليمي كبيرة اذ كان له دور بارز في اعادة الاعمار وعودة الحياة الاكاديمية والعلمية في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ومعهد الكويت للابحاث العلمية بعد ان تم تدميرها من قبل النظام العراقي نتيجة الغزو العراقي الغاشم للكويت، وعمل بجهد كبير في عملية ربط الهيئات العلمية الكويتية بالمؤسسات والجامعات العالمية واقامة مشاريع علمية ودورات تدريبية مفيدة للباحثين والدارسين وأبناء المجتمع الكويتي.
عام 2001 استحق الدكتوراه الفخرية من جامعة ماساشوستس الاميركية في احتفال كبير تم فيه تقديم شهادات الدكتوراه الى 130 من خريجي الجامعة وشهادة الماجستير الى 1400 في مختلف التخصصات العلمية فكان من بينهم حيث شكر الجامعة وتحدث حينها عن اكبر كارثة بيئية في القرن العشرين عندما تسبب فيها النظام العراقي اثناء غزوه للكويت باحراق اكثر من 700 بئر نفط كويتية نتج عنها اكثر من 400 بحيرة نفطية، كما تحدث عن دور جامعة ماساشوستس في عمل البحوث العلمية والدراسات اللازمة في هذا المجال لمساعدة الكويت للتخلص من آثار تلك الكارثة.
كرمته أيضا امارة عجمان عام 2008 بجائزة اصحاب الخدمات المجتمعية عن الكويت مع كوكبة من المكرمين على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي تقديرا لجهوده العلمية المخلصة ودوره المتميز في المجالين العلمي والثقافي.
الشعر والادب
يعتقد الناس ان رجالات التخصصات العلمية عادة ما تستهويهم فقط الاستكشافات والاختراعات والتطورات العلمية التي تتوالى في زمننا الا ان مدير عام المؤسسة العلمية الاولى يجمع المجد من طرفيه، فهو قارئ نهم للشعر والادب تستهويه الكلمة المبدعة والجميلة بغض النظر عن قائلها وان كان يرى في المتنبي الشاعر الذي لا يزيده الزمن الا تألقا وتوهجا ولمعانا.
للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الآثر الاكبر في نفسه فسيرته العطرة نبراس يهتدي به الجميع في هذه الحياة بمختلف جوانبها، ولوالده بصمات كبيرة في حياته فهو صاحب الفضل الكبير في مسيرة د.علي الشملان.
يستذكر دائما افضال من علموه وغرسوا فيه حب العلم والتعليم ويرى مآثرهم دائما في حياته والتي لايزال ينهل منها الى الآن.
الرحلة المهنية
فبالاضافة لتوليه منصب مدير عام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي منذ عام 1985 فقد شغل عضوية العديد من اللجان والمجالس على مر رحلته المهنية، فكان عضوا للجنة العليا المشكلة للاشراف على تقويم النظام التربوي عام 1985، وعضو في المجلس الاعلى للتعليم وعضوا في مجلس الخدمة المدنية والمجلس الاعلى للتخطيط عام 88 وعضوية مجلس الامناء في جامعة الخليج، كما عين وزيرا للتعليم العالي في التعديل الوزاري للتشكيل الثالث عشر من 6/9/88 حتى 12/6/90 وفي التشكيل الرابع عشر من 20/6/90 حتى 20/3/91 والخامس عشر من 20/4/91 حتى 7/10/92.
الصرح الشامخ
فمؤسسة الكويت للتقدم العلمي صرح شامخ يتوسع اثره عاما بعد عام وتتسع مساحاته العلمية والفكرية لتشمل ميادين شتى في العلوم والمعارف على نحو يلبي حاجة الكويت ومحيطها الاقليمي في مجال البحث العلمي الداعمة لمسيرة التطور والارتقاء في الكويت وذلك برعاية من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد رئيس مجلس ادارة المؤسسة.
رصيد الإنجازات عامر بأكثر من 717 مشروعا للبحث العلمي وأكثر من 210 إصدارات علمية قيمة ونيل أكثر من 222 عالما متخصصا من داخل الكويت وخارجها جائزة الكويت، اضافة إلى تنفيذ عدد كبير من البرامج للمنتسبين للمؤسسات العلمية، وتقديم المنح التدريبية لتطوير المهارات وكذلك العديد من المسابقات والجوائز في شتى صنوف المعرفة العلمية لتشجيع الشباب على المعارف، وإنتاج الافلام العلمية والوثائقية المتميزة وعقد الاتفاقيات مع الجامعات والمراكز العلمية العالمية المرموقة للتعاون واستثمار الخبرات العالمية في تنمية وتطوير الكوادر البشرية.
الجائزة الإلكترونية
خطوة أخرى أضافتها المؤسسة لعطاءاتها وهي جائزة الكويت الإلكترونية التي اطلقت عام 2008 برعاية واحتضان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وبالتعاون مع الامم المتحدة من اجل تنمية وابراز الانجازات الكويتية في مجال المحتوى الالكتروني والتنمية التكنولوجية واثراء المحتوى التقني في مجال المعلوماتية. وتقام سنويا للتشجيع على الإنتاج التكنولوجي الذي يبنى على اسس علمية، واثراء المحتوى الالكتروني المحلي بما يعزز من مكانة الكويت بعالم التكنولوجيا فيظهر للعالم مدى التقدم والتطور لدى شباب الكويت.
جائزة الكويت هي الامتداد الكويتي لجائزة القمة المعلوماتية العالمية wsa، حيث يتم اعتماد ترشيح أصحاب المشاريع الالكترونية الفائزة بالجائزة المحلية كمرشحين رسميين عن الكويت للتنافس على الجائزة العالمية، ما يعزز فرص الكويت في الفوز ورفع اسم الكويت عاليا في المحافل التكنولوجية الدولية.
أطلس الكويت
ويمثل اطلس الكويت مكانة مرموقة بين إنجازات المؤسسة والذي يعتبر أول موسوعة ثقافية علمية ترصد الخصائص البيئية والجغرافية للكويت، وهدفه تقديم مادة علمية قيمة تشتمل على جوانب ثقافية وتعليمية في آن واحد، الى جانب تعريف المهتمين من الطلاب بالموارد الطبيعية والاشكال التضاريسية والطبيعية، فضلا عن الاثار الجسيمة التي خلفتها حرب الخليج على ارض الواقع». كما يعد انتاجا علميا متميزا يعبر بصدق عن التعاون الكبير الذي حظيت به المؤسسة، من علماء بارزين في مختلف المجالات العلمية التخصصية»، وهم مجموعة كبيرة من العلماء بلغ عددهم 41 باحثا ساهموا في الكتاب الذي تناول 61 موضوعا علميا. واشتمل الاطلس على 134 توضيحا ما بين صور فضائية وفوتوغرافية وشكل بياني.
جائزة العلوم الطبية
وعرفانا من المؤسسة بأهمية دعم التطور الحضاري ودفع عجلة التنمية الانسانية في المنطقة العربية والشرق الاوسط، اعلن د.الشملان عام 2007 عن جائزة جابر الدولية للعلوم الطبية بناء على توجيهات سامية من صاحب السمو الأمير ورئيس مجلس ادارة المؤسسة الشيخ صباح الأحمد وتم رصد مبلغ مليون دولار للفائز وتمنح مرة كل سنتين لمن يقدم خدمة متميزة في العلوم الطبية على المستوى العالمي.
همة عالية
لا تهدأ ولا تتوقف مشاريع د.الشملان في توسيع انشطة المؤسسة وآخرها ما اعلنه عن النية بإنشاء قناة فضائية علمية هدفها نشر الثقافة والتوعية والتنمية العلمية على المستويين العربي والمحلي وابراز جهود الكويت والمؤسسة في نشر المعرفة والعلوم باللغة العربية.
وتمثل الاختراعات وتشجيعها حيزا بارزا ومتقدما في مفكرة المؤسسة فكان «مركز الشيخ صباح الأحمد لرعاية المتميزين والموهوبين والمبدعين» وبمبادرة من صاحب السمو ايضا تم انشاؤه بهدف توفير الدعم المالي والعيني لبرامج وانشطة الكشف عن المتميزين والموهوبين والمبدعين ورعايتهم وتقديم المنح لهم لتنمية مواهبهم وتذليل الصعوبات التي تواجههم وتقديم جوائز لهم في مجالات اختصاص المركز المختلفة، اضافة الى اعداد البرامج والدراسات في مجال اختصاصه ودعمها ذاتيا او بالمشاركة مع غيره واعداد وتطوير وتدريب الكوادر المتخصصة في مجال اكتشاف الموهوبين وتقديم المشورة للجهات الحكومية وغير الحكومية والتنسيق مع المؤسسات والمراكز الاخرى ذات العلاقة داخل الكويت وخارجها وتنفيذ البرامج الاعلامية المتخصصة لنشر المعرفة والوعي في مجال الموهوبين.
نجاحات المؤسسة
مسيرة الشملان مع المؤسسة مسيرة نجاحات وعطاءات بتوجيه من رئيس مجلس إدارة المؤسسة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الداعم الاول للعلم والانشطة البحثية والتشجيع على العطاء والابداع، إذ استطاعت تحقيق انجازات كثيرة داخل الكويت وخارجها، لكن هذه الانجازات يفضل د.الشملان تقسيمها الى نوعين رئيسيين، اولهما ملموس للجمهور، والآخر لا يعرفه الا المهتمون بالبحث العلمي والمتابعون للقضايا العلمية في الكويت وخارجها.
ومن امثلة النوع الاول انشاء المركز العلمي في منطقة السالمية، والذي اصبح منارة علمية وتثقيفية وتوعوية متميزة على مستوى الشرق الاوسط، و«مركز دسمان لأبحاث وعلاج أمراض السكر» الذي يعد واحدا من اهم المشروعات البحثية والعلاجية في الشرق الاوسط، ورمزا من رموز النهضة الشاملة والحديثة في الكويت، وكذلك الدعم المادي الذي تقدمه المؤسسة للوزارات والهيئات المختلفة والشركات المساهمة، واصدارات المؤسسة المختلفة.
اما النوع الآخر الذي ربما لا يكون ملموسا لدى الجميع، فهو الغالب على انشطة المؤسسة، ومن ذلك دعم جميع المؤتمرات والملتقيات العلمية والبحثية التي تقام في الكويت، ومنها معهد الكويت للابحاث العلمية وجامعة الكويت، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، والهيئة العامة للبيئة، والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية والنادي العلمي والجمعيات الطبية والهندسية.
يحرص د.الشملان دائما على الافادة والاشارة لاهمية الاتفاقيات التي وقعتها المؤسسة مع عدد من الجامعات العالمية المرموقة، منها جامعات اكسفورد وكيمبردج للاقتصاد والعلوم السياسية في بريطانيا، وجامعة هارفرد ومعهد m.i.t وجامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الاميركية، ومعهد العلوم السياسية في باريس لانشاء عدد من الكراسي المتخصصة في الدراسات الخليجية، ودعم وتمويل المدرسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، وهي مدرسة انشئت بالتعاون مع عدد من الجهات العلمية في كل من الكويت وسورية ثم انضمت إليها لبنان.
الاسهامات الدولية للمؤسسة عديدة منها مشاركتها في دعم مركز عبدالسلام للفيزياء النظرية في مدينة تريستا الايطالية، الذي يقدم خدمات علمية للعلماء من دول العالم الثالث، بهدف دعم خطوات التنمية والبحث العلمي في بلدانهم.
أما المسابقات والجوائز فيها في شتى صنوف المعرفة العلمية بمبادرتها او بالتعاون مع المؤسسات الاخرى في الدولة لتشجيع الشباب على المعارف والانشطة العلمية، مشيرا الى الجهات التي تتعاون معها وتدعمها لتنفيذ مشاريعها العلمية مثل النادي العلمي الكويتي ودار الاثار الاسلامية ومركز التميز في جامعة الكويت وجمعيات النفع العام.