الهندسة الديبلوماسية
من عمق الأزمة انتشل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد المصالحة العربية وهندس الجسور التي رأبت الصدع ومهدت لعبور هوة فرضتها الظروف الصعبة على منطقتنا.
لقد شكلت قمة الكويت الاقتصادية الجسر الأول للمصالحة بعدما تكللت بمبادرة خادم الحرمين الشريفين بالدعوة لتجاوز الخلافات ورفع آثار التفرقة عن كاهل الأمة، وكانت القمة العربية المصغرة في الرياض أمس الأول الجسر الثاني لعودة الاشقاء الى تضامنهم المنطقي المنسجم مع التاريخ والعقل والواقع، ويبدو ان الطريق التي اعتقدنا انها مغلقة وتوجسنا من عتمتها قبل أشهر قد اصبحت سالكة تماما الآن.
وقد جاءت دعوة صاحب السمو الأمير الى الرياض لتكون خير شهادة على دور أمير الديبلوماسية الناصع والجبار في اجتراح العلاج من قلب المشكلة وهندسته بحكمة بهدف اعادة تشكيل المواقف الاقليمية بما يمهد للمرحلة التالية وهي ترجمة التضامن والتنسيق الى آليات لمعالجة الأزمات في الشرق الأوسط.
لا يخفى على أحد ان الخلاف العربي ـ العربي قد اسهم في تعميق العديد من أزمات المنطقة وتجميد عدد لا بأس به من الملفات الحيوية وتعقيدها وتسبب بتوترات خطيرة، لكن هاهي الأمور تعود مجددا الى الخط السليم، وبصفاء النوايا وصدق العمل ليس هناك شيء مستحيل.
اثير الكثير من الكلام حول غياب قطر عن قمة الرياض ومما لا شك فيه ان وحدة كلمة العرب تقتضي أن يكونوا جميعا يدا واحدة وان يعملوا جميعا بقلب واحد، وكلنا أمل بأن حكمة صاحب السمو الأمير وجهوده المباركة التي حلّت المشكلة الأكبر، ستسهم في اكتمال صورة التضامن العربي في القمة العربية المرتقبة في الدوحة وتذلل ما تبقى من تباين وخلافات، فمهما بلغت الخلافات العربية يبقى ما يجمعنا من مصالح وأخوة أكبر بكثير مما يفرقنا.
من هنا، كلنا أمل في ان تكون قمة الدوحة الجسر الثالث الذي لن تصعب هندسته ومدّه على من يملك الرؤية الثاقبة والرأي السديد ويحمل في قلبه محبة كل الاخوة ويحرص كل الحرص على مصالح وخير الأمة.
بوركت جهود صاحب السمو الخيّرة التي رسّخت مكانة الكويت المرموقة بين شقيقاتها والتي تشكل اليوم مدعاة فخر لكل مواطن كويتي وبارقة أمل لكل انسان في عالمنا العربي.
الصفحة الأولى في ملف ( pdf )