مؤمن المصري ـ ماضي الهاجري
أعرب مجلس القضاء الأعلى عن معارضته للاقتراح بقانون الخاص بإنشاء المحكمة الدستورية العليا والذي قدمه بعض النواب، مشيرا في رده بهذا الخصوص إلى أنه سبق ان تدارس المشروع المقترح في دورات سابقة وأبدى ملاحظات عليه أكثر من مرة ولم يتم تداركها على الرغم مما يشوب بعض نصوصه من شبهة عدم الدستورية لاسيما ما يتعلق بالنص الخاص بتشكيل المحكمة الدستورية عبر إشراك غير القضاة في هذا التشكيل.
وكان النواب أحمد السعدون ومسلم البراك وخالد الطاحوس والصيفي الصيفي ود.حسن جوهر قد تقدموا بمقترح جديد في هذا الشأن.
وسجل مجلس القضاء على المقترح الجديد الملاحظات التالية:
أولا: ان هذا التشكيل بالصورة المقترحة يتضمن إهدارا لضمانات استقلال القضاء، وإخلالا بمبدأ فصل السلطات، إذ أدخل في تشكيل المحكمة الدستورية وهي «جهة قضائية» عناصر غير قضائية وأسبغ عليهم ولاية القضاء خلافا لحكم الدستور الذي حدد اختصاصات السلطة القضائية والتي تتولاها المحاكم، كما حدد اختصاصات السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية تحديدا قاطعا على سبيل الحصر، وليس من بينها ممارسة القضاء.
ثانيا: ان نص المادة «173» من الدستور جاء صريحا في أن الجهة التي تختص بالرقابة على دستورية التشريعات هي جهة قضائية، أي يجب أن يكون تأليفها من قضاة، ولا يجوز أن يدخل في تشكيلها أعضاء سياسيون أو من الشخصيات العامة التي يختارهم مجلس الأمة والحكومة، إذ يجب أن تكون هذه الجهة مستقلة عن السلطة التشريعية التي يتولاها مجلس الأمة، وعن السلطة التنفيذية التي تتولاها الحكومة، وتأسيسا على ذلك فإن وجود غير القضاة ضمن تشكيل المحكمة مؤداه عدم اعتبار هذا التشكيل داخلا في إطار المحكمة الدستورية كجهة قضائية، وينبني على ذلك اعتبار هذا التشكيل هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي، بما يغدو إسناد هذا الاختصاص إليها سلبا لاختصاص عهد به الدستور لجهة قضائية وهي المحكمة الدستورية، كما يحول النص المقترح بالصورة التي أُفرغ فيها بين المواطنين وبين الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعي، ويفرض عليهم هذا النص محكمة مشكلة تشكيلا خاصا من ابتداعه، فضلا عن أنه يعاب على هذا التشكيل غير الملائم التشكيك في صلاحية أعلى جهات القضاء في الكويت للقيام بمهمة تُعد من صميم اختصاصاتها، علاوة على ان الاعضاء من الشخصيات العامة لن يكونوا مؤهلين لنظر القضايا، وأن إدخالهم في تشكيل المحكمة يشكك في حيدتها ويجعل للاعتبارات السياسية وزنا في أحكامها.
ثالثا: ان السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو شؤون العدالة، ولا شك أن إشراك غير القضاة ممن يختارهم مجلس الأمة والحكومة في تشكيل المحكمة يعتبر تدخلا في القضايا وفي شؤون العدالة، إذ إن التدخل لا يقتصر على الضغط للتوصل إلى حكم معين في إحدى الدعاوى، بل يشمل أيضا التدخل عن طريق التشريع بهدف اشراك أشخاص لا ينتمون إلى الجهة القضائية في شؤون العدالة، وماسا بالاستقلال المقرر للمحاكم، ويعتبر ذلك مخالفة دستورية خطيرة من شأنها أن تهدم دعامة أساسية من دعائم الديموقراطية وسيادة القانون.