بلال غملوش
المشاكس، المثير للجدل، المتغطرس، العبقري، الظاهرة، الداهية، كلها صفات تجتمع في شخصية المدرب البرتغالي الصاخب جوزيه مورينيو، هو مدرب قلما مر مثيل له، تختلف أحيانا مع أفكاره التدريبية، وعبقريته في ابتداع الخطط التكتيكية. ولكن لابد ان ترفع له القبعة احتراما وتقديرا على انجازاته في البرتغال وانجلترا وايطاليا، أحيانا كثيرة لا يحبذ الكرة الممتعة والهجومية، رغم انه من مدرسة «برازيل اوروبا»، كما تتصف الكرة البرتغالية، فجل ما يهمه هو البحث عن الفوز بصرف النظر عن الطريقة لأن «الغاية تبرر الوسيلة».
يجيد مورينيو تطبيق طريقة «كاتيناتشيو» ببراعة فائقة، وكأنه هو ابتدعها، ومن خلالها أمسك بالمجد من أطرافه الـ 3، عندما قاد انتر ميلان الى الثلاثية التاريخية (الدوري والكأس في ايطاليا ودوري أبطال أوروبا) في الموسم المنتهي، وأعاد الى أذهان الإيطاليين عامة ومشجعي انتر خاصة، اسم المدرب هيلينيو هيريرا الذي صنع انجازات الـ «روزونيري» في فترة الستينيات من القرن الماضي، وكرس سطوته على اوروبا بلقبي دوري الأبطال عامي 1964 و1965، وكان مورينيو يبلغ من العمر سنتين، وهذا اللقب كان عقده مورينيو مع تشلسي الانجليزي، فحقق كل شيء مع النادي اللندني، ما عدا دوري ابطال اوروبا، وربما هذا أحد أسباب مغادرته «ستامفورد بريدج».
توقع المدرب الانجليزي الراحل «السير» بوبي روبسون ان يكون لمورينيو، عندما كان الأخير مساعدا له في تدريب سبورتينغ لشبونة البرتغالي وبرشلونة الاسباني، شأنا عظيما بقوله «قال لي مورينيو انه يريد أن يكون مدربا أساسيا، وشعرت بأنه يوما من الأيام سيكون مدربا عظيما، كانت عنده ثقة عظيمة في قدراته».وهكذا كان.
يملك مورينيو «كاريزما» وشخصية قوية، يبلغ تأثيرها مداه في أي فريق يكون محظوظا بالإشراف على تدريبه، كما كان عليه الحال مع بورتو البرتغالي وتشلسي وانتر ميلان، ولاحقا في فريقه الجديد ريال مدريد الاسباني، فالفرق المنافسة تهاب مورينيو نفسه، اكثر من النادي الذي يدربه. وربما ينفرد مورينيو بميزة عن غيره من المدربين، فمن المتعارف عليه ان يكون لأي متابع لكرة القدم لاعبه المفضل، ولكن هذا المدرب كسر القاعدة، وبات له جمهورا خاصا، وهناك الكثير من عشاق اللعبة واظبوا على حضور مباريات انتر في الفترة الاخيرة، ليس حبا في النادي الايطالي فحسب، إنما إعجابا بالمدرب البرتغالي، ما يعني ان مورينو يزيد من رصيد شعبية فريقه، وقد يحدث ذلك ايضا مع ناديه الملكي الجديد.
قبل إزاحة الستار عن كأس العالم في جنوب افريقيا، اعدت وكالات الأنباء العالمية تقارير عن النجوم الذين سيفقدهم المونديال، لان منتخبات بلادهم أخفقت في التواجد في العرس العالمي الأفريقي، ولكن لم تذكر قط من هم أبرز المدربين الغائبين عن النهائيات، وبطبيعة الحال يأتي مورينيو في طليعة هؤلاء، لاشك ان حضوره سيكون مادة دسمة للصحافة، ويسهل عليهم الكثير في التفكير بـ «المانشيت»، لأن صاحب اللسان السليط، يختار كلماته بفلسفة تستفز منافسيه وما أكثرهم، وتصل احيانا الى حد السخرية منهم، كما قال عن مدرب روما الايطالي كلاوديو رانييري عندما كان الأخير مدربا لتشلسي «عاش في إنجلترا 5 سنوات، وكان يعاني ليقول كلمة صباح الخير ومساء الخير».
قد يتساءل البعض مستغربا، لماذا لا يوظف مورينيو علومه التدريبية في خدمة منتخب البرتغال، ويقوي من حظوظها في الصراع على التتويج باللقب العالمي للمرة الاولى في تاريخها؟ والجواب ببساطة كما يقول مورينيو «لا أحبذ تدريب المنتخب، لأنني اريد ان أدرب كل يوم». ولكن ربما يأتي يوما يمل فيه من التدريب اليومي، بعد ان يكون قد اتخم بالألقاب التي بلغت حتى الآن 14 لقبا، وتسرب الملل اليه، فيعدل عن قراره ويشرف على تدريب أي منتخب ليس بالضرورة منتخب بلاده، لأنه يعشق التحدي ويريد ان يبحث عن طموحات أعلى مستوى من مسابقات الأندية محليا وقاريا، ليرصع سجله الذهبي بنجمة كأس العالم.
فكما تقدم «السامبا» المتعة في الأداء، يجيد مورينيو الإثارة في الكلام، وهذا ما سنفتقده في جنوب أفريقيا، لأن «السبيشل وان» كما أطلق على نفسه بعد توليه تدريب تشلسي، لن يقف في المنطقة الفنية المخصصة للمدربين، او يظهر في قاعة المؤتمرات الصحافية.وسنردد له اغنية «فنان العرب» محمد عبده «الأماكن كلها مشتاقه لك».