كيف يحدث الرهاب للإنسان؟
هل حدث ان تعرفت على شخص يخاف من الاماكن العالية او المغلقة.
هناك اناس يخافون من التجمهرات والزحام، بل ويخافون ان يلمسهم الآخرون؟ ان مثل هذه المخاوف تندرج في حالة مرضية تسمى الرهاب او الفوبيا.
هل يمكن اعتبار هؤلاء الناس مرضى من بعض الوجوه؟ كلا، ولكن يجب ان نقول انهم يعانون من بعض الاضطرابات العاطفية، كأن يكون هناك شيء يشوشهم او شوشهم في الماضي بشدة.
ويحاول مثل هؤلاء ان يتفادوا هذا الاضطراب العاطفي - الذي يمكن تسميته (الما نفسيا) كما يتلافى المريض الألم الجسماني.
اننا ننفعل جميعا بالمؤثرات العاطفية، نبكي، نحمر خجلا، او نتفصد عرقا.
لكن بعض الناس الذين يشعرون بوطأة هذه المؤثرات بقوة اكبر، او تكون قدرتهم على المقاومة اضعف ينزعون الى التعامل مع الألم العاطفي بطريقة غير طبيعية وغير اعتيادية، ويسمى هذا النوع من رد الفعل احيانا بالعصاب.
ومن ردود الفعل في هذا المجال ما يتطور الى الرهاب وهو خوف غير معقول من امور معينة كالخوف من الاماكن العالية او المغلقة، وغالبا ما تكون الاشياء التي يخافها المرعوب هي مما يمكنه تحاشيه، فالتسلق او الاقامة في مكان مغلق ليست ملزمة لأحد ويمكن للمرء ألا يفعلها، وبالتالي فإن الخوف منها لا محل له. ولكن ما الذي يدفع الى مثل هذا الفزع الموهوم؟
ان منشأ ذلك قد يكون من تجربة مر بها المرعوب وهو طفل، كأن يكون قد خاف من والده فنقل خوفه، لا شعوريا الى المكان العالي الذي يصبح عنده رمزا لذلك الوالد.
ولما كان هو لا يخاف المكان العالي فبإمكانه ان يتجنب مواجهة حقيقة كونه يخاف من والده. مسألة معقدة بلا شك.
لكن هذا هو شأن السلوك البشري الذي هو معقد جدا، ويخضع لملابسات عديدة يدرسها علماء النفس، ومهما يكن الحال فالرهاب حالة غير مقلقة لأنه مسألة نفسية خالصة.
من كتاب: غرائب جسم الإنسان ـ د.خالدة سعيد