جنكيزخان ـ ملك وفاتح مغولي
من السهل جدا اعتبار جنكيزخان رجلا همجيا، غير متعلم، استطاع بقوة شخصيته، ونزعته العسكرية الرائعة وحدهما أن يحتل كل آسيا تقريبا في القرن الثالث عشر، إن ذلك نصف الحقيقة، لأن الزعيم المغولي الكبير كان رجلا على جانب كبير من الدهاء السياسي كذلك، والمعروف انه ما ان احتل آسيا حتى وضع برنامجا شاملا لحكمها، وكانت مأساته، أو ربما مأساة آسيا أيضا، انه توفي قبل ان يضع ذلك موضع التنفيذ، ومن المؤسف حقا ان خلفاءه لم يكونوا بمثل مقدرته.
كان اسم جنكيزخان الحقيقي تيموجين، وكان ابن زعيم مغولي توفي سنة 1175، تاركا ابنه البالغ من العمر ثلاث عشرة سنة وارثا له، وكان إرثا قاسيا حقا، فقليلون من شركاء الزعيم القديم ارتضوا أن يحكمهم صبي، ولكن تيموجين لم يكن صبيا عاديا، كان أكبر من عمره، خشنا، وشجاعا مقداما، فما لبث ان أبرز في فترة قصيرة جدارته باحترام الأكبر منه سنا.
وشرع تيموجين في بناء قوة عسكرية محاربة من الفرسان المسلحين، ذلك بأنه كان يفكر مذ ذاك بتوسيع أراضي والده، فما ان انتهى القرن الثاني عشر حتى بات سيد قسم كبير من منغوليا، ودعاه أتباعه جنكيزخان، وتعني «السيد المطلق».
وفي سنة 1206 شن جنكيزخان أولى غزواته الكبيرة في آسيا، هاجم الصين، وخرق سورها العظيم في عدد من الأماكن، وما انفك أن احتل الشمال بأسره، ثم تحول غربا، وفي خلال السنوات العشر التالية اجتاح جزءا كبيرا من آسيا، بما في ذلك فارس، وأفغانستان، وأرمينيا، ومعظم الهند، ومناطق شاسعة في روسيا، وما ان حلّت السنة 1223 حتى ادعى انه سيد آسيا، وأعلن انه يقتضي سنة واحدة لاجتياز ممتلكاته من أقصاها إلى أقصاها، والعودة الى نقطة الانطلاق، على ظهر فرس، وفي سنة 1227 شرع في غزوة أخرى، ولكنه قضى في الطريق.
(من كتاب: صانعو التاريخ ـ سمير شيخاني)