ابن النفيس
من أهم الأطباء العرب في المرحلة الثانية من ازدهار الطب العربي ـ الإسلامي في العصور الوسطى مكتشف (الدورة الدموية) التي نسبت الى (ويليام هارفي) في القرن السابع عشر.
ولد (ابن النفيس) في اول القرن الثالث عشر الميلادي عام 1210، اي السابع الهجري، في دمشق، التي كانت قد ورثت مجد بغداد الطبي، وتعلم على يد جهابذة الطب في عصره في البيمارستان (المستشفى) الذي كان أحد أكبر المستشفيات في العالم آنذاك.
وابتدعوا فيه (الطريقة الإكلينيكية) التي عمل بها الغرب في القرن السابع عشر.
عاش ابن النفيس في(بين القصرين) وعرفه المصريون شيخا نحيلا طويل القامة غائر الخدين كثير السهر، يقوم بتدريس الفقه أيضا، لكنه يخلو الى نفسه في جزيرة شبرا الرائعة آنذاك.
كان ابن النفيس شاهدا على حروب المماليك والحروب الصليبية واعتقال لويس التاسع في المنصورة وهزيمة التتار في حلب وهجوم هولاكو على بغداد وشارك في مكافحة الوباء الذي حل بمصر عام 1272.
كان غزير الكتابة، وحين يكتب، يجعل وجهه الى الحائط ولا يتوقف حتى يفرغ من الفكرة تماما، ويروى عنه انه خرج مرة من الحمام (في باب الزهومة) وطلب دواة وورقا وقلما وألف مقالة في (النبض) مازالت حتى اليوم مرجعا للطب في الغرب، ثم عاد يستكمل استحمامه!.. أخذ عن (جالينوس) رائد الطب اليوناني، لكنه انتقده وهو ما لم يجرؤ عليه إلا قلة، كان كريما بمعلوماته، شديد التواضع، غزير العلم، ألف الكثير جدا من المجلدات، التي لم يصل منها إلا القليل (حتى الآن) ومنها (الشامل في الطب) وهو موسوعة، وكتاب (المهذب في الكحل) وموجود الآن في الفاتيكان، وهو عن صديد العين وعلاج الرمد الحبيبي، وله كتاب (المختار من الأغذية) وموجود في برلين، و(شرح فصول أبقراط اليوناني) وموجود في برلين وباريس وإكسفورد والاسكوريال (في مدريد) وله شرح القانون في الطب عن كتاب ابن سينا.
كما ألف ابن النفيس في اللغة وعلم البيان والحديث.
لكن أهم إنجازاته هو اكتشاف فكرة (الدورة) في الدم، وقد صحح الكثير مما قيل قبله حول النبض، الذي قسمه الى أنواع منها: العظيم والصغير والمنشاري والدودي والنملي، كما شرح عمل (الشريان الوريدي) لأول مرة.
وكان اول من عرف (وجود أوعية داخل عضلة القلب تغذيها) مما يدل على انه مارس التشريح، وتوصل الى ان (البطين الأيسر والشرايين هي المليئة بالروح)!!
بينما تحدث عن (غلظة الدم القادم من الكبد)!!
نبع في القرن الثالث عشر، عصر (بدء) تكوين الجامعات في الغرب! ومات عن 80 عاما.
من كتاب: شخصيات صنعت التاريخ ـ أسيمة جانو