كان للصورة الفوتوغرافية منذ ظهورها في بدايات القرن التاسع عشر، وحتى اليوم دور مهم على مسرح الحياة الانسانية، وتغيرت تقاليدها وتعددت عطاءاتها على مدار الزمن، نشهد تأثيرها بدرجات كبيرة متسارعة، حتى سمي عصرنا بعصر الصورة، تستأثر باهتمامنا ونفتتن بسحرها.
وان كان للصورة اشكال مختلفة بالمعنى التقني، ففي اعمال الفنان عادل بوجبارة، نقف امام صور فوتغرافية اصلية مؤلفة من عناصر واقعية لاشكال من الطبيعة الحية والصامتة، استخدم فيها آلة التصوير (الكاميرا) لالتقاط مناظرها: اشخاص، عمارة، زهور، طيور، لؤلؤ ومجوهرات، في صور رباعية اتاحت للمصور الفنان فسحة من الابتكار.
وان كانت لعادل بوجبارة مساهمات اخرى في التشكيل والتصميم الداخلي، وتصميم الملصقات الفنية الدعائية، فإننا اليوم نتفاعل مع الصورة الفوتوغرافية كنص بصري جمالي يتناول القيم الفنية البحتة، من عناصر التكوين والخط واللون والظل والاضاءة.
فلم تعد الصورة مرآة عاكسة لموضوع فيزيقي، اي انها لم تعد حيادية، ولم تعد مجرد وسيط سلبي ناقل، انها فاعلة ومؤثرة، وكذلك لم يعد الفنان مجرد ملتقط للصورة، بل اصبح صانعا لها، اذ ان تعريف المصور على انه مجرد ملتقط فيه اقصاء له من دائرة الفن، التي من اهم سمات المنتمين لها هو خلعهم ذاتهم على الصورة، وبذلك تصبح الصورة منتمية لهم، وجزءا من ذاتهم، لا شيئا منفصلا عنهم.
في تجربة الفنان بوجبارة، نلاحظ اعلان رفض الحيادية من قبل الصورة تجاه الموضوع المصور، وذلك بتوظيف تقنية العزل بشكل واضح في الكثير من الاعمال، حيث يتم تغييم تفاصيل معينة في الصورة وابراز تفاصيل اخرى، وهذا ما ينم عن ادراك فني معاصر لمفهوم الفنان.
غير ان تغييم بعض التفاصيل في تجربة بوجبارة، والذي يمكن ان نطلق عليه صفة المحو، في مقابل صفة الاثبات، ليس إلغاء سيميائيا لهذه التفاصيل، وليس تفريغا لها من الدلالة، انه موظف بشكل دقيق لتخصيب الصورة دلاليا.
وتبدو مرحلة التقاط الصورة عند بوجبارة مفعمة بالمستويات، تلك التي استطاع من خلالها تأسيس نماذج خاصة في اعماله كافة، وبالتالي الالتقاء مع مضامين شعورية راقية، وفي الوقت نفسه ذات وجوه عدة يمكن قراءة مدلولاتها بأكثر من اتجاه.
لقد ابتعد الفنان بوجبارة عن الكلاسيكية، واستطاع استخدام لغة الصورة باسلوب حديث.
وفيما يخص اختيار المناظر، فإن بوجبارة قد عرج في لقطاته الى المناظر التي تعطي انطباعات جمالية للمكان، من خلال الاهتمام اكثر بالتفاصيل ومن ثم تضمين هذه التفاصيل بهوامش تزيد اللقطة ثراء وجاذبية وتعطي انطباعات حسية للمكان.
وهذه التقنيات في رصد المناظر اسهمت بشكل فعال في ايجاد حالات فنية، تقترب كثيرا من الصياغة التشكيلية، تلك التي تحتوي على عناصر ومواضيع واسلوب، وان من الواضح في اعمال بوجبارة ان الرمزية هي التي كانت مسيطرة على مدلولات اعماله، وانها رمزية مأخوذة في الاساس من الواقع، الا ان المعالجة التقنية باستخدام الاساليب الحديثة صاغتها في رؤى تحتاج الى التفكير من اجل فك رموزها.
رحلة من عوامل الرومانسية الحالمة حولها عادل بوجبارة من الكاميرا الى تصورات الريشة، فمنذ اللحظة الاولى تقيم انت حوار المتلقي مع اللوحة، وتشاهد فنا تشكيليا، ولكن يدركك الوقت فلا تستطيع الابقاء على هذا التفاعل الرومانسي الشفاف وتنتقل من عالم الريشة الدارجة الى عالم الكاميرا، وهذا ما استطاع بوجبارة ان يدركه.
يقول بوجبارة: اخفاء الموضوع يعني اجتهاد ومشاركة المتلقي في بذل مجهود يوازي رؤيته الفنية، وهي رحلة الصورة ليدركها المتلقي بتلقائية الاجتهاد الانساني، وبالتالي يستطيع ان تكون اجاباته وفق قناعات نابضة بالرضا لاستقرار المضمون الاساسي والفعلي لتسلسل الاعمال.
وعادل بوجبارة فنان تشكيلي صمم مجموعة من اللوحات الخطية التجريدية لقصر بيان، خلال المؤتمر الاسلامي، نشرت صورها في اليابان.
وله نشاط واسع في مجال التصميم الداخلي والزخرفة الكلاسيكية والحديثة، كما انه عضو بيت الفوتوغرافيين السعوديين، وعضو الاتحاد الدولي للتصوير.