بدأت الحياة تدب في أبعد المدن السكنية عن العاصمة ألا وهي مدينة صباح الأحمد التي وعدتنا الهيئة العامة للإسكان بأن تكون مدينة نموذجية لا تنقصها الخدمات التي تيسر على سكانها سبل العيش خلالها نظرا للمسافة التي تبعدها عن العاصمة.
فقد ظللنا لسنوات طويلة والكويت محصورة في العاصمة فقط والمدن القريبة منها فكل الخدمات والجهات الحكومية وما شابه في العاصمة والمناطق القريبة المحيطة بها، مما أحدث ذلك الأمر انفجارا سكانيا وتزاحم على الخدمات، هذا فضلا عن الخطورة البالغة التي من الممكن أن تتعرض لها أراضي الدولة وهي مهجورة دون سكان، فلا نريد أن تتكرر يوما حادثة كحادثة الغزو الصدامي الذي أدى فضاء صحرائنا الشاسع وعدم وجود سكان في المناطق الخارجية للكويت ،التي سهلت بدورها الغزو وساهمت بشكل مباشر في تغلغل العدو بسلاسة إلى العاصمة.
نعرف ان الكل يفضل العاصمة وهذا لسبب أن الخدمات موجودة بها والمحافظات القريبة منها ولكن في مطالبات سابقة تم التشديد على ضرورة أن تكون هناك خدمات موازية وأفضل من الموجودة في العاصمة لترغيب العيش في تلك المناطق.
فالدولة حين تفتح مناطق سكنية غالبا ما توفر خلالها الخدمات التعليمية والصحية والأمن والجمعيات التعاونية ولكن هناك ما هو أهم، ألا وهو فرص العمل في تلك المناطق حتى لا يضطر العاملون الى قطع مسافات طويلة توصلهم لمقار عملهم.
البعض يهون مثل هذا الأمر في أن مشروع سكك الحديد بدأت الخطوات خلالها تجري في طريق البدء بشق طرق للسكك الحديد لتنفيذ المشروع ولكن هذا لا يغني عن ضرورة إيجاد فرص عمل في المناطق البعيدة حتى لا يضطر السكان إلى الهجرة كل يوم من مقار سكنهم إلى مقار عملهم ويتحملوا بذلك مشقة المواصلات سواء في السيارة أو في القطار.
وهذا أمره ممكن من خلال مشروع الحكومة مول بحيث يكون في المناطق البعيدة أفرع لجميع الوزارات والهيئات ليعمل خلالها سكان تلك المناطق والمناطق القريبة منها وهذا أمر حيوي وأساسي لا يقل بدوره أهمية عن الأمن والخدمات التعليمية والصحية والغذائية فنريد مدنا متكاملة تتوافر خلالها جميع فرص العمل وهنا بالتأكيد سيتشجع أهالي هذه المناطق من العيش باستقرار وراحة دون الخوف من المشقة التي يتحملونها للوصول إلى مقار عملهم.
أعرف أن مثل هذا الأمر ليس مكلفا وليس شاقا تطبيقه ولكن قد تكون المناشدات والمطالبات بمثل هذه الأمور هي التي لابد أن تصل لصناع القرار لدينا، فكثيرا ما يتم تجاهل احتياجات المواطنين الرئيسية بذريعة ترتيب الأولويات، ولكن هذه أيضا من الأولويات التي لابد أن نحرص على إيصال صوتنا للمسؤولين للنظر في مثل هذه المشاكل.
أعرف ان صناع القرار في الحكومة ليست لديهم معضلة في تحقيق ما يصبو إليه المواطنون للوصول إلى الراحة ولكن المشكلة التي تعتريهم حقيقة هي ترتيب الأولويات في ظل التشنجات السياسية التي نشهدها باستمرار فقضية الانشغال بالاستجوابات المتتالية هي التي بدورها عطلت كثيرا من تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية التي كان من الممكن الانتهاء منها في وقت قصير والنظر إلى المشاريع التي تليها، ولكن قضية استقالات الحكومة المستمرة مع تغيير الوزراء المستمر وعدم استقرار المسؤول في مكانه هو الذي أخّر كثيرا من تنفيذ العديد من المشاريع التي تمس المواطن.
وعليه فإن أولى الطلبات التي ننشدها كمواطنين من أعضاء السلطة التشريعية هو عدم المبالغة في طلب الاستجوابات بحيث يتم تقنين عددها إلى أقصى حدود لتتمكن الحكومة من الإنجاز.
أعرف أن مثل هذه المطالبات ليست بجديدة ولكنها حقيقة حيوية، فهناك من المواطنين من يتكبدون مشقة الحياة يوميا، وهؤلاء لابد ان يعتني بهم أعضاء السلطة التشريعية، ويشعروا بآلامهم حتى نوفر بيئة مريحة لحياة المواطنين.