عبدالهادي الصالح
واضح ان الخطاب السياسي العربي غالبا يأخذ روح المناوأة والحدة ضد ايران، ولا يخفي في العموم عن توجسه علانية من مآربها وانها مازالت تتبنى تصدير ثورتها بل واتهام بعض العرب بالولاء لايران في تنفيذ تلك المآرب المريبة.
لذلك، فإن الساسة العرب يتحفظون بل ينددون بكل ذي صلة مع ايران كمنظمة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني مقارنة مع رمي ثقلهم مع الحكومة الفلسطينية في رام الله والاحزاب اللبنانية الاخرى.
ومن نافلة القول ان السياسة العربية عموما لديها ما يبرر هذه الهواجس والمخاوف، لكن يفترض ان يتسم الخطاب بالاتجاه نحو بناء الثقة مع ايران لمعالجة هذه المخاوف ومحاولة فتح حوار مستمر مع تبادل الطمأنات بعدم وجود اي نيات عدائية بشكل او بآخر، والامر كذلك مع تلك المنظمات وعلى الاخص حماس وحزب الله، حيث لا يمكن انكار دورهما المؤثر جدا على واقع الصراع او مشروع السلام العربي ـ الاسرائيلي بالذات مثلما لا يمكن تجاهل دور ايران في ذلك.
ومن المشاهد للعيان ان هذه اللغة السياسية المعادية لايران تتكئ على دعم وتشجيع الحليف الاميركي الذي لايزال يعتبر ايران من دول محور الشر.
ورغم ان الرئيس الاميركي اوباما قد المح في حملته الانتخابية الرئاسية الى انه بصدد تقييم العلاقة الاميركية ـ الايرانية، لكن المفاجأة هي سرعة الوتيرة نحو مغازلة ايران وتصريح اوباما برغبته في الحوار المباشر مع ايران كونها تملك طاقات وتاريخا حضاريا، حسب لغة التخاطب الاميركية الجديدة، بل ان الاخبار الاخيرة تتحدث عن نواب اميركيين يدفعون اوباما للتسارع لتنفيذ هذا الحوار، ومن الطبيعي ان لاميركا اجندتها واهدافها، ولعل منها: انها ادركت ان ايران مفتاح التأثير على القوى المعادية لاميركا، وانه لا جدوى من الصدام العسكري معها، لذلك فإن تحول هذه السياسة الاميركية الى الحوار مع ايران ما هي الا خطوة نحو تنامي علاقة تسامح اميركية ـ ايرانية جديدة ربما تضطر معها اميركا للتنازل والاستجابة لايران ولو في مساحة الممكن، مما يوقع السياسة العربية في الحرج والقلق ان يكون هذا التحول الجديد على حسابهم وبالذات دول منطقتنا الخليجية العربية، واعتقد ان هذه الهواجس لها ما يبررها، لاسيما ان تجربة ايران الشاه مازالت ماثلة امامنا، وذلك عندما تخلت عنه أميركا في ساعة ثورة الامام الخميني، وقال قولته الشهيرة وهو في بالغ الحزن والالم: رمتني اميركا كما يرمى الفأر الميت، ومثال آخر وليس ببعيد وهو وقوف اميركا مع المقبور العراقي صدام حسين في سياسته ضد ايران، بل هي الدافع له في حربه المريرة للقضاء على العهد الاسلامي لايران، لكن عندما انتهت صلاحيته تخلت عنه وتركته يختفي في جحور الجرذان والفئران قبل ان يصطادوه الى منصة الاعدام.
طبعا نحن نربأ بدولنا العربية وبالذات الخليجية من تلك النماذج المشينة، حيث تتسم سياستها عموما بالذكاء والفطنة في ان تفوتها هذه السياسة الاميركية المتكررة، لكن نتمنى بوصفنا من قوم الخليج العربي ان نتروى في خطابنا السياسي بمنظور شعار للامام علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) مؤداه: أحبب حبيبك هونا ما عسى ان يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسى ان يكون حبيبك يوما ما.