يختلف هذا الخطيب عن غيره من خطباء المساجد أو النابغين من الخطباء السياسيين والمثقفين، لأن هذا النوع من الخطابة فن يجمع بين الفكر والعاطفة، والخطيب له القدرة على نقل الحضور من واقع قضاياهم الحالية الى أبعاد واقعة مأساة الامام الحسين عليه السلام، يمر خلالها بتحليل القضية او المشكلة المعاصرة والتي يتم اختيارها بناء على معاناة المجتمع واهتمام الجمهور، وإعطاء نماذج المعالجة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وآله الاطهار وأصحابهم النجباء، ثم ربطها بمشاهد مختارة مما حفلت به واقعة الطف في كربلاء الحسين عليه السلام.
وفي سبيل ذلك يمزج الخطيب الناجح بين القرآن الكريم والحديث الشريف، والقصة والشعر والأدب والتاريخ، والثقافة العامة، ثم ينعى الحسين وأهل بيته عليهم السلام بأبيات تصور المقتل يضم اليها الصوت الشجي الذي يثير اللوعة والحزن والدمعة على سبط الرسول الأعظم، الذي ضحى هو ومن معه من اجل هذا الاسلام من اجل الصلاة والعفة والتقوى، ونظافة اليد واللسان، وعليك أيها المحب والموالي التزام الوفاء بها وصيانتها في نفسك وأهلك ومجتمعك.
ويخرج الحضور بفوائد علمية وعملية، وبراحة نفسية عالية لانه شعر بضآلة همومه ومشاكله الشخصية امام المصائب التي واجهت ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والخطيب المؤثر هو الذي لا يجعل المنبر الحسيني مصدر تكسب دنيوي فحسب، بقدر ان يكون همه توصيل رسالة واهداف الحسين عليه السلام.
وهذا لا يتأتى الا بالتقوى والورع، ومخافة مصداق الآية الكريمة (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ـ البقرة: 44).
[email protected]