حكمة استلهمها القرآن الكريم من النملة، بأن السكن - كما هو الاصل - هو مكان السكينة والراحة، وملاذ من أخطار الخارج، ولذلك استعارتها حكومتنا الكويتية لتستحلف السكان للبقاء في مساكنهم تحوطا من وباء «الكورونا».
خاصة بعد ان ملأنا بيوتنا من الطعام والشراب، كما يفعل النمل! وحبس الانسان نفسه في بيته هي فرصة لإنجاز الأعمال المؤجلة والتواصل العقلي والعاطفي مع العائلة، وفرصة للخلوة يجرد (ولا يجلد) خلالها نفسه: ماذا قدّم وماذا أخّر لدينه ودنياه وآخرته ويقضي ما فاته من الصلاة والصيام.
وهكذا كذلك للمحبوسين في مراكز الحجر الصحي.
كان نبي الله يوسف عليه السلام يرى حبسه بالسجن أحبّ اليه من خطر غواية النساء في القصور الفسيحة، واستثمر وقته في السجن في اهتمامه بالمريض ويلتمس للمحتاج ويوسع على المحبوس، وداعيا الى دين الله تعالى وفسّر الحلم بما ألهمه الله تعالى من حكمة وبصيرة وكان من المحسنين.
وهكذا كان أئمة أهل بيت النبي صلوات الله وسلامه عليهم عندما يسجنون من بعض الخلفاء الأمويين والعباسيين، فإنهم يواصلون جهودهم العلمية والتربوية مع المسجونين والسجانين الموكلين بهم حتى يتحولوا الى صالحين أتقياء، مما اضطر الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك لإخراج الامام محمد الباقر عليه السلام من السجن وإرجاعه الى المدينة خشية (الفتنة).
وهذا الامام موسى بن جعفر الكاظم يمارس دوره كداعية وعابد في سجن الخليفة هارون الرشيد تحت الارض، حيث يرى في الحبس تفرغا للعبادة ويقول ساجدا لله تعالى: « اللهم إنّك تعلم أنّي كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك، اللهم وقد فعلت، فلك الحمد».
(25 رجب 183 هـ ذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم عليه السلام).
[email protected]