قام احد الصحافيين برفع دعوى قضائية ضد صاحب قناة «السور»، وتناقلت وسائل الاعلام خبر سحب القضية من المحقق الذي بدأ في اجراءات القضية الى محقق آخر، حيث قالت وسائل الاعلام ان هذا تدخل سافر من وزارة الداخلية لمصلحة صاحب قناة «السور»، كذلك تعالت تصريحات العديد من نواب مجلس الامة مستنكرين هذا التصرف من وزارة الداخلية ومهددين بعدم السكوت على هذا التدخل غير المقبول.
ان المتابع لما حصل لا يجد اي غرابة في الاجراء الا جهل الكثير بطبيعة عمل الادارة العامة للتحقيقات والتي هي جزء من وزارة الداخلية، لأنني لا اجد اي قيمة في تحويل القضية من محقق الى آخر لأن المحقق في الادارة العامة للتحقيقات لا يملك أصلا اي اجراء من الاجراءات التي منحها له قانون الاجراءات الجزائية الا بعد الاتصال بالمسؤول المباشر وأخذ الاذن منه لأن المحقق، وللاسف، جعلوا منه فقط ضابط اتصال لا يملك اي اجراء قانوني في صلاحياته الا بعد سماح المسؤولين وموافقتهم، ولو تجرأ المحقق مثلا في حبس او اخلاء سبيل متهم دون ابلاغ مسؤوله المباشر، فإن هذا سيعرضه للمساءلة التأديبية وربما الحرمان من الترقية او نقله الى مكان بعيد تأديبا له.
وللعلم، فإن جميع المحققين يعلمون ويعرفون هذا الاسلوب من التعامل كما يعرفون اسماءهم، وبالتالي لا اعتقد ان احدا منهم يستطيع ان يتصرف في قضية لها صدى كبير في الرأي العام الا بعد الرجوع الى المسؤولين وإطلاعهم على الواقعة واخذ التعليمات منهم.
إنني أنقل هذه المعلومات نتيجة خبرة خمس عشرة سنة قضيتها كمحقق في «الداخلية»، وانقل ما قلته وانا غير مقتنع بهذه الاجراءات ولا اؤيدها، بل اجدها فرصة للالتفات الى هذه الادارة العامة وتحريرها من قضبان وزارة الداخلية واحالتها الى النيابة العامة وهي الاب الشرعي لهذه الادارة.
لقد بات من المهم ان يستعجل الاخوة اعضاء مجلس الامة في اقرار قانون نقل الادارة العامة للتحقيقات من «الداخلية» الى النيابة العامة وهو الاقتراح الذي وافقت عليه اللجنة التشريعية، اذ كان الاخوة الاعضاء ينشدون الاصلاح حقيقة لا صراخا.
[email protected]