لا أجد وصفا لاختيار الحكومة اللجوء الى طلب جلسة سرية الا الهروب من المواجهة والتخفي والتستر عن الرأي العام، لأن، دائما، من يريد التستر هو من لديه شيء يخفيه ويخشى اطلاع الناس عليه، فكم تعالت أصوات الحكومة بأنها ستواجه الاستجوابات، ولكن حجم وجسامة المخالفات والتجاوزات يجعل الحكومة في حرج أمام الرأي العام عند كشف الحقائق فراحت الحكومة مستغلة الاغلبية المسلوبة الارادة من النواب والتي تملكها بطريقتها الخاصة لتئد وتفرغ أداة دستورية ورقابية مهمة مثل الاستجواب.
ان الحكومة باختيارها اللجوء الى جلسة سرية هي امام أمرين: إما انها تخشى فضح تجاوزاتها وفسادها او ان امكانيات المستجوب لا تؤهله للظهور أمام الرأي العام، وفي نظري فان كلا الاحتمالين قائم، والا فما معنى السرية لتقرير ديوان المحاسبة عن مصروفات ديوان رئيس الوزراء الذي نشر في الصحافة ووسائل الاعلام منذ أكثر من سنة، وما السرية في شيكات دفعت لأعضاء مجلس الامة استغلالا لمناصبهم وخيانة لأماناتهم، فهؤلاء لا يستحقون الستر أو الحماية، ولكن يجب كشفهم وفضحهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
ان سرية الجلسة ستمنع بالضرورة الشعب الكويتي من النظر الى حقيقة الامور، وبالتالي لا نستطيع ان نحكم على احد من الطرفين لأننا سنعتمد على أقاويل وبالتالي ستغيب الحقيقة، وقد يكون الحكم في غير محله.
ان رجل السياسة يجب ان يكون قويا وأمينا وشفافا لا يخشى المواجهة، كما يجب العلم أن المسؤولية الجنائية لا تمنع من المساءلة السياسية، وهذا ما قررته المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي عندما شرحت التصور العام لنظام الحكم وقد جاء ما نصه «كما ان تجريح الوزير أو رئيس مجلس الوزراء بمناسبة موضوع عدم الثقة او عدم التعاون كفيل بإحراجه والدفع به الى الاستقالة اذا ما استند هذا التجريح الى حقائق دامغة وأسباب قوية تتردد اصداؤها في الرأي العام كما ان هذه الاصداء ستكون تحت نظر رئيس الدولة باعتباره الحكم النهائي في كل ما يثار حول الوزير او رئيس مجلس الوزراء»، فالسرية هي هروب حقيقي من المواجهة، وعلى اعضاء مجلس الامة الحقيقيين الذين لديهم استقلالية وإرادة ويملكون امرهم ان يكون موقفهم ثابتا وحازما في رفض الجلسة السرية وسلب الشعب الكويتي حقه في معرفة الحقيقة، وليكن طلب عدم التعاون مقرونا بلجوء الحكومة للجلسة السرية فهذا هو الحل الوحيد الذي سيجبر الحكومة على المواجهة العلنية والتفعيل الحقيقي للادوات الدستورية.
التعسف.. في حجز الجاسم!
أعتقد أن حجز الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم هذه المدة الطويلة بسبب تهمة سب وقذف، فيه الكثير من التعسف والإفراط في استخدام السلطة، وعلينا استنكار هذا الاسلوب في التعامل وعدم الرضا به وإلا فسيأتي علينا يوم نقول: أكلنا يوم أكل الثور الأبيض.