عندما أجلس أمام التلفزيون لأتابع من خلال شاشته أخبار العالم، أشعر بالحزن والألم والغضب على من تسبب في حال اللاجئين العرب الذين يتدفقون على الدول الأوروبية، وإنها لمأساة عظيمة لهؤلاء المشردين في ديار المعمورة يبحثون عن العمل وعن مكان آمن يعيشون فيه.
لقد هاجر هؤلاء اللاجئون هربا مما يلاقونه في دولهم، لا أمن ولا استقرار ولا عمل وأحيانا يتعرضون للإرهاب، لقد انشغل حكام دولهم بمنازعات وحروب أهلية وطائفية في دولهم ومازال هؤلاء الحكام يمارسون كل أنواع الإرهاب والمضايقات لدفع هؤلاء اللاجئين للهروب من دولهم إلى دول أكثر أمانا واستقرارا، لقد أضاع الحكام العرب وقتهم وجهدهم في قضايا ليست لها أي علاقة بمعيشة الناس، ولا داعي لأن نعدد هذه الدول التي تسببت في ترك ديارهم والهجرة إلى أي مكان يشعرون فيه بالأمن والاستقرار والمعيشة.
هناك حكام يتصارعون ويدافعون عن سلطتهم في ظروف سيئة لانشقاق شعوبهم بعيدا عن الانتماء الوطني، بل الكل يعمل وفقا لسياسات الأحزاب التي ينتمون إليها دون مراعاة مصلحة شعوبهم، ولذلك نشاهد حروبا أهلية بين الشعب الواحد في البلد الواحد، بل هناك حكام طائفيون يقفون ضد مصالح شعوبهم وينفذون تعليمات خارجية من دول خارجية لا تتورع عن التدخل في الشؤون الداخلية لغيرها من الدول وخاصة التي عجزت عن توفير الأمن والاستقرار والمعيشة الكريمة لشعوبها، وهذا ما دفع تلك الجموع من اللاجئين للهروب من دولهم إلى الخارج.
لقد آن الأوان للشعوب المضطهدة التي تعي مصلحتها ومصلحة دولها أن تسعى جاهدة التخلص من الحكام الفاسدين الذين يستغلون دولهم وفقا لانتماءاتهم الخارجية ولابد من العمل للتحرر من القيود التي فرضها حكام فاسدون، لا تصدقوا الشعارات التي يرفعونها، إنها مجرد شعارات ليس لها أي أهداف، فهم يرفعون هذه الشعارات لخداع شعوبهم بقضية تحرير فلسطين والقدس الشريف، ها نحن نتابع مدى اهتمام العرب بالقضية الفلسطينية فهي مجرد شعارات لدغدغة مشاعر الناس وإلهائهم عن المطالبة بحقوقهم. وما أكثر ما صدر من بيانات عن ختام المؤتمرات العربية وقرارات عن الوزراء المختصين، فلم يشعر المواطن العربي بأي دور لجامعة الدول العربية التي هي المسؤولة عن تنفيذ هذه القرارات الوحدوية.
مازالت هناك دول تعترض على أي مفاوضات لتحقيق السلام في المنطقة وفقا لقرارات مجلس الأمن، تلك القرارات التي تؤكد حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم.. وها هي المؤتمرات والاجتماعات العربية تواصل انعقادها دون أن يجمع العرب على إصدار قرار لصالح حق الشعب الفلسطيني. أما كفانا إلهاء للشعوب لرفع شعارات مزيفة وقرارات ليس لها أي مردود على مستوى المصالح العربية؟!
٭ من أقوال المغفور له سمو أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه: «وإن أعظم إنجاز استطاعت الانتفاضة الفلسطينية بصمودها أن تحققه هو أنها سلطت الأضواء أمام الرأي العام على خرافة التقدمية الإسرائيلية وديموقراطيتها وأكدت الهوية الفلسطينية فوق أرضها بأيدي أبنائها هوية أقوى من القهر».
والله الموفق.