عبدالرحمن العوضي
كان الله في عونك على تحملك المسؤولية في هذه الأوقات العصيبة التي أصبح الإنسان فيها لا يستطيع التفرقة بين الأصدقاء والأعداء، ومادام الوضع على هذه الصورة، فستجد ان الأصدقاء كثر عندما يحتاجون اليك، ولكن عندما تحتاج اليهم يصبحون قلة نادرة، وقليل منهم من هو مستعد للوقوف معك في الأزمات بل ان البعض منهم يعملون ضدك، وصدق قول الشاعر فيهم:
-
احـــذر عـــدوك مـــــرة
-
واحذر صديقك ألف مرة
-
فلربما انقلب الصديق
-
فـــــهـو أعــــلم بالمضرة
فالأعداء يعرفهم الإنسان ويحاول تجنبهم ويتحاشى التعاون معهم لأنهم دائما يحاولون الصيد في المياه العكرة، ويقول البعض ان علاقة العداوة أفضل من الصداقة لأنه إذا كان المسؤول يخشاك فإنه يحاول ان يستميل صداقتك وتسيير أمورك معه، فهو دائما يحاول أن يحافظ على هذه العلاقة التي فيها أزمة حتى يكسب أكثر مما يستطيع.
أما الأصدقاء فإن المسؤول انطلاقا من مبدأ صداقتهم ينسى ان يعمل اعتبارا لخاطرهم في كثير من الأمور، لدرجة ان حقوقهم تضيع دون ان تجد العون من هذا المسؤول، وهذا الأمر يشجعهم على أن يتحاشوا صداقة المسؤول.
أخي بوصباح، عالمنا هذا اليوم عالم مصالح فكلما تغيرت المصالح، تغيرت المواقف، ولا توجد مواقف ثابتة، فالسياسة في عرفهم هي فن تغلبة مصلحتك على مصالح غيرك، وللمحافظة على التوازن فإنك تعمل ألف حساب لأن الغلطة التي يرتكبها الكبير تعادل ألف غلطة يرتكبها الصغير.
لقد عشت يا بوصباح فترات عصيبة جدا في السنوات الأخيرة، وحاولت بشتى الطرق خاصة محاولة المهادنة والتفاهم مع أعضاء مجلس الأمة، ولكن فاتك ان من تحاول ان تهادنهم هم نفس الذين يقتنصون الفرص للإيقاع بك وكل ما يهمهم هو مصالحهم فقط، وهم حاذقون في التقلب وتغيير جلودهم كالحرباء.
أمثال هؤلاء لا يهتمون بالمصلحة العامة، بل همهم المصالح الشخصية، ولا يتوانون عن اتباع جميع الطرق للكسب من وراء عضويتهم في مجلس الأمة لأنه لا رقيب عليهم ولا حسيب، فاحذرهم قدر ما تستطيع لأنك لن تنجح مع هؤلاء مهما حاولت لأنك تنظر للمصلحة العامة، وهم ينظرون للمصلحة الشخصية الضيقة.
أخي بوصباح، كنت تتحمل في السابق عبء وزرائك، لذلك عليك ان تختار القوي الأمين، وعدم الالتفات الى مبدأ المحاصصة لأن المحاصصة مطلوبة فقط عندما يبحث رئيس الوزراء في تشكيل وزارته من بين الأحزاب التي يتكون منها مجلس الأمة، ولأن كل فرد في الوقت الحالي هو حزب قائم بذاته، ولا تسمع الى ما يثار حول انتمائه الى فئة او مجموعة دون اخرى، فهو لا يهمه التنقل بين الفئات ومجموعات مجلس الأمة وفقا لمصلحته، وهناك تجارب كثيرة ممن انقلبوا من مجموعة الى اخرى حسب مصالحهم الفردية، فأي وزير تختاره يجب ان يحمل معك عبء الوزارة، ولا تحمل أنت أعباءها وحدك على كتفيك ويجب ان يساءل، وعليه ان يتقيد بكل دقة بتعليماتك وبرنامج عملك الذي تقدمه الى المجلس، ويجب ان يكون اعضاء مجلس الوزراء متضامنين فكل فرد منهم يسند الآخر ولو اختلف معهم في الرأي لأن مجلس الوزراء يجب ان يكون وحدة متكاملة في التعاون مع مجلس الأمة.
أخي بوصباح، اعتقد انها الفرصة الأخيرة للحكومة، ان تثبت جديتها وقوتها والتزامها بما يطلبه منها الشعب الذي قال كلمته، وأبعد الكثير من أصحاب التأزيم، ولكن يبقى الآن ان تحل جميع القضايا الداخلية بين أفراد اسرتكم الكريمة وبين أعضاء الحكومة، ولنعلم جميعا ان الجميع على المحك وان الديموقراطية أصبحت أمام تحد كبير لا يمكن ان تسفر عن أفضل مما قامت عليه حتى الآن، واعلم يا بوصباح ان الشعب وقف مع الحكومة والأسرة الحاكمة ولبى نداء ومناشدة صاحب السمو الأمير المفدى الشيخ صباح الأحمد، لذا فإن الشعب ينتظر منكم الكثير، ونتمنى ان يكون المستقبل اكثر طمأنينة واكثر أمنا.
وعليك ألا تخشى أي تحد مباشر لك، ويجب ان تعلم انك لست وحدك، فأميرنا المفدى وضع ثقته الغالية فيك ونحن مع هذه الثقة، وانا على يقين بأنك على قدر هذه الثقة وانك قادر على ان تنفذ ما ناشدنا به صاحب السمو الأمير بعد الحل الأخير لمجلس الأمة.
فدعاؤنا لك ولأسرة آل الصباح الكريمة دائما بالتوفيق والاستقرار لأنه باستقرار هذه الأسرة الكريمة يكون استقرار الكويت، ونطلب من الله سبحانه وتعالى ان يحفظ الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه، وان نحافظ على الود والمحبة والثقة المتبادلة التي تربط أهل الكويت بأسرة آل الصباح الكرام، وكان الله في عونكم في تحمل هذه المسؤولية الكبيرة.