في مثل هذه الأيام كل سنة يدور الحديث في الإذاعة والتلفزيون وبين فئات المجتمع عن الأم، وليتهم يعرفون ما هي الأم ومن هي؟ لقد جاء في معنى حديث شريف ان الجنة تحت اقدام الأمهات، وليتهم يعرفون ذلك وكيف ان ربنا سبحانه وتعالى يبقي الام رغم وفاتها وحتى في الآخرة تخص ابناءها في الجنة هذا الكلام لا يمكن ان يفهمه جيل مجتمع الفرد.
حيث ان هذا المجتمع مبني على اساس الفرد فقط دون اي علاقة مع الاسرة، حتى انه في أميركا مثلا الوالد والوالدة يطلبان من الاولاد عند بلوغهم سن الرشد عندهما ان يغادروا المنزل ليكسبوا قوت يومهم حتى ولو كانت اسرهم غنية، واتذكر احد كبار الأغنياء في أميركا عندما خطفوا حفيده واتصل به المختطفون طالبين فدية كبيرة ولكنه رفض وحتى بعد ان ارسلوا له قطعة من احد اذنيه رد عليهم اذا رجعتموه لنا نعمل له عملية تجميل خلوه لكم.
الصورة ان هذا هو رد فعل الجد، والمثل عندنا يقول ما أعز من الولد الا ولد الولد، انظروا الى الفرق بين شعور الأبوين عندنا وعندهم.
هكذا اصبحت الاسرة في المفهوم الغربي اي انها مجتمع الفرد اي انهم يعيشون مجتمع الفرد حتى ان الزواج عندهم استبدلوه بالشراكة خوفا من توزيع الإرث على غير رغبتهم، فالأسرة تتألف عندهم على عكس ما نؤمن به في مجتمعاتنا.
هذه الغربة في الاسرة جعلت المجتمع الغربي يخترع وسيلة ليعبر عن حب الأمهات وجعلوها مرة في السنة حتى لا يحسوا انها في اصل وجودهم والحاضنة التي احتضنتهم عندما خلقوا.
لا أبدا، لا نقبل ان يكون التعبير عن حب امهاتنا مرة كل عام نعبر عنه بالهدية البسيطة.. كل عام وننساها بقية العام حتى انها اصبحت مجالا للتندر في بعض الأحيان.
لا اقبل شخصيا ان يكون تقدير امهاتنا بهذه الصورة ونعلم اولادنا تدريجيا ان يهتموا بانفسهم كأفراد لا علاقة مباشرة بينهم، ولذلك.. فإن الأمهات من كبار السن يعيشن في دور المسنين.. حتى دون معرفة الأبناء بهن، هل هذا هو حب الام يا ناس؟ وهل تعلمنا من الغرب الأمور والوسائل التي تخالف مفهومنا للأسرة وتخالف طبيعة الزواج التي بينها الله لنا في قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
ابدا هذا الأمر يجب الا نقبله ولا نعود اولادنا عليه، لذا يجب علينا المحافظة على أواصر الأسرة لأنها اساس مجتمعاتنا ومن دون الأسرة وترابط بعضنا البعض فلا يظل ما يربطنا مع بعض، وندعو الله الا نتحول كالغرب في هذه القيمة العظيمة التي تمتلكها الام في حياتنا وفقدوها وبالتالي ادت الى تفكك اسرهم.
واكبر دليل على دور الأم في ترابط الاسرة هو اننا نلاحظ عندما يموت الأب تظل الام هي الرابطة الوثيقة بين افراد الأسرة رغم الصعوبات التي تواجهها في ترتيب امور حياة اولادها، بينما اذا ماتت الام فإن الأسرة تؤول الى التفكك، فالوالد يتزوج والأولاد كل يعمل على مصلحته ويريد الابتعاد عن جو الاسرة بعيدا عن تحكم زوجة الأب التي تعمل على تفريقهم بدلا من تجميعهم وهذا من واقع حياتنا التي نعيشها.
اللهم ابقنا على ديننا وقيمنا واسرنا.