يعتبر السمك من المصادر الغذائية الرئيسية لأهل الكويت، ان لم يكن لأهل دول الخليج العربية قاطبة، فله أهمية خاصة للكويتيين، وما اعتقد ان بيتا يخلو من السمك.
وآخر ما نتوقعه أن نفقد السمك ايا كان نوعه، أو نصاب بالشح والندرة، لأن خليجنا عامر بالثروة السمكية. يذكر تقرير الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية عن الوضع الحالي للثروة السمكية في الكويت ان مساحة المياه الاقليمية في الكويت تبلغ نحو 7800 كيلومتر مربع، ويعيش في مياهها 345 نوعا من الاسماك وان الثروة السمكية تعتبر المورد الطبيعي الثاني بعد النفط.. ويغطي الانتاج المحلي من الاسماك نحو 42% من الاستهلاك السنوي للأسماك.. هذه الثروة معرضة الآن للدمار والهلاك بسبب ضعف العناية بها وعدم الاهتمام بها، سواء من قبل الأفراد أو من قبل المؤسسات المعنية بالمحافظة على هذه الثروة الحقيقية.
فاليوم يتعرض سمك «الميد» الى إبادة وبائية ان صح التعبير مقصودة أو غير مقصودة، فالتقرير الذي نشرته بعض صحفنا يفيد بأنه لوحظ أن سمك الميد بدأت تظهر عليه ضخامة الحجم بصورة لافتة للنظر، بسبب تلوث مياه البحر بنسب عالية، مما ادى الى ازدياد المغذيات العضوية بالمياه بسبب بروتينات وهرمونات، مما اثر على مغذيات الاسماك خاصة أسماك الميد، حيث زاد حجمها ويذكر التقرير ان هذا التلوث بدأ يظهر بعد كارثة محطة مشرف الصحية.
ومن وجهة نظري فإن كل الكوارث التي تقع في الكويت خاصة ملوثات البيئة البحرية والبرية وحتى الجوية مسؤولية الجميع وأولهم المؤسسات الحكومية فالبلدية لها دور والأشغال والإسكان والكهرباء والماء.. إلخ.
فدمار الثروة السمكية سببه عدم العناية بالمياه البحرية، وعدم الاهتمام بالبحر سببه اهمال المؤسسات والشركات والمصانع التي تلجأ إلى البحر والبر لتلقي مخلفاتها العفنة بها والتي بسببها تعفنت وتلوثت بيئتنا، وبالتالي تعرضت ثرواتنا البحرية والبرية للهلاك.
نحن اليوم في حرب ضد بيئاتنا، نحاربها بضراوة منقطعة النظير، فالمصانع تلقي مخلفاتها في البحر واحيانا في البر، ومقاولو البناء يبحث الواحد منهم عن اي ارض حتى وان كانت بين المنازل ليلقي فيها مخلفاته القذرة، وكلنا نذكر منطقة القرين، وبالتحديد منطقة العدان في ارض مساحتها لا تقل عن 30 الف متر اتلفت ودمرت بسبب إلقاء مخلفات البناء من قبل المقاولين حتى صارت هذه القطعة منطقة ردم، مما ادى الى احداث روائح كريهة وسمية، وعلى اثر هذا الامر دفعت الدولة عشرات الملايين لاستصلاح هذه الارض التي مازالت تعاني وتعاني منذ سنوات عجاف.
فالموضوع ليس تلوث الميد ولا تلوث البحر لسبب أو لآخر، لكن بسبب إهمالنا لبيئتنا.. فالبيئة متى تعطيها تعطيك او متى تهملها تهملك.. وها نحن اليوم نقف عند اطلال الاسماك النافقة ونقول: أخ.. إلحق الميد يا حميد!