لا يخفى على أحد ان ما يتمتع به المجتمع الكويتي من حرية التعبير وابداء الرأي في إطاره الدستوري أوجد تباينا في وجهات النظر على المستوى المحلي تجاه القضايا المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا أمر مقبول للوصول الى نوع من الاتفاق بشأنها، كما ان الاختلاف السياسي في إطار العملية السياسية الديموقراطية أمر متفق عليه لتباين التوجهات فيما بين التكتلات السياسية وما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والتي بلا شك لها اسقاطاتها على الساحة المحلية بصفة عامة والشباب بصفة خاصة، ونظرا لما شهدته الساحة المحلية من تجمعات شبابية الأسبوع الماضي وما يتم الإعداد له من تجمعات تهدف الى ابداء الرأي والتعبير بما يجول في النفوس تجاه الأوضاع السياسية المحلية والمعطيات السياسية في البلاد الأمر الذي يحتم التمعن أمام أهدافها ومطالبها.
أمام ذلك الحراك السياسي الشعبي نجد التحرك الحكومي الوحيد يتمثل في وزارة الداخلية باستعدادات أمنية مكثفة وتوجيهات علنية بمواجهة تلك التجمعات في إطار الحرص على امن واستقرار المجتمع الكويتي وعلى المتجمهرين أنفسهم ايضا ولتفويت الفرصة امام من يحاول استغلال هذه التجمعات لإثارة الفوضى والتصادم مع رجال الأمن.. ولقد أحسنت وزارة الداخلية في تعاملها الأمني مع ما حدث الأسبوع الماضي من تعامل هادئ وراق وهذا ليس ضعفا بل قدرة على التفاوض وحسن التنظيم وضبط النفس وهذا ليس بغريب على وزارة الداخلية منذ تولي الشيخ احمد الحمود زمام الأمور بوزارة الداخلية عندما بدأ عهده بصرف القوات الخاصة المتواجدة بالقرب من ديوانية النائب الوعلان.
وإذا كنا قد اشدنا بما قامت به وزارة الداخلية سابقا فإن لغة التصعيد والتهديد الأمنية والإعلامية أمر مبالغ فيه حيث ان الجهل بالعقوبة لا يعفي صاحبها من العقاب ولهذا فإن اي اعتداء على رجل الأمن أو اي موظف عام مؤثم قانونا، كما ان الإعلان عن الإجراءات الأمنية والإشارة الى حجز قوات الحرس الوطني لا شك انها اجراءات احترازية أمنية ضرورية تحسبا لأي طارئ ولكن الإعلان عنها بهذه الصورة لا شك ان لها انطباعا عكسيا تثير الطرف الآخر بل وتستغل من اطراف اخرى تسعى ليكون التصادم هو الهدف والتشفي بدولتنا العزيزة وامنها واستقرارها.
من جهة اخرى، النبرة التصعيدية لبعض ممثلي الأمة بدلا من التعاون مع الأجهزة الأمنية وحث المتظاهرين على ضرورة الالتزام بالتعليمات الأمنية بلا شك ستثير حمية بعض الشباب وتجعلهم اكثر تشددا ورغبة في التحدي وهذا ما لا نريده حماية لأمننا واستقرار مجتمعنا.
وأمام تلك الاستعدادات الأمنية المستحقة وان اختلفنا مع الإعلان عنها فكلنا أمل من المشاركين في التجمع وكذلك الأجهزة الأمنية أخذ جميع السبل الرامية الى حماية حرية الرأي والتعبير وأمن واستقرار المجتمع من خلال:
ـ تحلي رجال الأمن بأقصى درجات ضبط النفس تجاه من قد يحاول اثارتهم لأن هدفهم حماية المشاركين والتنظيم لعملية التجمهر لا التصدي لهم.
ـ التزام المتظاهرين بالتعليمات الأمنية وعدم الخروج عن النظام العام وإقلاق راحة ومصالح المواطنين.
ـ أهمية تفاعل الحكومة مع التجمع الشبابي والاستماع الى آرائهم ووجهات نظرهم ودراستها والرد عليها وليس تجاهلها والانكفاء وترك الساحة دون تواجد حكومي الذي يعتبر امرا ضروريا مما يفتح المجال لمزيد من التأليب على الحكومة وتصعيد نبرة التحدي من البعض.
ونظرا لما يتسم به المجتمع الكويتي من حراك سياسي مضطرب منذ مدة ليست بالقصيرة فإن تبني الدعوة الى حوار وطني تحت رعاية صاحب السمو الأمير أصبح حتميا من أجل الكويت للوقوف على وجهات النظر وأوجه التباين للسعي الى تفاديها وحلها بمشاركة جميع قطاعات المجتمع وأعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية من اجل الكويت والحفاظ على امنها واستقرارها لأن استمرار هذا الاحتقان السياسي سيؤثر بلا شك على الجبهة الداخلية وعلى جميع الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لواء متقاعد د.عادل إبراهيم الإبراهيم