الحدث الأبرز على ساحة السياسة الدولية منذ ايام قليلة مضت، وما زال هو إقرار مجلسي الشيوخ والكونغرس في الولايات المتحدة الاميركية بأغلبية ساحقة وشبه اجماع على قانون العدالة ضد رعاة الارهاب (Justice Against Sponsors Of TerrorismAct)والمعروف اختصارا (بقانون جاستا JASTA) بحجة انصاف عائلات ضحايا هجمات٢٠٠١/٩بعد رفض فيتو الرئيس الأميركي والذي يفسح المجال لمقاضاة الشقيقة الكبري المملكة العربية السعودية في دورها المزعوم في دعم القاعدة في تلك الهجمات وما صاحبه من تنديد واستنكار عربي على هذا القانون، ودولي واسع النطاق.
ولا يخفى انه بصدور هذا القانون فإن مقاضاة المملكة العربية السعودية اصبحت امرا واقعيا وتفتح شهية المحامين هناك، حيث تقدمت عائلة احدى الضحايا بعد يومين من اقراره بدعوى تتهم المملكة بدعم القاعدة، مما يفتح المجال امام عائلات اخرى للتقدم بدعاوى مماثله امام القضاء الأميركي مما يتطلب تحركا قانونيا لمواجهة تلك الادعاءات وتفنيدها وخاصة ان كل التقارير الاميركية وخاصة الاستخبارية لم تشر بأي حال الى اي دور لحكومة خادم الحرمين في تلك الهجمات او دعم القاعدة.
ونافلة القول ووفقا للمصادر، فإن أول من دعم تنظيم القاعدة بأسلحة متطورة هي الولايات المتحدة الاميركية في حرب افغانستان إبان الاحتلال السوفييتي بتزويدهم بصواريخ ستينغر المضادة للطائرات وغيرها تحت مسمى «عملية الاعصار» والتي قلبت موازين المواجهة العسكرية وليست المملكة العربية السعودية فقط، وهذا ليس دفاعا عنها بقدر ما هي الا حقائق يجب على اجهزة الاستخبارات العربية والسعودية والباكستانية على وجه الخصوص توضيح ذلك للعالم ومدى التعاون الحاصل انذاك بين التنظيمات على اختلاف انتماءاتها وأجهزة الاستخبارات المختلفة ومنها الاميركية في مواجهة الغزو الروسي لافغانستان، ولولا ذلك الدعم المتطور الأميركي لما استطاعت تلك التنظيمات مقارعة ترسانة أسلحة الاتحاد السوفييتي.
لقد كان تنظيم القاعدة في أوجه ويتصدر عناوين الاخبار العالمية انذاك إلا أن التنظيم انحرف وبدأ بتوجيه سهامه أولا الى المملكة العربية السعودية والتي اكتوت بإرهابه اكثر من غيرها وواجهته مواجهة فاعلة قبل غيرها، فكيف تكون هي الداعمة لهذا التنظيم بعد انحرافه؟! واذا كانت هناك مقاضاة للمملكة فالأجدر مقاضاة الحكومة الاميركية ايضا نتيجة لدعمها لهذا التنظيم في فترة من الفترات قبل ان تكتوي هي ايضا بإرهاب هذا التنظيم وتوجها هذا التنظيم بهجمات ٩/١١.
ونافلة القول والتي يجب ان نعيها ان الولايات المتحدة الاميركية تعتقد انها هي الدولة العظمى في العالم تشرع ما تراه مناسبا لمواطنيها وحماية لمصالحها وما على الدول الاخرى الا الانصياع لها وهذا ما اتضح جليا في الحرب على الارهاب. وبالمقابل يجب على الدول العربية والاسلامية والصديقة الآن دراسة قانون جاستا دراسة مستفيضة للوقوف عليه والتحرك بناء عليه وعدم الاكتفاء ببيانات الاستنكار والتنديد لان ذلك لا يغير شيئا، وحتى ما يتم الترويج له من إمكانية تعديل هذا القانون مستقبلا بعد الانتخابات القادمة، فعلينا كعرب الا نركن للهدوء وأن نتعامل مع هذا الحدث كأمر واقع والمواجهة معه قانونية بالدرجة الاولى، مع عدم اغفال التحرك في الجوانب السياسية والاقتصادية الاخرى وعدم ترك المملكة العربية السعودية وحيدة في المواجهة، فهل نرى تحركا عربيا واسلاميا فعليا على المستوى الإعلامي والسياسي والقانوني؟!.. هذا ما نأمله.
[email protected]