وأنا أضع العنوان لمقالي هذا، تذكرت عنوان رواية الحرب والسلام للأديب الروسي العملاق «ليو تولستوي»، مع التأكيد على الاختلاف بالمضمون والأهداف بين رواية الأديب العملاق وبين مقالتي المتواضعة جدا مقارنة بالجماليات الأدبية لتولستوي.
بالطبع الكتابة في العلاقات الدولية لا تخرج عن ثنائية الحرب والسلام، ولكننا في منطقتنا العربية يبدوا أننا مللنا الحديث عن السلام المستحيل، فبعد أن كان حديثنا عن السلام في الشرق الأوسط بين العرب وإسرائيل والذي لم يتحقق، أصبحنا ننشد السلام بين دولنا العربية، بل وصل بنا الأمر للبحث عن السلام في داخل دولنا العربية، واقصد بين الشعوب العربية المختلفة وأنظمتها السياسية. لم يتبقى لنا بعد أن خسرنا السلام إلا الحرب، والتي كنا نسمع قرع طبولها حتى غطى ضجيج طائراتها ودباباتها ومتفجراتها وأنين ضحاياها عن صوتها، ففي منطقتنا العربية وخصوصا في الإقليم الخليجي وجواره الجغرافي الذي يشهد أكثر من حرب معلنة وغير معلنة.
في الآونة الأخيرة - تبدأ حروبنا في المنطقة العربية على شكل ثورة ضد النظام الحاكم، وسريعا ما تنتقل إلى حرب أهلية بين فصائل متنوعة احدهم يتبع النظام الحاكم وليست جميعهم، ثم يبدأ التدخل الدولي سواء من الدول الإقليمية الكبرى السعودية إيران تركيا أو من الدول العظمي أميركا، روسيا، لتزداد الحرب ضراوة.
أسباب الحروب في منطقتنا العربية ذات بعدين، بعد وطني ومحلي والآخر إقليمي.
أما البعد المحلي أو الوطني، فهو ان الطغاة العرب لا يريدون ان يعيشوا وتعيش معهم شعوبهم برخاء وحرية، ولذلك أفسدوا الثورات الشعبية ولم يأتوا بنماذج حكم جديدة بل أعادوا إنتاج الظلم والقهر وتوزيعه من جديد بالتساوي بين أفراد الشعب.
وأما البعد الإقليمي فهو الطموح القاتل لبعض الدول الإقليمية الكبيرة في السيطرة وإرغام الآخرين على تبني أفكارها ومعتقداتها وسياساتها وإلا استخدمت «العصا» في وجه المعترضين.
ناهيك عن الحرب الباردة بين إيران والسعودية وتأثيرها على مجريات الأحداث الإقليمية.
عودة إلى رواية الحرب والسلام والتي تدور أحداثها المتنوعة والمختلفة في سياق واحد وهو حرب نابليون على أوروبا وبالتحديد روسيا القيصرية، حيث حاول نابليون الذي يعتقد أنه الثوري وصاحب رسالة أن يتدخل في شؤون جيرانه وان يحاربهم ليفرض قيمه ومثله عليهم ولو بالقوة، وفي نهاية المأساة أو الرواية أو حروب نابليون، كانت النتيجة أنه عاد خائبا خاسرا.
لتتبلور الحقيقة الإنسانية والتاريخية وهي - انه لا احد يمكنه فرض قيمه ومعتقداته ومشروعه على الآخرين بالقوة - ففي النهاية التاريخ مليء بالشواهد التي تؤكد بأن هذا الأمر لا يمكن أن ينجح.
حتى الولايات المتحدة الدولة العظمى لا يمكنها ذلك، فبعد غزوها لأفغانستان والعراق، ماذا تتحقق لها، هل تمكنت من الانتصار على من تصفهم بالإرهاب هل أصبحت تلك الدول ديموقراطية أو تابعة لها، بالتأكيد لا.
بل خرجت الولايات المتحدة من الحربين بخيبة أمل كبيرة، وأدخلت الناتو بدلا عنها في أفغانستان، ومكنت لإيران في العراق قبل أن تهرب بجنودها من الجحيم.
الخلاصة: كم نابليونا في منطقتنا العربية وجوارها يحاول السيطرة ويحمل خزعبلات العظمة والفتح، وكما قيصر يحاول السيطرة على شعبه بالقوة ويستعبدهم وبنفس الوقت يعجز عن الدفاع عنهم من الأخطار الخارجية.