بعد قانون «جاستا» الذي يسمح لضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة بمقاضاة الدول المتهم رعاياها بالارهاب وطلب التعويضات المالية منها وتجميد ممتلكات تلك الدول في أميركا، ستأتي كارثة «نوبك»، وهو مشروع قانون تتم مناقشته في مجلس الشيوخ الأميركي يسمى «لا لكارتلات إنتاج النفط وتصديره» ويختصر بـ «نوبك»، ويسمح هذا القانون اذا ما أقر برفع الحصانة الديبلوماسية عن منظمة أوپيك ودولها بسبب تدخلاتهم وتأثيراته المزعومة في سوق البترول والتي ألحقت الضرر بالمستهلكين الاميركيين.
«اوپيك» التي تجاوز عمرها الـ 58 عاما لطالما عملت على احداث التوازن بين الطلب والعرض ليتوافر النفط بأسعار عادلة واحيانا رخيصة جدا، لا يعقل ان تتهم من الرئيس الأميركي ترامب بأنها منظمة احتكارية ويصفها بكارتل البترول، وهي بالواقع لا تسيطر الا على 40% من الانتاج العالمي من البترول، وهذا ينفي عنها تهمة الاحتكار.
مشروع قانون «نوبك» القديم الجديد، قد تمت مناقشته في رئاسة بوش الإبن واوباما وتم تجميده ووضعه في ادراج الكونغرس ليس لعدم قانونيته او شرعيته، بل فقط لأنه لم يكن ليحظى بفرصة للإقرار، أما في عهد الرئيس الأميركي الحالي ترامب فكل شي ممكن، خصوصا انه يمارس الابتزاز يوميا للدول المنتجة للبترول ويهددها بعدم الحماية ما لم تزد من إنتاجها لخفض الاسعار التي ارتفعت خلال العام بأكثر من 80% وربما يعود الارتفاع الأخير لسياسات ترامب تجاه ايران احد المنتجين الرئيسيين وخروج أميركا من الاتفاق النووي وعزمها تطبيق حصار خانق عليها، مما سيحرم الاسواق من اكثر من مليون ونصف برميل، ويخلق توترات جيوسياسية في منطقة الخليج والتي تعتبر حقل بترول العالم.
كل هذا ادى الى ارتفاع اسعار البنزين بحوالي 80% مما شكل عبئا كبير على الاسرة الأميركية حيث اصبحت تصرف حوالي 10% من ميزانيتها على بند البنزين وحده، وبما ان الولايات المتحدة تعيش حدثا محليا مهما وهي الانتخابات النصفية للكونغرس فإن ترامب وحزبه الجمهوري يحاولون جاهدين لتخفيض اسعار البنزين لكي لا يؤثر على مزاج الناخب فيتحول الى الديموقراطيين المعروفين دائما بذكائهم الاقتصادي، ويهتم ترامب كثيرا بالانتخابات التي ستجري في الشهر المقبل لأن مستقبل رئاسته معلق علي نتيجتها، فلو سيطر الديموقراطيون على اغلبية الثلثيين في الكونغرس لأصبح التصويت على محاكمته بتهمة التأثير على الانتخابات الرئاسية ومن ثم عزله أمرا شبه مؤكد، لذلك هناك احتمال كبير ان يقر ترامب قانون «نوبك» كورقة أخيرة للنجاة ولو أدى ذلك للتضحية بحلفائه الخليجيين.
الخلاصة: يتعرض الاستثمار الخليجي في الولايات المتحدة إلى مخاطر سياسية عالية جدا وفق قانون «جاستا» ومشروع قانون «نوبك».
فالخليجيون بالتحديد دائما ما يتهمون بالتقصير في مكافحة الإرهاب أو بانتماء مواطنين لهم في عمليات إرهابية، وبذلك يصبحون تحت طائلة قانون «جاستا» وقد تتعرض أموالهم في أميركا وهي بالتريليونات إلى التجميد فوجب التنويع في الاستثمار جغرافيا وعدم تكريسها بأميركا وبالدولار.
الخليجيون حالهم كحال أعضاء منظمة «أوپيك» سيتهددهم مشروع قانون «نوبك» بعقوبات اقتصادية وتجميد للممتلكات بالسوق الأميركية وهي كبيرة وكثيرة جدا، واذا انصاعوا للمطالب الأميركية بإنهاء منظمة أوپيك سيصبح انتاح النفط دون سقف فتنهار الأسعار ومعها اقتصادات دول أوپيك، ولزم التفكير بتغير معادلة «البترودولار إلى بترويورو» مثلا.