ربما الشيء الوحيد الجيد الذي فعلته ايران في السنوات الماضية هو الاتفاق النووي، ولذلك اعتقد ان الولايات المتحدة الأميركية ارتكبت خطأ بالخروج من الاتفاق، والخطأ الاكبر هو معاقبة ايران لالتزامها بالاتفاق، بل وتهديد الدول الموقعة عليه كالأوروبيين والصين وروسيا بالعقوبات اذا ما تاجروا او استثمروا مع الإيرانيين!
إن الإيرانيين يبتعدون تدريجيا عن الصفقة النووية ويقتربون ولو من بعيد جدا الى انتاج قنبلة حقيقية، كتنفيذهم لتهديداتهم بتعطيل بعض بنود الاتفاق النووي بزيادة مخزون اليورانيوم المخصب بأكثر من 300 كيلو، والذي تم بالفعل أواخر الشهر الماضي، وأما الخطوة الثانية والأكثر خطورة فهي زيادة تخصيب اليورانيوم أكثر من النسبة المسموح بها ٣.٦٧% وفقا للاتفاق النووي.
ورغم هذا الكم من التهديدات والتصريحات الخطيرة المتبادلة بين طهران وواشنطن، الا ان هناك بصيصا من الامل في تلاقي وجهات النظر والوصول الى نقطة مشتركة بين ايران والولايات المتحدة.
فالتصريحات التي ادلى بها الرئيس الايراني مؤخرا، والذي اشترط فيها التزام ايران بالاتفاق النووي التزام الأطراف الاخرى، وتأكيده على أن خفض التوتر في المنطقة بيد واشنطن وعليها العودة إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية ومن ثم التفاوض حولها.
من ناحيته، يبدو ان الرئيس ترامب التقط الإشارات الايرانية، فعلى الرغم من اتهاماته الكثيرة التي وجهها الى ايران وتهديداته لها، إلا ان أهم ما صرح به ترامب في الايام القليلة الماضية هو أن ما يهمه هو تعديل الاتفاق النووي فقط!
إن الملام على انتهاك إيران للصفقة بتجاوز عتبة اليورانيوم المنخفض التخصيب ببضعة كيلوغرامات، الولايات المتحدة بتخليها عن الاتفاق الذي كان يوفر قيودا نووية على ايران.
كما أن التصعيد النووي الايراني ـ ان صح التعبيرـ مازال منضبطا، فتصريحات المسؤولين الإيرانيين واضحة وشفافة وفق تعبيرهم، وأن إجراءاتهم النووية ستكون معلنة، أضف الى ذلك ان المراقبين الدوليين مازالوا متواجدين وينقلون ما يحدث، وهذا ربما يجعل اللعبة النووية ورقة ضغط سياسية متدرجة ولكنها خطرة.
إيران لا تستطيع الصمود أكثر امام العقوبات الاقتصادية الاميركية وتخلي الأوروبيين عنها، لذلك تدرجت السياسة الايرانية من التهديد غير المباشر لأمن امدادات الطاقة وستصل الى مستوى التهديد النووي لحلفاء ايران وخاصة اسرائيل، من اجل حث الادارة الاميركية على العودة الى الاتفاق النووي، ويبدو أن ايران لا تمانع في تعديل شروطه بما يتناسب مع رؤية الولايات المتحدة.