أكد خبراء انه منذ انتهاء الحرب الباردة وانقضاء الأهداف السابقة لحلف الناتو كمنع الاتحاد السوفييتي من التمدد واحتواء تهديداته لدول غرب وشمال أوروبا، لم يجد الحلف أهدافا استراتيجية جديدة، حتى ضرب الإرهاب الولايات المتحدة عام ٢٠٠١، وبعدها أصبحت مهمة الحلف الرئيسية الجديدة هي محاربة الإرهاب، والتي ترتبت عليها حرب طالبان والقاعدة بأفغانستان وبعدها غزو العراق.
مؤخرا انتبه الحلف إلى خطر التمدد الروسي في شرق أوروبا، وحاول احتواءه، وطالب من أعضائه بتعزيز الدفاع عن دول البلطيق وپولندا في مواجهة روسيا، الأمر الذي رفضته تركيا لأسباب عديدة منها اشتراط تركيا دعم الناتو لمعركتها ضد وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سورية.
تركيا غير متحمسة لخطط الناتو ضد روسيا، خاصة بعد تطور العلاقات التركية ـ الروسية والتي وصلت إلى حد بيع روسيا لأهم أسلحتها الاستراتيجية «صواريخ اس 400» والتنسيق بينهما في الملف السوري، بينما نرى بالمقابل تدهور العلاقات التركية ـ الأميركية في عهد ترامب والتي وصلت إلى حد فرض العقوبات والإضرار بالاقتصاد التركي وقبل هذا وذاك الموقف الأوروبي والأميركي الفاتر أثناء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا والتي أخلت بالأمن العام وزعزعت الحكم والاستقرار فيها، بالإضافة إلى إقامة بعض المعارضين والمدبرين للانقلاب في أميركا.
الأمر الثاني هو مطالبة تركيا لدول حلف الناتو اكثر من مرة لتفعيل المادة (٥) من ميثاق الحلف، والتي تنص على أن أي اعتداء على أي دولة بالحلف يعتبر اعتداء على دول الحلف جميعا.
وبينما ترى تركيا ان حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري قوات سوريا الديموقراطية يمثل تهديدا امنيا لها وتصنفه أنقرة كجماعة إرهابية وتطالب الحلف بمحاربته، نجد أن كلا من فرنسا وأميركا وبريطانيا تتعامل مع قوات سوريا الديموقراطية وتدعمها باعتبارها قوة بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي!
وهنا تبرز المشكلة الأساسية بين دول الحلف وهي عدم الإجماع حول تعريف الإرهاب وتحديد المنظمات الإرهابية.
ختاما - الحقيقة التي لا مفر منها هي - أهمية تركيا لحلف الناتو، فمنذ الحرب الباردة وهو يعتمد كثيرا على تركيا باعتبارها ركيزة أساسية ورأس حربة في مواجهة روسيا ونفوذها، فالجيوبولتيك لتركيا يعطيها أهمية قصوى داخل حلف الناتو، ناهيك عن قوتها العسكرية والتي تعتبر الثانية بحلف الناتو بعد الولايات المتحدة، يبدو أن المتغير الجديد في العلاقات التركية مع الناتو هو متغير القيادة، ففي تركيا يوجد زعيم قوي يمارس نفوذه داخل الحلف بقدر قوة بلاده ومكانتها الدولية، ولذلك شاهدنا المساعي الحثيثة لإسقاطه من جهات عدة، وفي الولايات المتحدة يوجد الرئيس ترامب الذي اصطدم مع اغلب حلفائه بالناتو ومن بينهم الأتراك.