يتوقع الخبراء الأمنيون حول العالم ازدياد التهديدات الأمنية غير التقليدية والتي ستلحق خسائر مادية وغير مادية كبيرة.
وربما الكارثة الصحية التي مازال العالم يعيش مآسيها، وأقصد انتشار فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19 وما نجم عنه من دمار بشري واقتصادي هو أوضح مثال لما ستكون عليه عواقب عدم الاستعداد «للتهديدات الأمنية غير التقليدية» في المستقبل.
فالأمراض المعدية باتت تشكل تهديدا أمنيا معقدا للغاية في عصر العولمة وبالنظر إلى أن المدى الجغرافي الواسع والذي يتجاوز الحدود الوطنية، أو من ناحية عجز الأساليب الوطنية عن إدارة الأوبئة والتي لم تعد كافية.
لقد تنبه العالم - إلى ضرورة التنسيق الدولي لإيجاد بيئة عمل مشتركة يتولاها مجموعة من الخبراء والمتخصصين بتلك الأنواع الجديدة من التهديدات، وأن يعطوا كل الصلاحيات للعمل دون تدخل من دولهم، بمعنى آخر اكثر دقة وعلمية، لابد من «حوكمة دولية» لتلك المنظمات التي تتصدى لتلك التهديدات الأمنية.
ولكن للأسف يبدو أن هناك إحباطا وتذمرا عالميا من الممارسات غير المسؤولة من بعض الدول وعدم تعاونها الكافي مع المؤسسات الدولية المعنية في المخاطر الأمنية الدولية، فمجلس الأمن الدولي فشل في التصويت على مشروع قرار حول فيروس كورونا المستجد، على خلفية الصراع الأميركي - الصيني والاتهامات المتبادلة بينهما حول مسؤولية انتشار فيروس كورونا المستجد.
وكذلك التعامل الأميركي مع منظمة الصحية العالمية والتي من المفترض أن تكون إحدى المؤسسات الدولية «المحوكمة» والاتهام الأميركي لمدير المنظمة بالتواطؤ ومحاباة الصين وعدم إدانتها في قضية انتشار فيروس كورونا المستجد، مما أدى إلى وقف الدعم المادي الأميركي للمنظمة والانسحاب منها.
ختاما: ما لم تتنازل الدول عن بعض خصوصياتها وتسمح للمنظمات الدولية المتخصصة والتي من المفترض أن تتمثل فيها جميع الدول وبشكل عادل ومتساو وتقتصر العضوية على الخبراء والتكنوقراط، فلن ينجح العالم في المستقبل من التصدي للتهديدات الأمنية العالمية الجديدة وستكون التكاليف باهظة على الجميع.