لا جديد يذكر في سياسة باراك أوباك مع النخبة اليهودية في أميركا ومع دولة إسرائيل حين أعلن أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية ـ الإسرائيلية «ايباك» استمرار الولايات المتحدة الأميركية لدعم إسرائيل والحفاظ على أمنها وسلامتها، لاسيما حين أعلن أن أمن اسرائيل أولوية لأميركا وأظن أنه سيبقى كذلك لسنوات عدة حتى بعد فترة أوباما ومن سيخلفه سواء من الحزب الديموقراطي أو الجمهوري.
وعلى الرغم من العلاقات المتوترة بين إدارة أوباما واسرائيل في الفترة الحالية بشأن المستوطنات الإسرائيلية وصرامة نتنياهو وأسلوبه في التعامل مع أوباما، تظل سياسة أميركا هي ذاتها بالنسبة لاسرائيل، لا تغيير في الأسلوب ولا في النمط. وقد يكون من منظور الإدارة الأميركية أن اسرائيل هي مفتاح مهم في الشرق الأوسط ناهيك عن تأثير النخب اليهودية في أميركا على صنع ورسم السياسة الأميركية الخارجية منذ عقود. وبعيدا عن الحديث عن العلاقة الأميركية ـ الإسرائيلية المتينة وأساسها وأسبابها وتاريخها، فإن ما يهمنا تداعيات تلك العلاقة القوية من بؤرة التركيز العربية.
من المنظور العربي توجد العديد من التخوفات والتضايقات بشأن تلك العلاقة المتينة بين الطرفين، لاسيما أنها أظهرت تلك العلاقة بصورة فجة أثناء الحروب العربية ـ الإسرائيلية وإبان الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والوقوف الدائم لأميركا للجرائم الإسرائيلية التي تحدث يوميا في فلسطين المحتلة وغيرها من المواقف والمشاهد المؤلمة.
لقــد مــرت فلسطين المحتلة بفترات صعبة وكانت دوما الحــلقة الأضعف في المثلث الأميركي الاسرائيلي الأوروبي. كما عانت فلسطين من التقاسم والصراعات الداخلية بين فتح وحــماس في الآونة الأخيرة، ويبــقى الصلح المعلن بينهما الآن ـ من وجهة النظر العربية ـ نقطة انطلاق جيدة لحل القضية الفلسطينية للجلوس على طاولة المفاوضات والتسريع في خارطة الطريق. لكن الغرب وخاصة أميركا عبروا عن استيائهم لهــذا الصلح حتى أن أوباما أمام «أيباك» شدد على أن هذا التصالح يعطل ويعرقل من عملية السلام كون أن حماس ـ من منظور أميركي ـ منظمة ارهابية مسلحة يجب عدم التعامل والتفاوض معها.
وبالتالي نعود لنقطة الصفر في هذا الشأن، وتبقى القرارات العربية والشؤون العربية مهما كانت جيدة من المنظور العربي، يقابلها رفض وتحد واضح من المنظور الغربي. إن أي تحسن وتطور سياسي واصلاحي في المنطقة العربية لا يوازيه بالضرورة تقبل واستحسان غربي، وبذلك لا نشهد تطورات ملموسة في العلاقة مابين الشرق والغرب لما فيه من اختلافات واضحة في المصالح وفي الفكر وفي الاستراتيجيات.
إن الاستقلالية في القرارات السياسية أمر ضروري وباتت حاجة اخلاقية ووطنية، وهي في الوقت نفسه ما تصعب من رسم المعادلات السياسية الناجحة لأي دولة لأن القرار السياسي له ثمن وله من التداعيات التي يجب أن يتحملها أصحاب القرار. وبالتالي فإن القرار الفلسطيني في شأن المصالحة أعتقد أنه اتخذ بدراية كاملة عن الرأي الغربي والأميركي خصوصا. وأخيرا، نطرح تساؤلين في هذا الشأن: كيف سيتعامل الجانب الفلسطيني خاصة بعد التصالح مع اسرائيل المدعومة من أميركا؟ وهل ستخرج حماس مجددا عن الخطاب الفلسطيني الموحد لتعلن رفضها مجددا قبول اسرائيل كطرف مقابل؟
[email protected]