في خضم التوتر الواضح بين الجانبين الكويتي والعراقي حول مشروع ميناء مبارك الكبير، والتصاريح المتبادلة حول أحقية الكويت في بناء مشروعها التنموي الضخم من عدمه، يتبادر للأذهان سؤال عن الإجراءات العسكرية وغير العسكرية المطلوب اتباعها في جزيرة بوبيان، خصوصا بعد تهديد كتائب حزب الله الشيعية العراقية.
المصادر الأمنية من حين لآخر تطلع الصحف الكويتية والمتابعين لهذا الشأن بأن الكويت ممثلة بوزارتي الداخلية والدفاع، قد اتخذت جميع التدابير الأمنية لحماية موقع المشروع والعاملين فيه.
فإدارة خفر السواحل، والإدارة العامة لأمن الحدود البرية والقوة البحرية للدفاع الكويتي هي المعنية بهذا الشأن.
ولا يخفى على المتابعين للشؤون الأمنية ان جزيرة بوبيان أحد أهم المواقع الحيوية في الكويت، كون هذه الجزيرة تحدها دولتان إحداهما تشكو من انفلات أمني كبير والأخرى لها من الإستراتيجيات والأهداف التي من شأنها لا تمانع بخلق مزيد من التوتر في المنطقة بغية تحقيق تلك الإستراتيجيات طويلة الأمد.
إن التعليمات الواردة لحماة الوطن أتت بأخذ جميع الوسائل لحماية المنطقة من أي اعتداء، والتعامل الفوري لأي شبهة تهدد أمن وسلامة المشروع والعاملين فيه. وحسب المعلومات المتداولة فان المشروع قد أنجز من العمل فيه قرابة 20% فقط، وهذا يعني أن اليقظة والتنبه لأي تجاوزات واختراقات أمنية مطلوبة وبشدة في هذه المرحلة.
وحول هذا الشأن، فإن تحقيق أي عمل تخريبي لمشروع ميناء مبارك الكبير من شأنه سيزيد من حدة التوتر بين البلدين، فالقيادة العراقية حينها ستتنصل من أي مسؤولية، وتتعذر بالانفلات الأمني وكثرة الميليشيات العسكرية والتي لكل منها هدف وطموح مختلف، وبالتالي ملاحقة المسؤول عن ذلك سيكون أشبه بمستحيل، والخسائر المادية والبشرية حينها ستتكبد على الجانب الكويتي فقط وهو ما يطمح فيه الجانب العراقي، سواء على المستوى القيادي أو الشعبي.
فعلى المستوى السياسي الكويتي الخارجي، فالحكومة الكويتية أعلنت استغرابها الشديد للمعارضة العراقية للمشروع. وبدون الغوص في تفاصيل المشروع وسيادة الكويت لأراضيها ومياهها الإقليمية واحترامها لقرارات مجلس الأمن، ومن الأجدى للقيادة العراقية أن تتعامل وتتفاوض مع القيادة الكويتية بشأن تنظيم الملاحة البحرية وسبل تحقيق الفائدة للطرفين وليس التهديد والوعيد واعتراض المشروع برمته، لأن الاعتراض العراقي المشروع لا يحقق للعراق شيئا سوى إثارة موضوعات عفا عليها الزمن، واستهلكت بصورة كبيرة والتي اتضح أنها لا تفيد العراق بشيء إلا بدغدغة الشارع العراقي الذي اعتاد وعاش على نظرية العدو المحدق بالعراق وأراضيه منذ أيام سلطة حزب البعث.
أما على المستوى الأمني الكويتي، فلابد من أن تتبع أساليب أمنية مكثفة من شأنها تصدي أي محاولة للتخريب والإيذاء للمشروع الذي يعد أحد أهم المشاريع الحيوية والضخمة في الكويت والتي سترتبط برا مع منطقة الصبية ومدينة الحرير، وأخيرا سكة القطار الخليجي المستقبلي، حتى وإن اضطرت الكويت للاستعانة بخبرات دولية لتضفي مزيدا من التشديد الأمني.
وعليه، لابد من عدم التركيز على الاختراق الأمني الخارجي، وأجزم بأن أبناء الكويت في كل من وزارتي الداخلية والدفاع متيقظون وساهرون لحماية أرض الوطن وممتلكاته وسلامة مواطنيه، لكن لابد من التركيز على الاختراق الداخلي والتدقيق على العاملين في المشروع، ليس كإجراء احترازي واضطراري فحسب، إنما كإجراء ضروري يضمن سلامة المشروع حتى الانتهاء من جميع مراحله.
ومن أجل تحصين المشروع، فإن التحديات الأمنية التي قد تواجهها الكويت من الداخل أجدها أهم من الخارج والتي يمكن أن تضر المشروع ضررا بالغا وتزيد من فرص الاختراق الأمني. فيجب على السلطات الأمنية توظيف جميع الأدوات والأساليب والوسائل المتطورة للحد من أي اختراقات أمنية للمشروع، فلابد من تحديد التصاريح المسموحة للدخول للمشروع، وتحديد كمية العاملين فيه والدخول للمشروع من خلال عبورهم على أجهزة كشف حديثة متطورة كالكشف عن قرنية وقزحية العين، والبصمة، وغيرها من الوسائل الأمنية الحديثة، لأن استخدام تلك التقنيات تكون بمثابة خط وقائي أولي، لما لهذه التقنيات من قدرة على اكتشاف حقيقة الأفراد للحيلولة دون وقوع أي اختراق أمني لأنه من الصعب خداع تلك التقنيات في ضوء دقتها الفائقة.
إن حيوية المشروع، تسوقنا إلى وضع مقترح لإنشاء إدارة خاصة لأمن وحماية جزيرة بوبيان والتي يقع فيها مشروع الميناء الكبير يتشارك فيها وزارة الدفاع والداخلية وغيرها من الوزارات المعنية لتحقيق مزيد من التركيز والتكثيف الأمني للجزيرة، وسرعة التواصل مع القيادات الأمنية الكبيرة في الدولة، والعمل على تخليص كافة الاجراءات المتعلقة بالمشاريع المقامة على الجزيرة.
[email protected]