شقراوي النرويج «أندريس بريفيك» مسيحي يميني متطرف، يحمل أيديولوجيا صليبية وقومية وعنصرية ضد العرب والمسلمين، أراد بجريمته الشنيعة في جزيرة «يوتويا» التي راح ضحيتها 76 شابا نرويجيا من حزب العمال الحاكم أن يمنع الحكومة النرويجية من سياساتها المتسامحة مع العرب والمسلمين الغزاة حسب قناعته، وهي نفس عقلية المجاهدين العرب الذين يقتلون الأبرياء في العراق بالمفخخات بحجة مقاومة الأميركان الغزاة!
أمر يدعو للاستغراب حقا فـ «بريفيك» لم يأت للنرويج قادما من أفغانستان أو باكستان، بينما هو يعيش في جنة الله في الأرض النرويج بلد السلام والديموقراطية والتسامح والانفتاح على الشعوب والتنوع الثقافي، ولم يكن «بريفيك» يعاني من اضطهاد سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، لكن عقله مشبع بعقائد تضمر الكراهية للعرب والمسلمين.
إن مجزرة أوسلو لفتت الأنظار إلى التيار اليميني المتطرف الذي بدأ يتنامي في أوروبا خصوصا بعد كارثة «الحادي عشر من سبتمبر» تحت شعار «إسلامو فوبيا» ولهذا التيار ممثلون منهم القس «تيري جونز» المهدد بحرق القرآن، والنائب الهولندي «جيرث فليدرز» الذي دعا المسلمين إلى الرضوخ للثقافة الأوروبية المهيمنة أو الرحيل ووصف الإسلام بأنه أيديولوجيا فاشية لإرهابيين، وملخص أفكار هذا التوجه «ان أوروبا تعرضت لثلاث غزوات إسلامية الأولى كانت بفتح الأندلس 711م والثانية بغزو العثمانيين لشرق ووسط أوروبا في القرن الـ 14م، والثالثة هي استيطان المهاجرين العرب والمسلمين بكثرة في الدول الأوروبية، فلابد من طردهم دفاعا عن الحضارة الأوروبية» وهذه الحجج لا تصمد أمام النقد، فالمسلمون اليوم في أوروبا حوالي 44 مليون نسمة يعني بنسبة 10%، وفي النرويج 163 ألف مسلم بنسبة 3.4% من السكان، وهذه الأرقام لا تدعو إلى الفزع والخوف على الحضارة والثقافة الأوروبية كما يزعمون.
ورغم كل هذا علينا الا ننسى الوجه المشرق الإنساني للغرب الذي يحتضن العرب المسلمين، فمازال المسلمون بخير في أوروبا ففي النرويج مثلا 100 مسجد للمسلمين، بينما نوابنا في الكويت لا يسمحون للحكومة بأن تبني كنيسة إضافية لـ 500 ألف مسيحي في الكويت ومسجدا للبهرة.
وفي مقابل «بريفيك» الحاقد على العرب والمسلمين هناك من هو محب فلا ننس جهود الناشط البريطاني جورج غالاوي المناصر لقضايا العرب والمسلمين والمسير لقافلة «شريان الحياة» إلى شواطئ غزة المحاصرة، والفقيد الإيطالي «فيتوريو» عاشق العمل الإنساني في غزة الذي اختطفته جماعة إسلامية متطرفة وقتلته صبرا.
فالتطرف والإرهاب لا دين له ولا ملة، والتسامح والتعايش هو المخرج الوحيد من صراع الحضارات.
[email protected]