الزهد في الماديات الزائفة من دلائل سمو النفس، ولكن هذه الماديات الزائفة تفشت في مجتمعنا حتى أصبحت معيارا يقاس به الناس، فقبل أن ينظر غير قليل من الناس في ملامح من يرونهم تراهم يحدقون في الكماليات ويقلبون النظر فيها ليتسنى لهم معرفة منزلة الشخص الماثل أمامهم، وبمقدار قيمة الماديات والكماليات التي يملكها يحظى باحترامهم وتقديرهم.
لقد أصبحت مكانة الفرد مرهونة بهذا المعيار المادي عند كثير من الناس، ولربما بدأت تتكون عن شخص ما انطباعات إيجابية ثم ينحط فجأة بسبب أن القلم الذي يملكه من ماركة متواضعة وهكذا دواليك، قس على سيارته ولباسه وحتى حذائه
يذكر أن سقراط كان في مجلس مع طلابه، وكان بين الحضور شخص صامت ذو هيئة، فقال له: تكلم حتى أراك.
إن القيمة الحقيقية للإنسان ليست في لباسه وما يملكه من كماليات وماديات، وإنما فيما يملكه من تفكير في عقله، ومن مشاعر في قلبه، سموا أو انحطاطا.
إن التبجح بالمظاهر الزائفة محاولة بائسة لتعويض نقص في ذات الشخص المهووس بها، وهذه المظاهر الزائفة ما تفشت في مجتمع إلا كانت دليل تخلفه عن الثقافة الحقيقية والعمل الجاد المثمر، ولا يعني هذا بحال أن يكون الإنسان بعيدا عن الأناقة والجمال، بل بالعكس من ذلك، ففي الحديث «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة.
فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس».
وثمة كلمة جميلة للأحنف بن قيس يقول فيها: استجيدوا النعال فإنها خلاخيل الرجال.
وأن تكون جميلا جمالا خارجيا وأنيقا فهذا شيء، والهوس بالمظاهر والماركات ومعرفة أقدار الناس بها شيء آخر.
وكم أود أن يتخفف من يقتدى بهم من الماديات المبالغ فيها ليكونوا أسوة لغيرهم، وأن يسعى الآباء جهدهم في ألا ينافس أبناؤهم أقرانهم بهذه المعايير المجتمعية الزائفة، ولكن في الفكر الوضاء والقيم النبيلة ومراقي المروءة والرفعة.. يجب ألا تكون الساعة التي يرتديها المرء باهظة الثمن، ثم يهدر وقته في الترهات، ويجب ألا يكون القلم الذي يزدان في جيبه يهتز في يده حين يكتب سطرا بلغته الأم فضلا عن اللغات الأخرى ومن المحزن جدا أن يكون رمضان أحد مواسم استعراض كثير من تلك المظاهر الزائفة في كثير من الأحيان.
كن جميلا أنيقا ولكن لا تكن عبدا للزينة الزائفة.
[email protected]