كشف استبيان سابق لديوان الخدمة المدنية، أن إنتاجية العمل والموظف في غالبية الجهات الحكومية قد انخفضت بنسبة 30% تقريبا منذ تطبيق نظام البصمة، وهذه النسبة في ارتفاع لأن العلاقة طردية: ازدياد أعداد الموظفين وارتفاع نسبة البطالة المقنعة، فقد أثبت نظام البصمة فشله من نواحٍ عديدة، منها فشله في المساواة بين الموظف الملتزم والآخر الكسول، لأن التقييم في النهاية عبارة عن طباعة (أوراق الحضور والانصراف) والذي يشكل بين 80 و90% من نسبة التقييم، وهناك العديد من الموظفين الذين يبصمون في الصباح الباكر، ويعودون للبصمة في نهاية الدوام، وهذا النظام ظلم الشريحة المنتجة ـ التي فعلا تعمل وترغب بالعمل - علاوة على عدم قدرة المسؤول على تقييم الموظف بشفافية أو بحسب الإنتاجية، لأن اعتماد التقييم يكون بناء على جهاز البصمة فقط! مما يتسبب في تقييم غير عادل وغير منصف، وهدر في الميزانيات وأموال الدولة بسبب الامتيازات والأعمال الممتازة «والبونصات» لغير المستحقين، بالإضافة إلى بخس حق بقية العاملين.
ففي السابق كان يتم الالتزام بساعات العمل الرسمية من خلال نظام التوقيع والذي غالبا يكون عند المسؤول المباشر، يعني الموظف يمر عند المسؤول للتوقيع واثبات الحضور والانصراف، بعكس النظام الحالي، على الرغم من وجود أنظمة كاميرات المراقبة، والتقنيات الحديثة، لكنه أثبت فشله الذريع في رفع الكفاءة والإنتاجية، حتى اصبح الهم الوحيد لكثير من الموظفين هو الوصول لجهاز البصمة في الموعد والانصراف في الموعد، بطالة مقنعة بامتياز.
في الحقيقة، لو كانت كل جهة حكومية تقيم الموظف على أدائه وأعماله وإنتاجيته وتطويره، وتأخذ تقارير شهرية عن عمله، وتقيمه بناء على إنتاجه الفعلي، دون النظر إلى ساعات حضوره وانصرافه، لاختلف الوضع، وأصبحت المنافسة على الإنتاجية، والتركيز على العمل دون النظر في موعد الحضور والانصراف، ويمكن وضع شروط واعتمادات من أكثر من مسؤول، حتى لا يظلم الموظف أو يظلم المسؤول، أو يساء تقدير الطرفين، فالنظام الحالي يعتمد على الكم لا الكيف، لذلك نجد اغلب المراكز الحكومية فيها تكدس موظفين، لكن المكاتب فارغة.
ونحن أمام تحديات كثيرة خاصة مع التحول الرقمي لكثير من المعاملات، فموضوع تكدس الموظفين لن يستمر مستقبلا، ولن تعود الوزارات ومراكز العمل بحاجة لكل هذه الأعداد، مع تزايد أعداد الخريجين والباحثين عن العمل. إذن ما الحل؟
النظام الحالي، ينطبق عليه مثل: «ردينا على طير ياللي»، ونحن على أعتاب تحقيق رؤية حديثة ومتطورة، بوجود نظام قديم لن يحل المشكلة بل سيزيدها سوءا، يجب البدء أولا بحصر الجهات والحاجة للتخصصات، والعمل على رفع كفاءة الموظفين وإنتاجية كل وزارة وهيئة، بوجود خطة سنوية متكاملة وتحقيق أهداف ورؤى وتطلعات عصرية ومرنة.
بالقلم الأحمر: ما يثير التساؤل، إذا كانت هذه الآلية خاطئة وغير مجدية، فلماذا الاستمرار في تطبيقها؟! لا يمكن التطور بالخدمـــات دون رؤية حقيقيــة.
AljaziAlsenafi@