الفيلسوفة الكبرى
ثمانية عشر عاما مضت على جريمة يندى لها جبين العالم، لم يكن احتلالا واغتصابا واعتداء على جارة مسالمة بقدر ما كان حقدا وغلا ملأ نفوسا مريضة امتلأت غرورا وزهوا بنفسها، وظنت انها القوى التي لا تقهر أين هم الآن؟ «اللهم لا شماتة» فقد أصبحوا عبرة لمن يعتبر.
ثمانية عشر عاما مضت، لا نريد ان نجتر أحزاننا ونندب سذاجتنا، اننا اليوم أبناء مستقبل وحاضر وماض يفرض علينا ان نكون أصلب عودا، وأكثر وعيا لمصلحة بلادنا، فهذه الأرض التي ارتوت بمعاناة مواطنيها ودمائهم تستحق ان تكون من أجمل بقاع العالم، وهذا لا يتحقق بشعارات وخطب ومقالات، بل بالعمل الجاد والصادق من اجل وطن عانى الكثير، الكثير.
لا نريد ان يكون الاحتلال العراقي الغاشم لبلادنا عام 1990 شماعة نعلق عليها اخطاءنا، ولا نريد لهذه الذكرى الأليمة ان تتحول الى حجر عثرة في طريق مستقبل بلادنا.
اننا أقوياء وقادرون على ان نخلق وطنا جديدا بكل المقاييس ونجعله مفخرة لكل من يعيش فيه ويسمع عنه.
بالأمس عانينا الكثير، وهذه المعاناة انتهت وتلاشت، وأصبحت غصة عميقة في نفوس من عايشها في الداخل والخارج، لقد عبرنا فوق جراحنا الى الحاضر الذي نحاول ان نجعله مليئا بالأفعال التي ترتقي بهذا الوطن المعطاء الى مصاف الدول الجميلة.
والمستقبل يرنو الينا ويقترب، فهل نجعله أفضل من حاضرنا؟ أتمنى ذلك!
في ذكرى الاحتلال الغاشم سألته أتذكر؟
فرد على سؤالي بسؤال: أتذكرين؟ ابتسمنا لبعضنا.
نعم، أتذكر باغتني بسؤال: سعيدة حبيبتي؟!
انني راضية والحمد لله ترددت قليلا وأنت؟
أخفى وجهه بكفي وقال: لا.
قلت تفاءلوا بالخير تجدوه.
تفرس في نظراتي وقال: ألا تتعبين؟
أجبته: أنا بشر.
أكمل عنيدا: أنت بشر عنيد.
ابتسمت وقلت: من أجلك فقط أنا عنيدة، لا تحزن لا أحب ان أرى الحزن في عينيك، أعلم ان الوضع لا يعجبك كما لا يعجبني فالصبر مفتاح الفرج.
بعصبية قال: وأي صبر تريديني ان أصبر إلى الأبد.
بهدوء أجبته: لن يذمك احد على صبرك.
ألم أقل لك أنت بشر عنيد.
هل أنت نادم على مناجاتي لك؟
ابتسم بهدوء ورد على سؤالي بسؤال: أتذكرين؟
ابتسمت له وحده وهمست نعم أتذكر.
سعيدة؟
بوجودك انا أسعد من في الوجود.
ما أمنتيك لهذا العام.
أن أراك أجمل الأوطان.