لا اعتقد بعد النصح العميق الذي أدلى به صاحب السمو الأمير في خطابه السامي وكلماته المؤثرة ذات المعاني الواضحة لاخوانه وابنائه، إلا ان نجد الالتزام والسمع والطاعة والتمسك به وترجمته الى آليات عمل حقيقية، فلقد اصاب سموه كبد الحقيقة وشخّص المرض الذي تعاني منه الساحة السياسية بمهارته وخبرته التي عهدناها بشخص سموه وتدخله في الوقت المناسب لاطفاء نار الطائفية والنعرات الفئوية والقبلية ووقف الاستفزازات والسلوكيات الخاطئة والتمسك بحمى القانون والحفاظ على هيبته فهو ملاذنا الذي لا غنى من الرضوخ لسلطانه.
ان توجيهات سيدي صاحب السمو الامير كانت كافية ووافية واثلجت صدور قوم مؤمنين، فعلينا الحرص على وحدتنا الوطنية بترشيد تصرفاتنا والكف عن العبث والتطاول والتجريح، وتعزيز قيم الديموقراطية والالتزام والسعي الحثيث نحو التنمية والابتعاد عن الفوضى وهدر الوقت والانشغال بتوافه الامور وجعل الانجازات اول الأولويات، وهكذا نكون قد وضعنا خطاب سموه نصب اعيننا وفعّلنا مضامينه وتدبرنا حكمته لمصلحتنا جميعا فشكرنا لولي أمرنا الذي لا يتهاون فكلما لاحت شرارة سارع في وأدها بروحه المعنوية العالية وتوجيهاته السامية.
مستقبل المجلس
يمثل مجلس الامة السلطة التشريعية في البلاد وهو نتاج مسيرة ديموقراطية حفلت بالانجازات التي حققتها قوة العزم والارادة، وكان المجلس في السابق يمثل المنبر الصادق المعبر عن ضمير الشعب والحكمة في الموازنة بين الطموحات والامكانيات انطلاقا من مصلحة الكويت التي تعتبر المعيار الاول في كل قرار.
وحديثنا عن سلبيات المجلس وانتقاده لا يعني الاستغناء عنه لانه الوجه المشرق لوطننا امام العالم فهو الجهة المشرعة للقوانين لكل ما يفيد الوطن والمواطن وهو الرقيب الذي يتصدى لاخطاء الوزراء، ووجود مجلس الامة يساعد الحكومة ويرفع عنها الحرج امام مطالبات بعض الدول، علاوة على ان وجود نوابه في المهمات الرسمية يمثل عنوانا لديموقراطية الكويت وحريتها امام شعوب العالم.
فالكويت حكومة وشعبا متمسكون بالديموقراطية والدستور وبكل مظاهر التقدم لمواكبة الدول المتقدمة، لكننا لسنا راضين ولا مرغمين بقبول اشخاص لا يؤمنون بممارسة الديموقراطية الحقة والتي اتضح ان مقاسها اكبر من حجمهم بكثير، اما عن اختيار الشعب الذي اوصلهم، فليس بالضرورة ان يكون الاختيار صائبا وانما بدافع المجاملة، فما علينا بعد حل المجلس – لا قدر الله – الا ان ننتظر حتى يصحح الشعب اختياره، وان كان واقع المجلس مرتبطا بوجود مثل هؤلاء النواب، فهذا الواقع حتما سيتغير بوعي المواطنين وتفهمهم وتمييزهم بين الصالح والطالح، ولا خير فينا ان لم نحم وطننا، ولو افترضنا ان عدم وجود المجلس مرٌّ فوجوده الحالي هو الأمر.
ان جهل وجشع واستغلال بعض نوابه الذين لم يحلم بعضهم بأن يكون عضوا تراه يتصرف كما لو كان وصيا على قاصرين لا رأي ولا حيلة لهم، وآخر ينتهز مدة عضويته لجمع المال والرخص التجارية وتعيين اقربائه ومعارفه، اما الثالث منهم فيعتقد انه الآمر الناهي فيغيب عن وعيه وتأخذه سكرة المنصب لينزلق لسانه مهاجما المسؤولين كبارا وصغارا دون خجل متناسيا حجمه الطبيعي، وتلك الممارسة من بعض النواب وهم قلة جعلت الشعب الكويتي يصيبه الاحباط، فالنائب من الفئات الثلاث التي ذكرناها جعلنا نيأس من وجود هذه النوعية، مما جعل السواد الاعظم من المواطنين ينظرون للمجلس وللديموقراطية بصورة يشوبها القلق.
اما الأمنية التي نذكرها دائما ونتأملها منهم مع الرجاء الحار فهي تحقيق التعاون مع الحكومة وان يضعوا مصلحة الكويت واجندة الاصلاح الاقتصادي والسياسي نصب اعينهم جميعا.