عندما تراجع إدارة أو وزارة حكومية ينتظرك عند بوابتها شخص من الجنسية الآسيوية بضحكة صفراء، غالبا ما يكون اسمه «عَلَمْ» أو قد يكون جرى العرف بمناداته كذلك فهو متواضع جدا لا تهمه الألقاب ولا الأسامي.
عَلَم هذا مدير بغير منصب على الإدارات المتهالكة بالبيروقراطية فلا مانع لديه من القيام بكل أعمال الإدارة فينظف الإدارة قبل بدء العمل ويعمل الشاي والقهوة للموظفين إذا (داوموا) طبعا ويختم الأوراق ويصفها ويقدم أوراق شخص على شخص، وإن كان يجيد عمل القهوة التركية يصل لدرجة مدير أو حتى وكيل، فالمسؤول الذي حصل على منصبه بـ «الواسطة» لا يعرف كيف يدير العمل ويعطي عَلَم «الخيط والمخيط» فيصبح عَلَم الآمر الناهي، ويتميز صاحبنا بانسيابيته، فلديه جميع الصلاحيات، أحيانا يأخذها برضا الموظفين وأحيانا نادرة دون أن يعلموا، والعجيب أنه هو الوحيد الذي لا يغلق باب في وجهه، فلا أحد يهتم إن كان موجودا في المكتب من عدمه، وإن أقفلت الأبواب في وجهه لم يستطع الوصول بنفسه يصل عن طريق «أعلام» أخرى.
الجميل في عَلَم أنه متفهم لحال المواطن الكويتي أكثر من حكومته، فيستقبلك بابتسامة وإن كانت صفراء ويلقي عليك التحية باحترام «سلام عليكم بابا» ويتفهم حالتك المادية بكل ذكاء خلال لحظات دون الحاجة لدراسات الحكومة التي تطول عشرات السنين، ورسومه جدا مقبولة فإن كنت تلبس نظارة شمسية داخل الإدارة فيفهم مدى حبك للمظاهر فيطلب منك ١٠ دنانير، وإن كنت تمسكها بيدك طلب خمسة دنانير، والأجمل في عَلَم انه لا يطلب الكثير من كبار السن ويرضى بالدينار أو الاثنين، وإن شاهد بنطالك الجينز مقطعا يقول «جيب على كيفك» فقلب عَلَم الطاهر لم يتوسخ بعد بالموضة ودار الأزياء العالمية.
دائما ما يطلب الشعب من الحكومة أن تقضي على البيروقراطية ولكن نشاهد أن البيروقراطية تزيد يوما عن يوم، ولا يوجد حل في الوقت الحالي للمواطن البسيط الذي ليست لديه «واسطة» سوى الدعاء لعَلَم بطول العمر ومطالبة الحكومة بعمل نصب تذكاري له فهو يستحق أن يصبح رمزا فعليا للبيروقراطية.