قصة العالم الصربي نيكولا تسلا أصبحت مضربا للمثل بسبب كثرة التراجيديا التي تحتويها، فهو العالم المعروف بذكائه ونباهته منذ صغره، وبسبب طموحه ضاقت عليه صربيا وانتقل للعمل في شركة أديسون مكتشف الكهرباء في أميركا أرض الأحلام، فأصبح مقربا على أديسون الذي قال له يوما إنه سيعطيه ٥٠ ألف دولار في حال تمكن من تطوير مولد أديسون الكهربائي، فقام عالمنا الصربي الذي أصبح أميركي الجنسية حينها بتطوير المولد بشكل فعال خلال أشهر، فطلب من أديسون أن يعطيه المبلغ المتفق عليه فأجابه: تسلا يبدو أنك لا تفهم حس الدعابة الأميركية، وعرض عليه زيادة ١٠ دولارات على راتبه بدلا من الجائزة فاستقال.
العالم المصدوم من فعل أديسون أنشأ شركته الخاصة بتمويل من رجلي أعمال فقام بتوصيل الإنارة للشوارع واكتشف مصابيح مقوس وطور الدينامو وحصل على براءات اختراع لذلك لكن سجلها باسم الشركة، فاختلف مع الممولين الذين طردوه من الشركة دون الحصول على أي مبلغ، فأجبر على العمل حفارا للخنادق مقابل دولارين.
الاكتشافات التي ساهم فيها تسلا كثيرة، منها الأشعة السينية وفكرة المحرك الحثي وموجات الراديو كلها راحت دون أن يستفيد منها ماديا، وفي آخر سنوات حياته قامت شركة ويستنغهاوس للكهرباء والصناعة بدفع 125 دولارا شهريا لتسلا، ودفع أجرة إقامته في فندق وظلت الشركة تدفعها حتى وفاته.
ما أكثر التسلات في الكويت، قد يكون في كل إدارة حكومية أو حتى قسم شخص يحدث له ما حدث لتسلا مع فارق التشبيه، تدخل دائرة حكومية مليئة بالموظفين ومن يعمل فعليا اثنان أو واحد، يقوم بكل شيء على أمل أن يحصل على ترقية أو مكافأة أو حتى اهتمام ولا يجد، يجتهد ويعطي من وقته وجهده ولا يصل لشيء.
تجد هذا الموظف أو الموظفة في بداية مشواره الوظيفي شعلة من النشاط والتفاني، وتمر عليه بعد خمس أو عشر سنين لتجد أن شعلته انطفأت بعد أن ترقى عليه زميله الذي يملك واسطة ولا يفهم في العمل شيئا، وأخذ المكافأة زميله الآخر عن طريق التملق (التغلغس) للمسؤولين، والاهتمام حصلت عليه الموظفة الجميلة الجديدة، ويستمر في المحاولة فيجلس سنين بين أروقة المحاكم حتى يحصل على حقه في الترقي ويحصل عليه بالقانون، إما بالتنفيذ تقوم إدارته بنفيه لمكان لا يعلم أحد من الموظفين بوجوده (وهذا المنفى الوظيفي موجود في أغلب الإدارات)، حتى يصبح عبرة لكل من تسول له نفسه من (التسلات) برفع قضية على الإدارة أو الوزارة، فيصبح مضربا للمثل ويتحول إلى مومياء ينتظر التقاعد وتمر الأيام لتنتهي الحياة دون إنجاز يذكر.