اليابان قبل عام ١٨٦٨، كانت عبارة عن مقاطعات يحكمها إقطاعيون بشكل شبه مستقل، تتصالح فيما بينها تارة، وتتحارب تارات كثيرة، إلى أن حصلت ثورة في نظام الحكم، ليرجع الإمبراطور (ميجي) وبمساعدة بعض المتنفذين أعطى الصلاحيات لنفسه، ليبدأ ومن معه بتشكيل اليابان الدولة المتخلفة حينا ونقلها لتصبح دولة عصرية لما عليها الحال الآن، فأصدر عدة قرارات منها إلغاء الطبقية، إلغاء نظام الساموراي ووقف المخصصات التي تصرف لهم من الدولة، وإلغاء النظام الإقطاعي.
بعد أن تم له ما أراد بأربعة أشهر فقط، اتخذ أفضل قرار بتاريخ اليابان الحديث، فشكل بعثة من أهم ثلاث شخصيات يابانية في حينها، و٥٠ آخرين من الطلبة والباحثين، وعين إيواكورا تومومي مسؤولا عليها بمنصب سفير فوق العادة، لتأخذ هذه البعثة اسمها منه ليصبح مسماها (بعثة إيواكورا)، وكان هدف البعثة نقل اليابان من التخلف إلى التطور عن طريق دراسة ميدانية للدول المتطورة وبعض الدول الأخرى، حتى يعرفوا السر وراء تطور الدول وتخلفها، فزاروا ١٢ بلدا و١٢٠ مدينة، وكان المبتعثون يجتمعون خلاله رحلتهم التي استمرت ١٨ شهرا ليتباحثوا ويتبادلون المعلومات ويدونوها.
عند عودة البعثة لليابان، أخذ المبتعثون بتكوين الفكر الياباني وتغييره ليتماشى مع لغة التطور المجود في العالم حينها، فمنهم من أسس أحزابا سياسية، ومنهم من أسس صروحا تعليمية، ومنهم من أنهى الحرب اليابانية الروسية بشكل سلمي، وهناك من أصبحوا سفراء، وغير هذه المهن التي طورت الفكر الياباني ليصبح لما هو عليه الآن.
تاريخ هذه البعثة فيه الكثير من التفاصيل المهمة، وقد حاولت بعض الدول العربية كمصر والمغرب بالقيام بنفس هذه البعثات، لكن لم تستطع أن تقوم بما قامت البعثة اليابانية، لأسباب عديدة، وقد يكون أهمها أن السلطات باليابان كانت مؤمنة بالتغيير أكثر من غيرها.