ذكر الكونت اﻹيطالي «لويجو فرديناندو مارسيلي» بعض مشاهداته أثناء زيارته لإسطنبول فيما يقارب عام ١٦٥٠م، أنه كان يوجد فيها ثمانون ألف ناسخ وخطاط، من أصل عدد سكانها نصف مليون تقريبا، بمعنى أن 16% من السكان يعتمدون في رزقهم على نسخ الكتب بكل أنواعها، وبالعودة للتاريخ قليلا إلى عهد السلطان بايزيد ابن السلطان محمد الفاتح الذي تولى الحكم بين عامي (1512-1481) وهو عصر قوة الدولة العثمانية التي سيطرت للتو على أهم عواصم العالم حينها إسطنبول وبداية سيطرتها على أوروبا، حدث حينها قرار تسبب بتأخير تطور الحضارة الإسلامية بشكل كبير، وهو إصدار فرمان يمنع استخدام الطابعة في نشر الكتب، بحسب ما ذكر بعض المؤرخين، وهناك الكثير من الفتاوى من الأزهر وغيره تحرم استخدام الطباعة في ذلك، والأسباب عديدة منها ضغط هؤلاء الناسخين الذين كان عددهم ضخما جدا لأن الطباعة ستقطع عليهم رزقهم، وأنه ممكن أن يحدث خطأ في طباعة القرآن أو الأحاديث النبوية.
قرار واحد نختلف على دوافعه وأسبابه لكن تأخر دخول الطابعة للعالم الإسلامي واقع لا شك فيه، وكان لهذا التأخر آثار مازال العالم الإسلامي يعاني منها إلى الآن، فالطباعة هي الاختراع الأجدر الذي جعل الثقافة والقراءة في متناول أغلب الناس، بينما كانت الكتب المنسوخة الغالية الثمن في متناول الطبقات الغنية فقط.
تقنية الجيل الخامس أو (الفايف جي) تقنية حديثة بالإنترنت، شعارها هو إنترنت الأشياء وتعني توصيل الإنترنت لكل شيء حولنا، كالسيارات آلية القيادة والمصانع والروبوتات وكل الأجهزة المنزلة كالثلاجة والغسالة، يتميز هذا الجيل بأنه سرعة الإنترنت فيه سريعة جدا، بحيث تستطيع التحكم بالروبوت الآلي الذي يعمل عملية لمريض في اليابان وأنت في بريطانيا بلحظات، دون أن يكون للتأخير أي خطورة على المريض.
رغم أهمــية هذه التكنولوجيا وتأثيرها على التطور العالمي إلا أن هناك رفـــضا أميركيا لها، الأسباب مختلفة أهمها أن هذه التكـــنولوجيا صينية والسماح بدخولها لأميركا سيجعل المعلومات المهمة الأميركية سهل الحصول عليها مـــن قبل الصين، لكن الفكرة أن التكنولوجيا عالم متجدد ومتراكم إذا رفضت أن تستخدم حلقة مهمة كالـــجيل الخامس من هذه التراكمات ستتأثر كثيرا، فأعتقد أن الولايات المتحدة بين مفترق طرق إما أن تتأقلم مع الصين أو تجد التكنولوجيا التي تنافس الجيل الخامس أو تتقبل الدرس التاريخي الذي حدث مع الدولة العثمانية، خصوصا بعد وضوح عدم مقدرتها على السيطرة على انتشار مرض كورونا وآثاره الاقتصادية.