تعاطي الدولة مع الأزمات هو ما يحدد تاريخها ومستقبلها، لا شك أن المرور بأزمة يجعل المجتمع في ضيق وقد يؤدي إلى انهيارات في عدة قطاعات، لكن الأزمات على سوئها إلا أنها تفيد الخبرة المجتمعية بتصحيح مسارها وتغيير تفكيرها إلى الأفضل، المجتمع الياباني كمثال، من أكثر المجتمعات التي تمر بأزمات، تارة يضربه زلزال مدمر، وتارة أخرى سونامي وأحيانا أعاصير وانزلاقات جبلية، على الرغم من سوء الظروف اليابانية إلا أنهم يرجعون أقوى وأصلب بسبب تعدد خبراتهم في التعاطي مع الأزمات، وأول ما يهتمون به بعد كل أزمة هو تجهيز المدارس لعودة الدراسة، بالتأكيد لم يصل المجتمع الياباني لفهم أهمية العلم والمعرفة إلا بعد المرور بخبرات وأزمات عديدة جعلتهم يفهمون أهمية التعليم.
كل الدول تمر بأزمات، لكن من النادر جدا أن يمر العالم كله بنفس الأزمة، وأزمة كورونا من هذه النوادر، والجميل فيها أنها توضح الاختلاف الثقافي والمعرفي في التعاطي مع الأزمة بين كل دولة وفي الوقت نفسه، فتجد اليابانيين كعادتهم مهتمين بعودة الدراسة، الأميركان مهتمون بقوتهم وسيطرتهم على العالم، فها هو الرئيس الأميركي في عز أزمة كورونا يهدد الصين وإيران وغيرهما من الدول، بينما البريطانيون أعلنوها منذ بداية الأزمة بأن الاقتصاد أهم من كورونا.
الطريقة الكويتية كانت مختلفة يغلب عليها الجانب العاطفي بشقيه الإيجابي والسلبي، الإيجابي هو تبرعات قام بها المجتمع ككل لمساعدة المتضررين من أزمة كورونا من المقيمين، وعمليات إجلاء لنسبة كبيرة من الرعايا الكويتيين بالخارج، أما السلبي فهو نبرات عنصرية من البعض ضد الكويتيين القادمين من إيران في البداية، ثم تحولت هذه العنصرية ضد المصريين الذين قدموا بآخر الرحلات قبل إغلاق المطار، وبعدها شملت هذه العنصرية كل المقيمين خصوصا الجنسيات التي ظهرت لديهم حالات إصابات كثيرة.
من الملاحظ كذلك في الطريقة الكويتية في التعاطي مع الأزمة هو التعلق بأسلوب حياة الرفاهية، فبينما تذكر التقارير أن أكثر من ثلاثين مليون أميركي فقد عمله على الرغم من أنه أقوى اقتصاد في العالم، نجد هناك مطالبات بعودة فتح الكافيهات والمطاعم لدرجة أن المطاعم رغم الإصابات بالفيروس التي حدثت فيها كان مسموحا لها أن توصل الطلبات خلال فترة طويلة من الحظر، والازدحامات الكثيرة التي حدثت وتحدث عند محلات القهوة العالمية، ومن الغريب والعجيب في أزمة كورونا أن هناك نوابا يهددون وزير التربية.