لم يبحث أي إنسان في الدنيا يوما عن شيء أكثر من بحثه عن السعادة وأسبابها وديمومتها في حياته.
فالسعادة هي الشعور الغامر بالفرح والرضا وكأنها طاقة إيجابية تسري في كل أنحاء الجسم لتضيء شمعة الفرح بالقلب، الأمر الذي يجعل من يشعر بالسعادة يرى الأمور بمنظور مختلف ولهذا يبحث عنها كل من سكن الأرض.
الغريب أن تعريف السعادة أمر غير واضح ولا يمكن تعميمه على الإطلاق لأن السعادة أمر نسبي وتختلف حدود السعادة ومفهومها من شخص لآخر، فالبعض يرى السعادة في تحقيق المناصب والبعض يراها في جمع الأموال أو السفر أو الزواج وتكوين الأسرة والحصول على الأبناء، والبعض الآخر يراها في قدرته على تسيير أموره لكثرة معارفه، وبعضهم يراها في تكريس وقته لموهبة أحبها إلا أن أغلب الفلاسفة وعلماء الاجتماع والمنطق لا يربطون السعادة بمؤثر خارجي قد يزول أو قد يكون مرتبطا تحقيقه بالاستفادة من تبعاته ومثال على ذلك ان كانت السعادة بتكديس الأموال فالأولى أن يكون الشعور بالسعادة في استخدام المال لا جمعه إذ لا اعتقد أن رجلا قام بتجميع الأموال ولا يستطيع صرفها تحت أي مسمى يشعر بالسعادة والأمر منعكس على المنصب والزواح والشجاعة فكلها تحتاج إلى أن تستفيد من تبعاتها.
يقول «كونفوشيوس»: إن كثيرين يبحثون عن السعادة بما هو أعلى منهم وآخرين يبحثون عنها بما هو أوطى منهم لكن السعادة هي بطول قامة الإنسان فقط.
لا توجد سعادة بمؤثر خارجي وإن وجدت فإنها قصيرة الأمد، بل الرضا والشعور بالفرح ينبع من داخل الإنسان إلى خارجه وليس العكس.
يقول احد الحكماء: إذا ما انصرفت إلى المهمة التي بين يديك متبعا العقل الصحيح بكل جد وبنية خالصة دون أن تسمح لأي شيء بأن يشتتك محافظا على الجانب الإلهي فيك نقيا خالصا ثابتا كما لو كان مقدرا لك أن تموت حالا، إذا تمسكت بذلك غير طامع في شيء ولا متوجس من شيء بل راضيا بكل ما تقول أو تفعل وتقصد فسوف تعيش سعيدا ولن يملك أي إنسان أن يصدك عن ذلك.
ولن أقول أكثر من: «أدام الله السعادة في قلوبكم ولا أدام ربع النكد والتنكيد».